بعد رحيل والدته| فريضة الحج بوابة «القنائي» للدخول للصعيد

فريضة الحج بوابة القنائي للدخول للصعيد.. عُيّن بأمر الوالي شيخًا لقنا
فريضة الحج بوابة القنائي للدخول للصعيد.. عُيّن بأمر الوالي شيخًا لقنا

في عهد الخليفة العاضد بالله، آخر خلفاء الدولة الفاطمية، كانت محافظة قنا، على موعد مع لقاء العارف بالله السيد عبد الرحيم بن أحمد بن حجون المنتهي نسبه إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، بعد أن مر على مدينة الإسكندرية ومدينة القاهرة، أثناء رحلته من دمشق الى أرض الحجاز لأداء فريضة الحج.

9 سنوات، قضاها بن حجون متنقلًا بين مكة والمدينة، لم تغب فيها أرض الكنانة عن خاطره، حتى كتب الله لقائه مع الشيخ مجد الدين القشيري، إمام المسجد العتيق بمدينة قوص، في موسم الحج العاشر، خلال أدائه للفريضة، والذي أقنعه بالرحيل الى صعيد مصر، لينهل أبناء الصعيد من علمه ومعارفه.

يشير المؤرخون إلى أن  العارف بالله، ولد في ترغاي من مقاطعة سبتة في المغرب الأقصى، في الأول من شعبان سنة 521 هـ/1127 م، حيث أمضى طفولته في تحصيل العلم في جامعها ترغاي، على يد والده، وتتلمذ على كبار العلماء فلم يكد يصل الثامنة من عمره حتى كان قد حفظ القرآن الكريم وجوده تلاوة وفهما.

قدم لقنا بعد مطالبة الشيخ مجد الدين القشيري، إمام المسجد العمري بقوص عاصمة الصعيد في ذلك الوقت، له بالذهاب لقوص أثناء مقابلته في موسم الحج، ليرفع راية الإسلام وليعلم المسلمين أصول دينهم ويجعل منهم دعاة للحق وجنودًا لدين الله.

لم يظل القنائي في قوص إلا لثلاثة أيام، وفضل الانتقال لمدينة قنا تنفيذًا لرؤى عديدة أخذت تلح عليه في الذهاب إلى قنا والإقامة بها.

التقى "القنائي" في قنا بالشيخ عبدالله القرشي أحد أوليائها الصالحين وتحابا وتزاملا في الله، وظل القنائي يتعبد ويدرس لمدة عامين كاملين مع العمل في التجارة، ثم تم تعيينه بأمر من والي مصر وقتها شيخًا لقنا، ومن وقتها أطلق عليه "القنائي" وكانت له مدرسته الصوفية الخاصة التي تسمح للطرق الصوفية الأخرى بالأخذ منها من غير الخروج على طرقها.

تبلغ مساحة المسجد الذي يعتبر من أشهر المساجد في مصر، 3 أفدنة، حيت تبلغ مساحته من الداخل 1250 مترًا مربعًا، ومع التوسعات التي دخلت عليه ضم مصلى خارجي، وبلغت المساحة التي يتم الصلاة بها 2058 مترًا مربعًا، شاملة المسجد والصحن الخارجي، وتبلغ المساحة الكلية للمسجد 12، 259 مترًا بما يعادل 3 أفدنة تقريبًا، وتم تعليته في 2002، وفي 2004 تم تحويل دورات المياه القديمة الخاصة بالسيدات إلى مصلى لهن مع إنشاء دورات مياه حديثة، وفي 2006 تم استكمال أعمال التطوير في المسجد.

ومن أشهر مؤلفاته تفسير للقرآن الكريم، ورسالة في الزواج، وأحزاب وأوردة، وكتاب الأصفياء

توفي عبدالرحيم القنائي سنة 952 هجرية عن عمر ناهز 71 عامًا قضى منها 41 عامًا في الصعيد، وبعدها أقيم له مسجد وضريح يأتي إليه المواطنين من شتى البلدان للاحتفال بمولده.

ويعتبر مسجد عبدالرحيم القناوي، هو المسجد الذي تقام فيه الاحتفالات في المناسبات الدينية مثل النصف من شعبان وليلة القدر وأداء صلاة العيدين، كما أن المقام يزوره العديد من الحجاج قبل ذهابهم إلى الحج.

وتتعدد مظاهر الاحتفالات بمولد سيدي عبدالرحيم القنائي، الذي يُعد من أشهر الموالد في صعيد مصر، وتستمر الاحتفالات 15 يومًا بداية من أول شعبان وحتى منتصف الشهر، ويفترش الباعة الجائلون الطرقات أمام المسجد والمناطق المجاورة له في حالة رواج اقتصادي لهم ولغيرهم من أصحاب المحال التجارية بالمدينة، كما ترى حلقات الذكر والمدح والإنشاد الديني و طلوع التوب فضلًا عن الألعاب الترفيهية ووجود الحلوى مثل الحمص والفول السوداني وغيرها، وسط ازدحام شديد سواء في الشوارع المحيطة أو داخل المسجد نفسه، خاصة فيما يعرف بـ"الليلة الكبيرة" وهي الليلة الختامية في النصف من شعبان.