«أوبرج الفيوم» مقر الضيافة الملكية

أوبرج الفيوم
أوبرج الفيوم

- تحفة إيطالية زارها تشرشل وعاش بها ملوك العالم


فى ثلاثينيات القرن الماضى، وتحديدًا فى عام 1937 ولدت الفكرة، بعدما سرح الملك فاروق الأول ملك مصر بخياله كى ينعم بالراحة والاستجمام وممارسة هوايته المفضلة صيد الأسماك والبط بعيدًا عن بلاط الحكم، واختار مدينة الفيوم التى تجمع كل الحضارات التاريخية وما قبل التاريخ ليبنى فيها استراحة ملكية اختار موقعها مباشرة على ساحل بحيرة قارون واختار لها اسم «أوبرج الفيوم»، وهو المكان التاريخى الذى يقع على بعد 70 كيلو مترًا من القاهرة، ويتميز بموقعه الفريد وجمال وهدوء الطبيعة من حوله، واستخدمه الملك كمكان للضيافة وإقامة الحفلات للنخب المتميزة من أصدقائه وضيوفه من العرب والأجانب، وعقب انتهاء عصر الملك ظل الأوبرج محطة استجمام للكثير من الشخصيات والرموز السياسية والفنية والنزلاء البارزين وشهد الكثير من الاجتماعات والاتفاقيات السياسية المهمة ومازال يحظى بذلك، وتم تصوير العديد من الأفلام السينمائية القديمة به.
تجديد الفندق
وأوضح سيد الشورة مدير عام الآثار بالفيوم، أن الملك فاروق لجأ إلى مهندس إيطالى يدعى «ألبرت زنانيرى» لتشييد المكان وبنائه على الطراز الإيطالى الريفى، ومع مرور الوقت ظل الأوبرج فى موقعه وتحول إلى فندق به 50 غرفة من بينها 3 أجنحة أشهرها الجناح الملكى الذى كان يقيم فيه الملك فاروق، وعقب تجديد الفندق عمل مصمم الديكور على أن يعطيه لمسة جمالية دون تغيير معالمه التى ظلت قائمة حتى وقتنا هذا، فمازالت صور الملك فاروق تتصدر بهو الفندق، وكذا تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الذى أقام فى هذه الاستراحة، بالإضافة إلى الملك عبد العزيز آل سعود الذى أقام أيضا فى هذا المكان، واحتفظ الفندق بالقاعات التى شيدها الملك فاروق، وتحمل كل قاعة اسم شخصية مهمة أقامت بهذه الاستراحة مثل قاعة الملكية وقاعة السفير وقاعة قارون وقاعة تشرشل. 
وأضاف أن أوبرج الفيوم التاريخى حضره كبار الشخصيات السياسية والفنية على مستوى العالم أبرزهم «تشرشل» رئيس وزراء بريطانيا الأسبق الذى التقى الملك عبد العزيز آل سعود ملك السعودية فى الاستراحة الملكية فى شهر فبراير عام 1945 على هامش مؤتمر «الأقطاب لدول الحلفاء» الذى حضره الرئيس الأمريكى «روزفلت» وقتها فى القاهرة، إلا أن الملك عبد العزيز فضل الإقامة فى أوبرج الفيوم حيث وضعت صورتان متقابلتان لهما فى الفندق الذى شهد العديد من الاتفاقيات والاجتماعات السياسية المهمة.
وأشار إلى أن الفندق يتبع وزارتى السياحة والآثار منذ ثورة يوليو عام 1952 ولايزال الفندق ضمن الممتلكات والمقتنيات الملكية، ففى غرفة الاستقبال السفلية تجد صورة الملك فاروق وهو طفل ثم أثناء تقلده العرش وحفل زفافه، بالإضافة إلى إطارين أنيقين يحمل كل واحد منهما صور زوجاته ناريمان وفريدة، وعلى الرغم من أن هذه الغرفة لم تقم معه فيها سوى ناريمان والتى أمرت أن يكون السرير فى الأوبرج مشابها للموجود فى القاهرة، بالإضافة إلى التاج الملكى الذى يعلو السرير وتتدلى منه ناموسية، إلا أن صورة فريدة تم تعليقها هناك لتكون شاهدة على العصر الملكى، وأوضح أن الغرفة كان بها باب خارجى يطل على حديقة خاصة به وعلى ممر يؤدى إلى رصيف الصيد الخاص بالملك والذى كان يقضى به ساعات طويلة باعتبار الملك عاشقا للصيد بكل أنواعه. 
قبلة السائحين
وأضاف أن الأوبرج يعد قبلة للسائحين من مختلف دول العالم مثل الإيطاليين والفرنسيين والألمان والسويسريين والبريطانيين من أجل الاستمتاع بالجو والطبيعة الخلابة ومشاهدة الفندق التاريخى والنزول فى أجنحته التى عاش فيها الملك ونزل بها قادة وزعماء كثر حول العالم، لافتا إلى أن الأوبرج كان قبلة ومقصد لمخرجى السينما المصرية حيث كان شاهدًا على تصوير العديد من الأفلام السينمائية الشهيرة فى حقبة الأربعينات والخمسينات من الزمن المنقضى، فطبيعة المكان وقيمته التاريخية جعلته مصدرا لجذب كاميرات السينما وهدفا للممثلين الذين كانوا يأتون إلى هناك للاستمتاع بجو الفيوم والقيام برحلات الصيد، ليترك لنا الملك فاروق تحفة معمارية يقصدها العديد من سياح دول العالم لمشاهدة عبق التاريخ والاستمتاع بجو الفيوم الساحر.