تكرار الظاهرة لا يُعلم الباحثين عن الثراء السريع

«المستريح».. يأكل أموال «المصريين» !

صورة موضوعية
صورة موضوعية

- 3 بالاسكندرية يستولون على 10 ملايين جنيه.. ونصاب «التجمع» يجمع 40 مليوناً من ١٤ ضحية

- المستشار أبوالدهب محمد: يعتبر جنحة فى القانون !

- البحث الجنائى: بدون طمع لا يوجد نصاب.. ولابد من تعديل قانون العقوبات


ظاهرة المستريح يبدو أنها قدر المصريين!..فرغم تكرار حوادث النصب على المواطنين وايهامهم بتوظيف اموالهم الا أن الآلاف من المصريين الباحثين عن حلم الثراء السريع يقعون فريسة لهؤلاء النصابين الذين يتاجرون باموالهم وسرعان ما يستحوذون عليها ويلجأون للفرار ولا يتبقى للمواطن الا الشكوى والبحث عن المستريح.

الأخبار فى هذا الملف تستعرض أهم المستريحين الذين ظهروا فى الفترة الاخيرة وكيف استطاعوا الايقاع بالآلاف من الابرياء من ضحاياهم وتعرض الامر على خبراء القانون والبحث الجنائى لمعرفة حل تلك الظاهرة وتستشير خبراء النفس والاجتماع لتقديم نصائح للمواطنين.


كانت آخر الضبطيات بمحافظة الاسكندرية، عندما نجحت قوات الأمن من ضبط ٣ اشخاص متهمين بممارسة أعمال النصب والاستيلاء على مبالغ هائلة من عدد من المواطنين تصل لعشرة ملايين جنيه، بهدف تشغيلها فى تجارة السيارات مقابل الحصول على مبالغ مالية شهريا، لكنهم اكتشفوا مؤخرا انها كانت وعود فى الهواء ورفض المتهمون رد المبالغ الاصلية.


وتكرر المشهد ب» التجمع» بالقاهرة، عندما تعرض 25 مواطنا للنصب فى أكثر من 40 مليون جنيه، حيث أوهم تاجر أدوات كهربائية ضحاياه بتوظيف أموالهم مقابل عائد شهرى، ولكنه امتنع عن السداد.


ويتكرر السيناريو مرة اخرى فى كل من محافظة الفيوم ومحافظة سوهاج، وتمكنت الاجهزة الأمنية من ضبط 3 أشخاص لاشتراكهم مع اخر بالاستيلاء على أكثر من 10 ملايين جنيه من مواطنين بقصد توظيفها، حيث تلقى قسم مباحث الأموال العامة بمديرية أمن الفيوم بلاغا من 11 مواطنا يتضررون من 4 أشخاص لتحصيلهم مبالغ مالية منهم بقصد توظيفها واستثمارها فى مجال تعبئة وتوزيع زيوت الطعام، والاستثمار العقارى مقابل عائد سنوى إلا أنهم عجزوا عن سداد قيمة الأرباح وامتنعوا عن رد أصل المبالغ والبالغ قيمتها عشرة ملايين وستمائة واثنين وسبعون ألف جنيه.


وفى محافظة سوهاج استولى مستريح جديد على 5 ملايين جنيه و500 ألف من 4 مواطنين فقط، بهدف توظيفها فى تجارة الأدوات الكهربائية، وتمكن ضباط مباحث الأموال العامة من ضبط المتهم بعد أن تأكدت التحريات من مكانه، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة.


5 مستريحين
من الغريب وجود أكثر من خمس حالات لتلك الظاهرة الغريبة بمحافظة واحدة مثل محافظة الغربية فمن اكثر القضايا التى تاثر بها الرأى العام «مستريح محلة منوف « والذى يعمل مهندسا زراعيا بالغربية يدعى «ر ا ص 47عاما «، حيث يقوم بجمع أموال من المواطنين بحجة استثمارها وتشغيلها فى المحاصيل الزراعية والغلال ومشتقات اخرى من هذا القبيل مقابل ارباح خرافية تصل إلى 25 بالمائة سنويا واخرى ربع سنوى ونصف ايضا ليذيع صيته بالمحافظة والقرى المجاورة ليجمع ما يزيد عن 500 مليون جنيه ويفى بوعوده لمدة اشهر وتتعثر التجارة كما يروى لسيطرة مجموعة من التجار على منافذ السوق ويتجه إلى العقارات ويجمع الاكثر وتعلو شهرته وتتهافت الاشخاص عليه،والكل فى حالة غيبوبة نتيجة الارباح الخرافية والوعود الكاذبة، ومازالت اشهر العسل والارباح مستمرة والنشاط يتسع لتجارة السيارات والضحايا فى زيادة فالكثير منهم صار يعمل فى استقطاب الافراد راغبى الكسب السريع لينضموا إلى قائمة المستريح باموالهم وسرعان ماينكشف الامر فتتعثر الاحوال وتجف الارباح.


ويتكرر السيناريو فى اقل من عام لتظهر ضحايا اخرى لمستريح جديد يدعى «ا ع م «ليسانس حقوق يقوم بجمع اموال تصل إلى 8 ملايين جنيه من عدة اشخاص بمحافظات وقرى متفرقة بحجة توظيفها فى اعمال البناء والقرى السياحية بفائدة سنوية كبيرة ويحقق شهرة فى محيطة ليتهافت الاشخاص ثم تكون الصفعة الكبرى بعد فترة وجيزه تتوقف الارباح ويختفى المستريح ثم يقبض عليه بعد تحرير عدة محاضر ويعترف بجمع الاموال بغرض توظيفها وتعدد الوقائع فبمركز المحله الكبرى تعرض اكثر من عشرات المواطنين للنصب على يد عدة اشخاص منهم « ع ش م «42 عاما جمع حوالى 650 الف جنيه والاخر يدعى»ا م ح»مدير شركة للصناعات الغذائية جمع 150 مليون جنيه بحجة استثمارها فى الاراضى ومواد البناء وتحررت ضده اكثر من عشرات البلاغات وصدرت احكام تحمل ارقام 2919 لسنة 2019 وتتوالى البلاغات ضد شخص يدعى «م ع ع «38 عاما بمركز سمنود حصل على مبالغ مالية طائلة من اشخاص بحجة توفير فرص عمل وجمع من كل حالة 265 الف جنيه ولم يف باى وعد ولم يعد المبالغ لاصحابها هكذا تظهر الصورة جلية فى ايضاح تلك الظاهرة او آفة الثراء السريع التى باتت الطعم السهل للنصب على الاشخاص برغبتهم واقتناعهم
الوضع القانوني
لا يجد الضحايا فى تلك الظروف الصعبة سوى الجهات الامنية ليستغيثوا بها فهى الملاذ الامن والاطار القانونى املا فى رجوع بعض حقوقهم وبسؤال» المستشار ابو الدهب محمد « عن الوضع القانونى وعقوبة مثل هذة النوعية من القضايا، اكد على ضرورة تعديل قانون العقوبات وتغليظه لانه لا يشبع ولا يغنى عن جوع فقضايا النصب والاحتيال مهما كانت ضخامتها يقع تصنيفها جنحة اقصى عقوبة لها 3سنوات وهذا لا يكفى ولا يردع المتهم بالاضافة إلى ايصالات الامانة مهما كانت قيمتها المادية ولو وصلت ملايين الجنيهات ايضا جنحة فمثلا ظاهرة « المستريح « اكثر ضحاياه يعتمدون على ايصالات امانة واشرنا اليها من قبل ان عقوبتها واهية ومن الممكن فى الاستئناف تخفض لسنة.


ويضيف : «بصفتى رجل قانون ارى حتمية اضافة مادة لقانون العقوبات لتغليظ العقوبة فى حالة ما يزيد المبلغ عن 200الف جنيه وان يعرض على مجلس النواب لتعديله والاقرار به حتى لا تضيع اموال الناس دون قوة ردع قوية».


نمط الضحايا
ويوضح اللواء اسامة بدير مدير أمن القاهرة السابق ان السبب الرئيسى فى انتشار تلك الظاهرة الافراد أنفسهم هو نمط الضحايا الذى لا يريد بذل اى جهد او القيام بعمل جاد ومن هنا انبسق لقب المستريح اى الكسول كما وضحنا يغرربالاشخاص يشجعهم على الراحة والنوم والتنطع مقابل مكاسب خيالية فحلم الثراء السريع طعم سريع المفعول ولكن هناك دور هام للتوعية داخل المجتمع والتحذير من تلك الجرائم التى يزداد معدل تكرارها داخل شرائح مختلفة منها البسيط ومنها للاسف المثقف بالرغم من وجود مؤسسات الدولة التى ترعى الاستثمار وتوجه الاشخاص إلى التعامل مع المشاريع وكيفية زيادة الدخل لمن يريد المساعدة فلماذا نلغى دور البنوك والقنوات الشرعية التى تدر دخلا مثل شهادات الاستثمار والمشروعات بانواعها التى تحل مشاكل عدة كالبطالة وهى من المشاكل الكارثية فلابد من تغيير الثقافة الخاطئة لتوظيف الاموال فمن لايعتبر بكل هذه الوقائع لا يلوم الانفسه
طمع شديد
بينما يشير العميد وليد الصواف وكيل ادارة البحث الجنائى بالغربية ان «بدون طماع لا يوجد نصاب» فالطمع وسيطرة المادة صارت السبب الرئيسى فى الوقوع فريسة لتلك الاشخاص او ما يطلق عليهم» المستريح» ففى اقل من 10 شهور قبض على خمس اشخاص فى قضايا نصب واحتيال من هذا القبيل فبالرغم من تكرار السيناريو الا ان الكثير يقعون فى نفس الفخ.ويضيف : «فنحن كجهاز شرطة نحاول بكل جهدنا ان نحمى المواطنين من هذه الخدع التى تجعلهم فريسة لنصابين تهدر اموالهم وتضر باقتصاد الدولة فالارقام الخيالية التى يجمعها هؤلاء اللصوص تضر بالاقتصاد القومى لانها لا تمر فى القنوات الشرعية الاستثمارية التى من شانها الحفاظ على مقدرات الاشخاص والدولة»
هوس الثراء
واكد د. جمال فرويز، أستاذ علم النفس السلوكى، إن فئة كبيرة من المصريين لديهم هوس الثراء ويميلون دائما إلى الرغبة فى الكسب السريع وخوض المغامرات بالمال حتى وان كان العرض المقدم غير منطقى او مقبول، لافتا إلى أن المستوى المادى يلعب دورا رئيسا فى قبولهم تلك التجربة، لأن هناك فرقا بين الفائدة على الأموال فى البنوك والفائدة المقدمة ممن ينصبون على الناس، تحت شعار «توظيف الأموال»، كما يتخيل البعض أن لكل «مستريح» ظروفا وملابسات مختلفة، وأن كلاً منهم لا علاقة له بالنصاب الذى سبقه، خاصه أن أغلب من يؤيدون الفكرة ويدعون لها بصفة مستمرة يظهرون بشىء من الثراء لإغراء الناس وكسب ثقتهم.
استغلال النصاب
وفى نفس السياق يؤكد د. طه أبو الحسن، أستاذ علم الاجتماع، أن السبب الرئيسى فى سهولة وقوع البعض ضحايا لهؤلاء هو رغبة البعض فى الثراء السريع والسهل، فيستغل النصاب ذلك ويقنع ضحاياه بأنه سيحقق لهم المكسب السريع، مضيفا أن هؤلاء النصابين يتخذون طرقا متعددة لتحقيق ذلك، فالبعض يعرض على الضحايا فوائد عالية، وآخرون يوهمونهم بتشغيل أموالهم فى رحلات الحج والعمرة.. الخ، لافتا إلى أن النصاب يمنح الضحية شعورا كاذبا بالأمان لكسب ثقته من خلال إعطائه مكاسب هائلة فى البداية، وبعدها يفر بالأموال هاربا.