حكايات| زوجان يصنعان الفخار من ماركة «طين حميد» و«ألوان مي»

زوجان يصنعان الفخار
زوجان يصنعان الفخار

على حب الفخار اجتمعا، ومن حياتهما الزوجية تقاسما الطريق ليسيرا بخطى ثابتة نحو تحقيق الحلم المشترك، فمن رحم الأزمات، استطاع الدكتور عبد الحميد وزوجته الدكتورة مي العبور بمشروعهما الخاص إلى حياة جديدة.

 

الدكتور عبد الحميد عامر أستاذ الخزف المساعد بكلية الفنون التطبيقية بدأ حديثه، قائلًا: «بعد عودتنا من التدريس بالسعودية بدأت أعمل مشروع أتيليه خاص بي وأخذت أجهز له سنة كاملة حتى يكون على أكمل وجه».


 

وتابع: «أما زوجتي الدكتورة مي ندا وهي أستاذ مساعد بقسم الإعلان بكلية الفنون التطبيقية كانت مشغولة بمعارضها الخاصة فهي فنانة تخصصها كان رسم لوحات بالزيت، والرسم على الخشب وحرقه».

 

 

عندما انتهى «عامر» من الأتيليه عرض على زوجته «ندا» أن تساعده وتشاركه العمل فيه ولكنها رفضت وبشدة.. هنا تضحك الدكتور مي لتقاطعه بقولها: «بالفعل رفضت في البداية لأنني أحب زوجي وكنت لا أريد أن أشاركه في الأتيليه الذي طالما حلم به وخصصه، فكنت أرى أن من حقه أن يجني هو ثماره بنفسه».

 

 

 

لكن «حميد»- كما تحب زوجته أن تناديه- استطاع بذكائه أن يجعلها تغير رأيها بتشجيعه الدائم لها فعندما قالت له إنها لم تتعامل مع الرسم على الفخار من قبل أخذ يشجعها ويثني على عملها إلى أن تجرأت وخطوت الخطوة الأولى ومن وقتها وهي تعمل معه.

 

بابتسامة ونظرة حب لزوجها تحملها في قلبها قبل عينيها، تقول مي: «بدأنا نعرض شغلنا في المعرض الدولي للحرف اليدوية ومن خلال هذا المعرض جاءت الانطلاقة، فشغل حميد هو أن يعجن الطين على الدولاب ويُشكلها حتى تجف ويحرقها ثم تدخل عملية الجليز، وبعدها يأتي دوري وهو الرسم على الفخار ثم نشر المعروضات على الصفحة الخاصة بنا». 

 

دافنشي والبيج بوص

 

يلتقط حميد أطراف الحديث، قائلًا: «مي بالنسبة لي (دافنشي مصر)، وهي تلقبني بـ(البيج بوص)، فاكتشفنا شغفنا وحبنا للفخار لأنني تربيت في قنا وقريتي زرنيخ كانت مليئة بالفخار، فنحن ندعم بعض ولا نعرف طريق الغيرة فالمصلحة والهدف واحد وعملنا مشترك ولا يمكن لأحد أن يستغنى عن نصه الثاني وأول عمل قمنا به كان عبارة عن طبق بالحز وكان لونه أبيض في أسود على هيئة وجه روماني».

 

ترى الدكتورة مي أن «زوجها أكثر التزاما منها لكونه متفرغ للعمل في الأتيليه.. «أما أنا فمشاكل الأولاد، ومسئوليات المنزل والكلية يأخذون الجزء الأكبر من وقتي، وعندما يمتهن الرجل وزوجته نفس المجال والمهنة فبالطبع يحدث بينهما توافق كبير وتفاهم أكثر فالهدف واحد لنا».

 

 

في نفس واحد يتحدث الزوجان: «بناخد رأي بعض في شغلنا»، لكن مي تضيف: «دائما ما نتشاور في القطع وزوجي متمسك برأيه جدا ومعجب بشغلي أكثر مني فأنا قدوتي برمير وهو قدوته وائل درويش».

 

توم وجيري

 

يحكي حميد عن أطرف المواقف بينهما: «ما بتصحنيش من النوم إلا وتقولي قوم اطمن على الشغل اللي عملناه علشان ميبوظش».

 

وتلتقط مي أطراف الحديث: «مش بيجلي نوم غير لما اطمن على مجهودنا وتعبنا وأحيانًا بروح من وراه أفتح الفرن وأشوف الحاجة خلصت ولا لا من غير ما يعرف».

 

وعن أصعب المواقف تروي الزوجة: «حميد شخص عنيد جدًا وتمسكه برأيه أحيانًا ما يضيعنا في مواقف صعبة فمثلا اختلفنا ذات مرة على درجة لونين (الأزرق والبنفسجي) وبدأت أقنعه أن اللون بنفسجي وهو مقتنع أنه أزرق وبعد الحرق في الفرن اكتشف أن كلامي كان صح».

 

 

وبنظرة حادة يقول حميد: «بتهددني أنها مش عايزة تشتغل وتقعد تقولي أخر مرة هاعمل معاك حاجة، ولكن بطيبة قلبها وحنيتها علىَ تتراجع عن موقفها ونتصالح».
 

العمل بالفخار يحمل العديد من نسب الخطأ التي تصل إلى 20% أحيانًا، ويستعيد الزوجان اللحظات الحرجة التي مرت عليهما: «بعد مجهود من الأسابيع الطويلة انفجر الفرن الذي نستخدمه لحرق الفخار وكان مليئًا بالمنتجات الخاصة بنا، وتعرضت 10  مجات للحرق بعد أن استغرقت وقتًا ومجهودًا كبيرًا، ولكن نرضى بعد مرور هذه اللحظات».