جبل طارق.. هاجس بريطانيا مع احتمالية وداع أوروبا «دون اتفاق»

علما جبل طارق وبريطانيا
علما جبل طارق وبريطانيا

لا تزال مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هي الشغل الشاغل في الأوساط السياسية في المملكة المتحدة، ووسائل الإعلام بصورها المختلفة، خاصةً في ظل سعيٍ دؤوبٍ لرئيس الوزراء الجديد بوريس جونسون، لإنهاء صلة بريطانيا بالتكتل الأوروبي بحلول 31 أكتوبر المقبل، وهو الموعد النهائي الذي اتفقت عليه رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي مع القادة الأوروبيين.

ويقول "جونسون" إنه سينفذ مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سواء تم التوصل لاتفاقٍ مع قادة بروكسل بشأن تدابير مرحلة ما بعد الانفصال من عدمه، وسط مخاوف كبرى في بريطانيا من أن يؤدي الانفصال دون اتفاقٍ إلى عواقب كارثية على المملكة المتحدة.

وثائق مسربة

صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، كشفت في وقتٍ سابقٍ هذا الأسبوع عن وثائق حكومية مسربة، تشير إلى حدوث نقص في الغذاء والوقود والأدوية في البلاد حال خروجها من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

وتتضمن الوثائق تشكيك في قدرة جبل طارق، المنطقة التابعة لبريطانيا والتي تتمتع بالحكم الذاتي، على الاستجابة لتحدي "بريكست" من دون اتفاقٍ، خاصةً في ظل النزاع على المنطقة بين بريطانيا وإسبانيا، والذي كان يتم تلافيه داخل الاتحاد الأوروبي.

رئيس حكومة جبل طارق، فابيان بيكاردو، فند تلك الوثائق المسربة، مؤكدًا أنها تحتوي على تقييمٍ لوضع غير صحيح.

لكن على أرض الواقع تظل مسألة تسوية النزاع حول جبل طارق من أكبر معضلات التوصل لاتفاقٍ بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، في ظل رغبة إسبانيا في تبعية جبل طارق لها.

وكان اتفاق تيريزا ماي مع أوروبا يتضمن بندًا ينص على الوفاء بمطالب إسبانيا بأن يكون لها دور في مستقبل جبل طارق بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن حال الانسحاب من دون اتفاقٍ، ستكون مسألة جبل طارق عالقةً بين المملكتين البريطانية والإسبانية.

أصل الخلاف

وتعود الخلافات على جبل طارق بين بريطانيا وإسبانيا إلى زمن حرب خلافة العرش الإسباني، التي كانت مطلع القرن الثامن عشر، حينما اندلعت حرب خلافة العرش الإسباني عام 1701، والتي استمرت لعام 1714، ولم تضع تلك الحرب أوزارها إلا بعد توقيع معاهدة أوتريخت عام 1713.

وعلى ضوء المعاهدة، سقطت جبل طارق في قبضة بريطانيا، لتتحول من التاج الإسباني إلى التاج البريطاني، بشكلٍ دائمٍ، وذلك رغم محاولات إسبانيا الفاشلة فيما بعد لاستعادة السيطرة على المنطقة.

وكانت جبل طارق في قبضة إسبانيا بعد انقضاء الحكم الإسلامي على الأندلس عام 1492، فانتقلت تبعيتها من الخلافة الإسلامية إلى الملكية الإسبانية حينها.

واستمرت جبل طارق مستعمرة بريطانية حتى عام 1981، وبعد ذلك أنهت بريطانيا فرض الحكم المباشر على المنطقة، لتطالب إسبانيا وقتها بحق السيادة على جبل طارق بعد أن تخلت عنها لبريطانيا، مستشهدًا ببنود معاهدة أوتريخت عام 1713.

لكن بريطانيا تقول إنها فقط منحت جبل طارق الحكم الذاتي، ولم تنهِ تبعيتها للندن بصورةٍ كاملةٍ، وهو ما لا يزال نقطة خلاف بين بريطانيا وإسبانيا، وجرت مفاوضات بين الجانبين حول تنازل بريطانيا عن جبل طارق لصالح إسبانيا، بيد أن السكان المحليين لجبل طارق أجهزوا تلك المساعي بإصرارهم على التبعية لبريطانيا.

وتجدر الإشارة إلى أن جبل طارق تحظى بعضوية الاتحاد الأوروبي منذ عام 1973، بناءً على الاتفاقية البريطانية، لكنها لا تحظى بأي اعترافٍ من الأمم المتحدة إلى غاية الآن.