صور| «سبلايز» المدارس.. «سبوبة» كل عام

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أولياء الأمور: مرتب شهرين ضاع فى ساعة.. وخبير اقتصادى: الغاوى ينقط بطاقيته!

صلصال طبى.. صابون سائل لليدين.. لانش باج.. ستيكى نوتس.. أكياس شيش طاووق.. مسميات جديدة انضمت إلى قائمة الطلبات المدرسية أو «السبلايز» كما تسميها مدارس اليوم.

فخلال الفترة الحالية تتردد تلك الأسماء على مسامعنا تزامنا مع بدء العام الدراسى الجديد، لتتشكل معها ميزانية ضخمة تمثل عبئا على كاهل كل أسرة مصرية تستقبل عاما دراسيا مليئا بالقلق والتوتر والمصاريف التى لا تنتهى حتى انها أصبحت « سبوبة » كبيرة للمدارس والمدرسين واصحاب المكتبات ، والضحية فى النهاية «ميزانية المواطن».

«بوابة أخبار اليوم» انتقلت إلى الفجالة والتى تعتبر من أهم وأول مقاصد كل أسرة مصرية للحصول على متطلبات المدارس بأسعار معقولة وتوافر كل الأدوات على كل شكل ولون، فمنذ اللحظة الاولى التى دخلنا بها منطقة الفجالة لاحظنا اقبالا متوسطا من المواطنين على الشارع وان الغالبية العظمى من المتواجدين هم تجار الجملة أو أصحاب المحلات والمكتبات الذين يشترون بأسعار الجملة لمحلاتهم، اما عن المواطنين فقد كانت أعدادهم بسيطة ولم يكن المكان مزدحما كعادته.


اتسمت الفجالة كعادتها السنوية بمظاهرها الاحتفالية بالعام الدراسى الجديد ، فعرضت المحلات منتجاتها المختلفة من أدوات مدرسية وشنط ولانش بوكس وكراسات وكشاكيل بمختلف ألوانها وأشكالها على الحوائط والطاولات وداخل الكراتين على الأرصفة، وكان البطل الذى يتصدر المشهد هذا العام هو اللانش بوكس ، والذى يعتبر أهم وأول متطلبات المدارس هذا العام ، وهو ما جعله اول مايسأل عنه من قبل اولياء الامور والطلبة ، واتسعت دائرة الطلبات لتشمل مستلزمات غريبة تعجب أولياء الأمور من وجودها ضمن قائمة مدرسية.

مرتب شهرين

خلال جولتنا قابلنا حنان أحمد، ولية أمر لطفلين فى مرحلة الروضة، صادفناها تسأل البائع عن بعض المستلزمات لطفليها، وما أن اقتربنا منها حتى بدأت فى بث شكواها قائلة : « ولادى لسه مكملوش 7 سنين ومكلفنى فى يومين بس أكتر من ماهية شهرين كاملين عشان مستلزمات الحضانة، سواء شنط أو لانش باج ومعاها لانش بوكس ومناديل وديتول وورق فوم واقلام بورد وأفرخ فوم جليتر وزراير، وحاجات غريبة مكنتش اتوقع ابدا وانا بقدم لولادى أنى ألاقيها مطلوبة منهم، وبدون مبالغة أنا عديت ألفين جنيه فى لفة مخدتش منى ساعة زمن، طب دا يرضى مين وفى شرع مين».

وتضيف حنان أن طفلها الأكبر كان فى مرحلة الروضة الأولى العام الماضى وكانت الطلبات أقل مما واجهتها هذا العام مع اخته الصغيرة، موضحة أن المدارس والحضانات أصبحت تتنافس فيما بينها لابتكار أنشطة جديدة حتى تجذب الأهالى الذين يصطدمون بالمصروفات الداخلية بعد التقديم لأولادهم.

مريلة بلاستيك

أما منى عبد الله، مهندسة، فكانت تصطحب معها 3 اطفال أولهم فى الصف الرابع الابتدائى والأوسط فى الثانى الابتدائى أما الأخيرة فكانت فى

مرحلة الروضة

وما أن بادرنا فى الحديث معها حتى بدأت فى التعبير عن ذهولها من تطور المستلزمات التى بدأت المدارس فى طلبها على قائمة الطلبات العادية التى اعتادت علي تجهيزها لأطفالها، فتقول: « انا متعبتش فى اولادى الاتنين أد ما تعبت فى اختهم التالتة، المدرسة بدأت تطلب حاجات غريبة.. مثلا طالبين منى «مريلة بلاستيك بكم» وطبعا انا دوخت السبع دوخات ومش لاقياها».

وتوضح أنه قديما مستلزمات المدارس كانت رحلة واحدة للفجالة وينتهى الامر، أما الآن فنتنقل من الفجالة للعتبة ثم حمام التلات لإحضار «عصى الشيش طاووق» والمريلة وعلب المناديل والخرز وغيرها من الطلبات الغريبة.

كانت أزمة «السبلايز» هى الأوضح داخل الفجالة ومع ذلك فكانت أسعار المستلزمات المدرسية العادية متفاوتة لكنها فى متناول الجميع، فتراوحت أسعار الكشاكيل السلك والتى كان الإقبال الأكبر عليها ما بين 5 جنيهات إلى 24 جنيها، وفقا لحجم وعدد صفحات كل كشكول، أما الأقلام فكانت الدستة ما بين 19 إلى 45 جنيهاً.

وبالنسبة للانش بوكس فكل خامة ولها سعر وتراوحت ما بين 25 جنيها لأردأ الخامات وصولا إلى 250 جنيها. ومع ذلك فكانت أسعار الشنط المدرسية هى الصدمة الكبرى للأهالى فخلال جولتنا التى تعدت الساعتين بين أروقة الفجالة اصطدمنا بأسعار غريبة لشنط المرحلة الاعدادية فبدأت من 250 جنيها ثم 375 وصولا إلى 425 جنيها، مما يعنى ان تكلفة الشنط الفارغة دون أى مستلزمات لأسرة لديها 3 أطفال يمكن أن تصل إلى 1500 جنيه،أما شنط الأطفال سواء روضة أو ابتدائية فكانت من 85 جنيها وصولا إلى 200 جنيه.

انخفاض ملحوظ

وبالرغم من ارتفاع أسعار المستلزمات الجديدة بقائمة الطلبات إلا أن الحاج حسن عبد الفتاح مدير مكتبة فنون أكد أن هناك انخفاضا ملحوظا فى اسعار الادوات المدرسية الأساسية مقارنة بالسنوات الماضية وارجع ذلك إلى انخفاض اسعار الورق العالمية بنسبة 15% وهو ما جاء تباعا بعد انخفاض سعر الدولار الجمركى ، واشار إلى ان التخفيضات على الادوات المكتبية بدأت من 15 يوليو وستستمر حتى 30 سبتمبر، حتى تتحقق المنفعة الكاملة لكل اسرة مصرية من التخفيضات ، وأكد ان اسعار المستلزمات المدرسية التى تباع بالجملة شهدت ايضا انخفاضا ملحوظا بنسبة تتراوح بين 20% و30%.

وفى نهاية حديثه، اشار إلى ان تجار الجملة فى منطقة الفجالة يشعرون بالمواطن المصرى والأعباء التى تقع على عاتق كل اسرة فقرروا ان يتم البيع للمستهلك بنفس سعر بيع الجملة من اجل تشجيع المواطنين على الشراء، بالاضافة إلى تسهيل العقبات امام كل مواطن يرغب فى تلبية احتياجات مدارس اولاده التى تثقل بشكل كبير على عاتقه من مصروفات وأعباء اقتصادية.

أما طاهر الازهرى نائب رئيس شعبة الادوات المكتبية فأوضح ان الاقبال على الادوات المكتبية هذا العام منتعش نظرا لانخفاض اسعار الادوات المدرسية واضاف انه يأتى ذلك تنفيذا لمبادرة «كلنا واحد» التى تم اطلاقها فى العديد من الميادين موضحا انه اطلق مبادرة الالف شنطة لتوزيعها على الاطفال غير القادرين بالمدارس بالمناطق النائية.

من جانبه أضاف سمير عبد الفتاح رئيس اتحاد شاغلى الفجالة ان الاسعار ترتفع وتنخفض طبقا لجودة المنتج وان الزبون لديه كامل الحرية فى اختيار الادوات المدرسية بالاسعار التى تناسب ميزانيته.

وأوضح أن عددا كبيرا من التجار رفع شعار «تخفيض الاسعار» من اجل المساهمة فى تخفيف العبء عن الاسرة المصرية فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى نمر بها خلال هذه الايام، وأكد ان المبادرات التى تطلقها العديد من الجهات الحكومية لتخفيض اسعار الادوات المكتبية هى مبادرات لتخفيف المصروفات على الاسر ، وأكد على ضرورة احكام الرقابة والسيطرة على الاسواق من اجل تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص.

الغاوى ينقط

«الغاوى ينقط بطاقيته» هكذا لخص د.فخرى الفقي، أستاذ الاقتصاد الدولى بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ازمة «السبلايز» التى تعالت بها أصوات أولياء الأمور، موضحا أن الأشخاص المتضررين من طلبات المدارس الغريبة ومرتفعة السعر، كان عليهم من البداية التعامل مع المدارس الحكومية وفقا لامكاناتهم.

ويشير إلى ان المدراس الخاصة هى استثمار تعليمى ولا يجب التهديد بأمن هذا الاستثمار الذى اصبح أساسا من أساسيات الحكومة والدولة، ويوضح أن تكلفة التعليم الخاص الباهظة تساوى النتيجة التعليمية الجيدة التى تقدمها للطالب والتى تقدمها المدارس الخاصة وأن هذا الارتفاع فى الأسعار هو أمر طبيعي نتيجة للتضخم وارتفاع المعيشة للمواطن المصرى، وان هذا الارتفاع يتماشى مع عملية متسلسلة من الحلقات وليس مفاجئا.

ويقول: "الزى المدرسى ومتطلبات المدارس ليس من اختصاصات وزارة التربية والتعليم ولكنه من اختصاص الغرف التجارية"، موضحا أن حل الموضوع لن يكون بالهجوم على الاستثمار التعليمى والذى يضخ العديد من الأموال للدولة".

ويشير إلى أن وزارة التربية والتعليم تعمل على تطوير المناهج والعملية التعليمية فى مصر تحت ريادة د. طارق شوقى، طبقا للمنظومة الجديدة التى تنفذها الوزارة بدقة عالية ويجب أن نشجع المنظومه التعليمية الجديدة والتى تقوم على مفهوم «ماذا فهمت وليس ماذا حفظت».

ويؤكد أن ما يهدد نجاح هذه المنظومة هو «مافيا الدروس الخصوصية» التى تجذب الطلاب بالخارج إلى ما يعرف ب» المراكز التعليمية» وعدم اهتمامهم واستيعابهم داخل المدرسة والاستماع إلى المعلم، ويخشى أن استمرار ظاهرة الدروس الخصوصية يكون تهديدا للمنظومة الجديدة.

عنصرية وطبقية

من جانبها توضح د. سامية خضر، استشارى علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، فيما يخص ارتفاع أسعار المدارس الخاصة والاستثمارية والمتطلبات الجديدة للمدارس، أن الفرق بين الأسر المصرية والأسر فى العالم الغربى من ناحية التعليم هو «التفرقة العنصرية الطبقية»، والقواعد الأساسية التى يقوم عليها المجتمع الغربي.

وتوضح أنهم بالخارج يقومون بغرز القيم الصحيحة بين الطلاب فى المجتمع الغربى ومن بينها « عدم المقارنة، عدم التنمر او التقليل من قدر شخص ايا كانت « كنيته»سواء كان فى تعليم تابع للدولة او خاص، وأن الصغير قبل الكبير فى الخارج يعمل لأنه يعلم أن ذلك هو الملجأ الوحيد لإطعامه، وأنهم يقومون بغرز فكرة عدم المقارنة والتأكيد عليها من جانب المنزل قبل المدرسة، وأن الثقافه التى يقوم عليها المجتمع الغربى عدم الحقد او النظر للآخرين ولكن الثقافة القائمة «اعمل لكى تنال».

وتشير إلى انه ليس مجتمعا مثاليا ولكنهم يحاولون الحد من الطبقية والعنصرية وذلك بداية من النشء وغرز ثقافة أن الكل فى حاجة الكل من اصغر عامل إلى رئيس الدوله، وعدم النظر والحقد على الآخرين، والاهتمام لديهم بهذه الثقافه لا تكون من زوايه واحده فقط بل تكون من جميع النواحى بداية من الإعلام إلى المدرسة إلى الأسرة ليكون حل الموضوع من جميع النواحى.

وتؤكد ان العالم بأكمله يحتوى على طبقية وعنصرية، وأن كل الأفراد ليسوا متشابهين ولكن هناك بعض الأفراد يحملون الانسانية بقلوبهم، ويعملون ليحصلوا وليس بالحقد والنظر إلى الآخرين، وتقول ان الحياه متقلبه ويعنى انك يوم فى رغد ويوم فى مشقة وتعب.

وتضيف مثال أن دولة كندا استقبلت 50الف سورى ولكن لا يجرؤ احد ان يقول انت لاجىء او من اهالى الدولة وذللك للحد من العنف والطبقية بين الأفراد، وأن القانون فى العالم الغربى صارم من الناحية الانسانية قبل النواحى العامة والمادية وتعتبر أن التنمر والعنصرية بين الأفراد جريمة يعاقب عليها القانون.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي