عزبة الصيادين تبحث عن طوق نجاة.. وسكانها يحلمون بحياة كريمة

أحد بيوت عزبة الصيادين
أحد بيوت عزبة الصيادين

كتب: أشرف شرف - أحمد سليم
المهنة صياد، والحال بلا عمل، بيوت خاوية من المئونة والأمان، جدران هشة ورطبة لا تحمى قاطنيها، وممرات متداعية مظلمة نافية للرغبة فى العيش، رائحة اليأس تفوح وتمتزج بآلام العوز، أهالى عزبة الصيادين بأبى قير شرق الإسكندرية منزوعة آدميتهم، يحترفون ركوب الأمواج العاتية، ولكنهم على البر يغرقون ويستغيثون طلبا لطوق نجاة، البحر أمامهم بوعود للرزق لا تتحقق، وحرائق المخلفات والنفايات خلفهم تخنقهم، فى مساكن لا تصلح للحياة.
«الأخبار» انتقلت إلى عزبة الصيادين لرصد معاناتهم التى ينتظرون الوصول لحل لها من قبل مسئولى المحافظة.


الحاجة أم جودة
«هى المرة الأولى فى عمرى أن أرى الصيادين ينتظرون إعانات»، هكذا يقول بمرارة الشيخ جابر دراوى (80 سنة) من أهالى المنطقة، ويضيف الصياد العجوز «أنا لا أتحدث عن نفسي، فقد عشت أعوام خير كثيرة، ولكن لدينا أطفال وبنات لا يجدون اللقمة ولا العلاج»، ولأن توقف نزول البحر لتطبيق قرارات حظر الصيد زاد معاناتنا، فلم تعد مشكلتنا فقط العيش فى بيوت غير آمنة وآيلة للسقوط، ولا الحرمان من الخدمات اللائقة بتاريخ أبى قير أحد أهم معالم الإسكندرية التاريخية.


الحاجة «أم جودة» قالت بصوت خافت من نافذة البدروم فى البيت المائل: «أنا مريضة وابنى صياد وبلا عمل ولا دخل منذ رمضان الماضي، ويلتقط منها خيط الحديث المأساوى الأربعينى (حسن فراج): معدات الصيد ضاعت فى البحر وهى كل رأس مالنا أنا وفريق الصيادين على القارب الخشبي، تركناها ذات ليلة كعادتنا بعد العصر فى البحر لتجميع رزقنا من الأسماك، وعند الفجر حاولنا نزول البحر لالتقاط رزقنا، فوجئنا بقرار منع الصيد، وجرفتها الأمواج.


ويضيف أحمد حسن 32 سنة، التاجر يأخذ نصف ثمن انتاجنا من السمك، والباقى يتم توزيعه على خمسة رجال هم طاقم المركب، أما البلنصات الكبيرة فيعمل عليها أكثر من 20 صيادا باليومية، ولكنها راسية على البر منذ أشهر، ولا نرى بارقة أمل فى حلول قريبة، وحتى فى حالة نزول البحر ليوم أويومين، قبل حلول النوات، البيوت تحتاج إلى ترميم حتى لا تسقط على رءوسنا، والحى يمنعنا من الترميم، أو إصلاح مايمكن إصلاحه من التصدعات والشروخ، ولو سمح فلا توجد لدينا تكلفة الإصلاح.


وتهمس «عواطف السيد» على استحياء: «بيوت كثيرة هنا عبارة عن غرف مستقلة، كل أسرة تعيش فى غرفة، بينما المطبخ فى ممر مشترك، والحمامات بلا ساتر سوى قطعة قماش، وفى الشتاء تدخل الأمطار المختلطة بمياه الصرف بيوتنا، ولا تمنعها الأحجار والشكاير التى نضعها لحجبها.


وعود كثيرة
إسلام عبد الله صياد شاب انطلق فى الحديث: «سمعنا عن لجنة من مجلس النواب سوف تأتى لزيارتنا للتعرف على مشاكلنا، ولكن لم يأت أحد، كنا نراهم قبيل الانتخابات، محملين بوعود كثيرة عن حلول لمعاناة أهالى العزبة، ولكن الوعود تبخرت».
ويوضح الحاج رشدى عرفة من أهالى أبى قير أن عزبة الصيادين الحياة فيها طاردة وخاصة للشباب المتعطلين، وقد ظهرت على الخريطة منذ عدة سنوات مآسى عودة بعض شباب أهل القرية جثثا فى توابيت بعد محاولات فاشلة للهجرة غير الشرعية، ولكن منذ مايقرب من 3 أعوام توقفت تماما محاولات الهجرة، وأهم مطالب الصيادين وهم غالبية أهل العزبة، أن يتم السماح لهم بممارسة مهنتهم التى لا يعرفون غيرها، وتحسين أحوالهم المعيشية، ووضعهم على خارطة مشروعات التنمية الحضارية لعشوائيات الإسكندرية.


عشوائيات خطرة
د. عبد العزيز قنصوة محافظ الإسكندرية يقول إن الثغر سوف يودع العشوائيات الخطرة تماما مع انتهاء العمل فى (بشاير الخير 3)، والتى يجرى تشييدها الآن وتتضمن إنشاء 10 آلاف و624 وحدة سكنية إلى جانب مناطق خدمية وتعليمية وتجارية وترفيهية، وتستهدف نقل سكان 8 مناطق متبقية من العشوائيات الخطرة إلى مناطق حضارية، أما بقية المناطق العشوائية التى تعانى سوء التخطيط ونقص المرافق والخدمات فسوف تخضع للتطوير حسب احتياجات كل منطقة، وهذا الأمر لابد من توضيحه لأهالى تلك المناطق لأن هناك شائعات مغرضة تنتشر بينهم بأن مساكنهم ستتم إزالتها بالكامل. . وتابع بقوله: «هناك أكثر من منطقة كمثال البيوت التى تعتبر خطرة فيها لا تتعدى 200 بيت، أما بقية منازل المنطقة فهناك إمكانية لترفيقها وتطويرها وتحسين الخدمات بها، وإجمالا أستطيع إن أقول أن المناطق غير المخططة والعشوائية سوف تطولها خطة التطوير لصالح سكانها، ولن نسمح بإضافة عشوائيات جديدة وسوف يتم تطبيق نموذج «مثلث ماسبيرو» على الأجزاء التى تتطلب إعادة تخطيطها وتنميتها عمرانيا، وهو مايسمى «بيزنس موديل» فالمالك لمنزل أو قطعة أرض أو وحدة سكنية أمامه عدة اختيارات إما بيعها بما تستحقه من قيمة سوقية، أو تعويضه عنها بوحدة فى موقع آخر، أو الخروج المؤقت والعودة بعد انتهاء خطة التطوير الحضارى.