إنها مصر

«بخبك موهمد»!

كرم جبر
كرم جبر

والله العظيم ضحكت عندما شاهدت شريط المقاول مع بنت أسبانية، وهو بينادى «الحاج ناصر» يشوف الإفيه ده، والبنت بتبوسه وتقوله «بخبك موهمد».. «أجين.. شفت أحمد زكى».
المسخرة اشتغلت، ودول عيال مجانين، نتعامل معهم كمتخلفين عقلياً، دون أى اهتمام، مثل قرود فى السيرك تضحك على حركاتهم السخيفة.. لماذا بعض الناس زعلانين.. من المهاويس دول؟
والأخ الثانى «أبو دمعة»، شمبانزى فى الغابة، ماسك حبلين وحلقتين وعمال يتشقلب، الوش العكر شفناه فين قبل كده؟.. شمبانزى أصيل، مارس علينا أسوأ أنواع المسخرة فى أيام الفوضى.
بالذمة، نتعامل مع هؤلاء بأى نوع من الجدية، أو نشغل دماغنا بهم، أو نأخذ كلامهم باهتمام.. فقط اتفرج واضحك، لتعرف جيداً أن الحاجز بين العقل والجنون شعره.. واتقطعت.
طيب الواد المقاول، اللى عمال يتكلم عن الغلابة، الذين لا يجدون «فرخة»، مين هيصدقه وهو عايش بسيجارة وكأس وداعرات، ويتباهى بذلك ويتفاخر، ويغيظ الحاج ناصر!
هل يصح من قريب أو بعيد أو بأى شكل، وضع هؤلاء المهابيل بجوار أبطال الجيش المصرى العظام، الذين يبذلون قصارى جهدهم لرفع شأن مصر، ويقدمون أرواحهم ودماءهم دفاعاً عنها؟
مش عارف أقارن بأى صورة من الصور، بين رجال وطنيين، يرفعون اسم البلد ويدافعون عنه، ويتصدون لأكبر خطة تنمية عرفتها مصر فى تاريخها.. و«بين دول».. مش نافع.
لكن علينا أن نعترف أن «سوشيال ميديا» أصبحت سرطاناً يصيب العقول والأفكار، إذا لم يتم التصدى لها سريعاً، قبل أن تنتشر خلاياها المدمرة فى الجسد.
لا نتأفف من الرد على المخبول والأهبل، لأن هناك من يصدقهم، وتعجبه حركاتهم، وكم من شاب يتمنى أن يكون طرزاناً فى الغابة، أو تقبله فتاة أسبانية.. ليس الجميع أسوياء وعقلاء.
أخطر أمراض «سوشيال ميديا» الميل إلى التصديق السريع، فإذا كتبت «فلان خائن» اشتغلت التعليقات فوراً، وتنقب عن خيانته وتخترع حكايات مؤلفة.. وإذا قلت عظيم.. «فعلاً عظيم».
سوشيال ميديا دشنت سياسة القطيع، والقطيع يدمر الوعى ويحجب الرؤية الصحيحة، ويشعل عالماً سرياً افتراضياً بعيداً عن الدول والحكومات، يستيقظ بعد منتصف الليل، ويسيطر على أجواء الفضاء الفسيح.
ليس صحيحاً أن «سوشيال ميديا» لا تؤثر.. على الأقل تملأ النفوس بالتمرد والغضب والحقد، وتهدر القيم والمبادئ والقوانين، وتبيح الشتائم والسباب والفضائح.. دون أن يعاقب مرتكبيها.
المسألة أكبر بكثير من مهابيل السيرك، وتقف وراءها دول وحكومات، وواجب الإعلام هو إيقاظ الوعى، ومعه المسجد والكنيسة والمدرسة والبيوت.
السؤال الذى يشغلنى: هل تستطيع وسائل الإعلام، أن تجذب نسبة من هذا العالم السرى تحت مظلتها، فترشد اتجاهاتهم وتوضح لهم الحقائق؟
بالقطع نعم.. وزمان أيام صحافة الآباء والأجداد، كان فيه أبواب اسمها «أبواب القراء»، نافذة واسعة محترمة لإجراء حوارات مع الحيارى والمتسائلين، التكنولوجيا تفتح أبواباً أوسع.