قصص وعبر| الجحود بعينه..أشعل النار في والده حفاظا على كرامته أمام عشيقته

صوره أرشفية
صوره أرشفية

خيبات كثيرة تجرع مرارتها الأب المنكسر بسبب تصرفات ابنه الجاحد الذي تجرد من انسانيته، وأفنى عمره، وضحى بسعادته من أجله متمنيا أن يأتي يوما ويجني فيه ثمرة تعبه، لكن شعوره بالأمل بات يتلاشى ويتبدد رغما عنه بعد أخر مشادة كلامية حدثت بينه وبين ابنه الذي قام بإشعال النار في جسد أبيه بعدما اعترض على ارتكابه للخطيئة ومرافقته لفتاة داخل المنزل، مستغلا كبر سنه وضعف نظره.


استيقظ الأب المسن من نومه على صوت المؤذن الذي يعلن عن فجر يوم جديد، يلامس بيده تجاعيد وجهه، ويجول بخاطره ذكريات عاشها بحلوها ومرها مع زوجته التي توفيت، حاول النهوض من فوق سريره المتهالك بتثاقل متوجها إلى دورة المياة كي يتوضأ، وفجأة تردد على سمعه صوت حركة غير عادية تنبعث من غرفة ابنه، وما إن توجه إلى مصدر الصوت اكتشف وجود فتاة بصحبة ابنه، وفي وضع مخل، تغير ميزان دقات قلبه، وارتجف هلعا، يشوبه حزنا دفينا من تصرف الابن الجاحد الذي لم يرحم شيخوخته مستغلا ضعفه وهوانه، ويرتكب خطيئة غير مبال بوجوده.
ارتجفت أنامل الأب، وتملكته رعشة شديدة، وانطلقت الكلمات من بين ثنايا فمه يعاتبه ويوبخه،


ويحضه على انصراف الفتاة، وإلا سيفضح أمرهما أمام الجيران، لبس الابن عباءة إبليس واعتبر كلمات الأب إهانة له ولرجولته، وإهدارا لكرامته أمام الفتاة، اشتد النقاش بينهما، بينما همت الفتاة تحاول الهرب فالأمر يزداد سوءا، ويصر الابن على بقاءها، وقبل أن تنطلق استغاثات الأب في محاولة يتجمع على إثرها الجيران باغته الابن ودفعه أرضا، وبقسوة ليس لها مثيل قام بسكب كمية من البنزين فوق جسده مهددا إياه بإشعال النيران في جسده إذا لم يكف ويصمت خشية الفضيحة، لم يبال الأب الذي اعتبره تهديدا فقط حيث جحظت عيناه، وتقطعت أنفاسه وانطلقت صرخاته الضعيفة والتي لاتتجاوز محيط الشقة حيث أشعل الابن النار تلتهم جسده الضعيف، وفر هاربا مصطحبا الفتاة تاركا أبيه يلاقي مصيره دون رحمة أو شفقة.


تصادف نزول أحد السكان والذي انتابته حالة من الذعر والهلع عندما وقعت عيناه على ألسنة النيران المرسلة من خلف زجاج باب الشقة، فهرول مسرعا محاولا كسر الباب تسبقه صرخات استغاثة في محاولة لمساعدة الجيران ونجحوا في إطفاء النيران المشتعلة بجسد الأب بعدما قام بإلقاء بطانية فوقه واحتضنه، وانسابت دموع الجيران وسط أنين وتأوه الأب من شدة الحروق التي أصابته، وقاموا بنقله إلى المستشفى وسارع الأطباء بنقله إلى العناية المركزة، نظرا لسوء حالته، وإصابته بنسبة حروق ٨٥٪.


على الفور أصدر اللواء أشرف الجندي مساعد الوزير لأمن الاسكندرية تعليماته بسرعة كشف لغز حريق الأب بعدما أكد الأطباء بأن حالته حرجة ولا يمكن استجوابه.


وبتقتين الاجراءات تمكن رئيس مباحث قسم شرطة الحضرة بعد عمل تحريات مكثفة أفادت بأن الابن وراء تلك الجريمة الشنعاء والتي تبرأ منها الشيطان، وبمواجهته بالتحريات وعلاقته بالفتاة، انهار واعترف بجريمته، معللا فعلته بأن الأب استفزه، وأهدر كرامته، وأنه خشي افتضاح أمر الفتاة، ولم يشعر بنفسه إلا وهو يقوم بتهديد الأب فقام بإشعال النيران في جسده بعدما سكب عليه كمية من البنزين كان يحتفظ بها داخل الشقة.


تم تحرير المحضر اللازم، وأحيل إلى النيابة التي قررت حبسه ٤ أيام على ذمة التحقيقات، والاستماع لأقوال الأب عقب تحسن حالته والذي لايزال راقدا داخل غرفة العناية المركزة، غير مصدق الجحود الذي اجتاح أعماق ابنه، وقساوة قلبه ولم يرحم كبر سنه.