حواديت جحا

أنا عنصرى!

محمد العراقى
محمد العراقى

قضبان من الحديد تحاوطه من كل الجهات.. طوفان من المحامين لم يهتموا بصرخات الأمن المطالبة بالنظام .. قنوات من الإعلام من كل حدب وصوب تكالبت انتظارا لكلمة رسل الله فى أرضه.. رجل ملابسه بسيطة امتازت بالأناقة يقف فى نهاية منصة تعلوها كلمات من آيات الذكر الحكيم «إِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ».. لحظات ويصرخ هذا الرجل قائلا «محكمة»، ويطل بعدها ثلاثة من الرجال امتازت وجوههم بالبشاشة والملامح الطيبة ليجلسوا فوق المنصة، بمجرد دخولهم سيدهشك هرولة الجميع لفرض النظام الذى كان غائبا منذ لحظات ولكن هيبتهم جعلته يعود طوعا لا أمراً.. أعلن رئيس المحكمة: «بسم الله نبدأ الجلسة» موجهاً وجهه للحاضرين الذين زاغت أبصارهم تائهة ما بين النظر للقضاة، وذاك الشاب الجالس داخل القضبان ونظراته حائرة وكأنه ليس بموجود بينهم.. ثانية واحدة كانت كافية ليحسم القاضى نظرات الحضور صوبه، ولكنه اختار أن يتجه بوجهه البشوش لذاك الفتى قمحى اللون الجالس فى ذاك القفص مناديا باسمه ليستبين حضوره من عدمه «فلان موجود»، وتتجه أبصار الحضور لذاك الفتى مرة أخرى ويجيبه بصوت متهدج واثق من نفسه «أفندم» وتظل أنظار الحضور منذ تلك اللحظة متنقلة سجالا بين القاضى الذى يسأل والمتهم الذى يجيب.. ويبادره القاضى قائلا له «يا... أنت متهم بأنك عنصرى واعترفت كمان عندك أقوال أخرى» ليسرع بعدها ذاك الشاب الشاحب اللون ولكن ملامحه امتلأت بالنضارة قائلا «لا يافندم بس أتمنى حضرتك تسمعنى الأول».. ليجيبه القاضى قائلا «عايز إيه انت مش معاك محامى هيتكلم باسمك»، ليقاطعه مسرعا «يافندم حضرتك الموضوع مش محتاج محامى أولا لأنى واثق فى عدالتكم ثانيا لأن مفيش إنسان هيعرف يدافع عنى غير نفسى».. ورد القاضى  «أتفضل يا سيدى بس اتكلم فى المفيد»..  «سيدى القاضى لست هنا دفاعا عن نفسى فى قضية تشرف الجميع بل أنا هنا لأسجل موقفا تربيت عليه منذ صغرى، عشته فى طفولتى، عاصرته فى بداية مراهقتى، آمنت به فى شبابى، شأنى شأن سيادتكم وشأن الحضور».. «سيدى القاضى منذ نشأتى وأمى فطرتنى على كره نجمتهم الزرقاء، كبرت وأنا أرى طغيانهم وسفكهم الدماء.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي