قرية «البلاص».. إهانات بالجملة أوقفها الرئيس عبدالناصر

قرية «البلاص».. إهانات بالجملة أوقفها الرئيس عبدالناصر
قرية «البلاص».. إهانات بالجملة أوقفها الرئيس عبدالناصر

«كل واحد له من اسمه نصيب».. كان أهالي إحدى قرى قنا يدركون الكلمات السابقة جيدًا، وهو ما دفعهم للخجل من اسم قريتهم وصمموا أن يغيروه بكل الطرق.

 

لم يكن سهلا على أبناء «قرية البلاص»، تحمل السخرية التي يتعرضون لها يومياً، بسبب احترافهم لصناعة «البلاليص والفخار»، فضلًا عن أنهم كانوا يزينون بيوتهم ويجملونها بالأوانِ الفخارية التي لا تصلح للبيع.

 

و«بلاص» كلمة أصلها قبطي وتعني إناء، ولكن تم تحريف معناها حتى صارت تحمل معنى  مهين.

 

«انجلاس».. اسم فرعوني 

هنا في محافظة قنا، تقع قلعة الفخار التي ينتشر على جانبيها أوانِ وأطباق فخارية، يشتهر أهلها بوجوه بشوشة تتفانى في بحثها عن لقمة العيش.

 

كانت هذه القرية تُدعى «انجلاس»، وهو اسم فرعوني بمعنى إناء الفخار ولكن تم تحريف الاسم وأصبح «بلاص»، ورغم من التسميات العديدة للفخار إلا أن البلاص كان الاسم الأكثر شهرة.

عمل أهل القرية في صناعة «البلاليص»، التي لا يزال عدد كبير من سكان محافظة قنا يحرصون على استخدامها.

 

بجلباب صعيدي وأيدي يحاصرها «التشقق»، أخذ أهالي هذه القرية يرسمون ملامح مستقبل أولادهم في صناعة الفخار، فهذه المهنة يتوارثونها أبًا عن جد، وتُعد مصدر رزقهم وقوتهم الوحيد، فالأوانِ الفخارية أكثر من أهل القرية نفسها.

 

تشتهر «قرية البلاص» بتصنيع كافة أنواع الفخار منها الأبيض والأحمر والأسود الموجود في كثير من المتاحف العالمية، ورغم نجاح أهلها وتفانيهم في العمل كانوا يخجلون من اسمهم، باعتباره مهين وسيء لهم وخاصة بعد السخرية والهجوم عليهم.

 

محروسة بأوامر الزعيم

 

وفي ظل معاناة أهل قرية البلاص من «التلقيح» الدائم، توجهوا بالشكوى للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فاقترح عليهم تغيير اسمها إلى «المحروسة» فوافقوا على الفور.

 

ومن هنا صدر القرار رقم 1965 بذلك، غير أن القرية التي غيرت اسمها إداريًا لم تستطع أن تغير اسمها في الواقع لفترة طويلة ليس فقط لأن عددًا كبيرًا من المنازل هناك كان لا يزال محافظاً على طبيعته في استخدام «البلاليص» في التجميل، لكن أيضًا لأن صناعة الفخار نفسها ظلت لسنوات عديدة مهنة متوارثة يسلمها الآباء إلى الأبناء، ويورثها الأبناء إلى الأحفاد.أمام هذا الصراع بدأ أهالي المحروسة يتخلون عن منازلهم، وبدأوا يتركون البلاليص ويبنون شققهم ومبانيهم على الطراز الحديث.