إضاءات

«نظرة» فاروق

عاطف النمــر
عاطف النمــر

للصديق العزيز فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، جاذبية خاصة فى الحوار، خاصة عندما يكون المحاور بوزن الكاتب الكبير حمدى رزق، صياد العبارات والجمل والأفكار التى يطرحها محاوره بعفوية، والتى من الممكن ان تمر مرور الكرام على آخرين، لا تستوقفهم لينبشوا فيها ويستخرجوا منها " مانشتات " بارزة تضفى على الحوار ثقل وانفرادات، ومن مميزات فاروق حسنى-حتى عندما كان وزيرا للثقافة-أنه قبل ان ينطق بلسان الوزير " رجل الدولة الدبلوماسى " فهو ينطق بما يعتمل فى داخله كفنان، ومن سمات الفنان المثقف الواعى التمرد على الواقع عندما يراه قبيحا فيعمل على تغييره، ولهذا أسس عندما كان وزيرا الجهاز القومى للتنسيق الحضارى لمحاربة كل فعل قبيح يتسبب فى تشويه العمارة التاريخية ويحافظ عليها ويجمل ما يمكن تجميله، لكن الجهاز المرتبط فى عمله بالمحليات لم يقم بدوره كاملا.
أسرنى فاروق حسنى فى حواره مع حمدى رزق ببرنامج " نظرة " باقتراح تحويل المتحف المصرى بميدان التحرير إلى أكبر اكاديمية لدراسة علم المصريات فى العالم، اقتراح وجيه والعائد منه عظيم لو فعلا تم التنفيذ، والفكرة تشكل إضافة ثقافية علمية كبيرة لا تخرج إلا من عقل مثقف كبير لديه رؤية متجددة دائما تشهد عليها البنية التحتية الثقافية التى تحققت فى عهده من خلال المتاحف النوعية ومراكز الابداع الكثيرة، وقصور وبيوت الثقافة التى انتشرت فى كل المحافظات واهملت من بعد تركه للوزارة وغيرها من المشاريع الثقافية الكبرى وفى مقدمتها المتحف الكبير، وأود أن اذكر ان لفاروق حسنى إسهامات فى مجالات أخرى بعيدة عن عمله كوزير للثقافة اخذ به ونفذت فعلا فهو صاحب اقترح إقامة نفق الأزهر، واتذكر انه اقترح إقامة طريق استثمارى حربمحاذاة النيل على طول خط الصعيد حيث توجد غابات النخيل والنيل والآثار لفتح أبوابا كثيرة للرزق.
أستوقفنى فى حواره مع الزميل حمدى رزق مصطلح جديد نحته فاروق حسنى اسماه " عشوائيات الأغنياء" المتمثلة فى الابراج الشاهقة التى دمرت بقبح الثراء بصمات التاريخ فى المدن وعواصم المحافظات التى كان لها شخصيات معمارية حضارية متميزة، يد الفساد امتدت لكل ما هو جميل وحضارى فضاعت القصور الاثرية والفيلات التى هدمت وزرع مكانها علبا اسمنتية شاهقة وقبيحة، مطلوب الالتفات لكل ما قاله فاروق حسنى، خاصة ان هناك اهتماما ورعاية من الرئيس عبد الفتاح السيسى لمشروع إحياء القاهرة التاريخية، الرجل صاحب رؤية وخبرة وخسارة إلا تستفيد مصر من خبرته الطويله ورؤاه الثقافية الحضارية.