حوار| د. جابر عصفور  وزير الثقافة الأسبق يفتح النار على الأزهر والسلفيين

د. جابر عصفور
د. جابر عصفور

بعد فوزه بجائزة النيل فى الادب التى تنضم إلى ما سبق ان ناله من جوائز وتعد تتويجا لمشواره الادبى والنقدى عاشه مدافعا عما يؤمن به من افكار ومساهما فى تكوين عقلية اجيال من الشباب درسوا على يديه فى الجامعة وحتى درجة الدكتوراه واعرب عن سعادته بفوزه بهذه الجائزة الرفيعة واعرب عن تقديره للرئيس عبدالفتاح السيسى لرعايته للمثقفين ويرى الدكتور جابر عصفور ان الحالة الثقافية الآن محلك سر بعد رحيل جيل لا يعوض من الادباء المميزين ويرى ان مكافحة الفكر المتطرف مسئولية المجتمع كله وليس الازهر وحده ويؤكد ان الراحل فرج فوده دفع حياته ثمنا لنقده للفكر المتطرف ولو تنبه المجتمع له لما قتل ولما كنا فيما نحن فيه الآن ويرى ان المستقبل للدولة المدنية الحديثة التى يرفع شعارها الرئيس عبدالفتاح السيسى وهى دولة تحترم الاديان كلها ولا تزدرى اى دين مؤكدا انه لا توجد وساطة دينية فى الاسلام ولابد ان يكون للازهر وعاظ مستنيرون لأنهم الوعاظ الحاليون درسوا فى كتب غير منقحة وتحتاج لمراجعة جديدة.


ماهو شعورك بعد فوزك بجائزة النيل فى الأدب؟
- سعادتى بالغة بالجائزة التى تعد تتويجا لمشوار حياتى ولها مذاق خاص عن باقى الجوائز التى حصلت عليها من قبل واشكر الرئيس السيسى لرعايته للمثقفين والفنانين ولرفعه شعار الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة ودعمه للمرأة المصرية الدائم حتى انه اختار 6 وزيرات من ألمع السيدات المصريات فكرا وعملا.


كمثقف ومشغول بالحالة الثقافية لنتعرف عليها فى الفترة الحالية من وجهة نظرك؟
- الحالة الثقافية الآن محلك سر.. لأن هناك اشياء شبه متوقفة خاصة مع وفاة بعض اعلام الثقافة خلال الاشهر الماضية ولذلك نحن فى فترة من التذبذب فى نفس المكان وفى نفس الوقت بسبب عوامل الزمن فنحن نفقد جيلا كاملا كان صوته مدويا ويحدث حالة من النشاط والحيوية فى الساحة الثقافية وآخر من فقدناهم الاديب عبد الفتاح امام استاذ الفلسفة وللأسف هؤلاء الراحلون لن نستطيع تعويضهم فى ظل الآليات الثقافية الموجودة لأن ادوات الانتاج الثقافى وهى التعليم ومؤسسات الثقافة العامة والاعلام اراها عاجزة عن انتاج مثقفين فى نفس مستوى الجيل السابق من حيث النضج بحيث يواصلون الطريق ولن اقول نفس رسالتهم ولكن على الاقل يرسل رسائل تؤكد وعيه بحركة العالم وواقعه وتتسم بالشجاعة والصراحة.

 

اقرأ رد د. عبدالمنعم فؤاد على د. جابر عصفور أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر من هنــا


 

وهل ترى ان المثقفين أحد أجنحة مقاومة الارهاب؟
- بالطبع من زمان بدءا من فرج فودة الذى دفع دمه وحياته بسبب مقاومته للارهاب الدينى وهو اول مثقف بارز مات فداء لهذه القضية بسبب دعوته للدولة المدنية الديموقراطية وللاسف وجدنا شيخا جليلا مثل الشيخ الغزالى-رحمه الله-يدافع عن فكر قاتلى فرج فوده ونحن كنا نعتبره وسطى ومتفتح الفكر والمثقفون المصريون لم يكفوا عن مواجهة الارهاب بالكشف عن آلياته واسبابه وتحذير الدولة منه وللأسف لم تستمع الدولة لتلك الاصوات وكانت النتيجة الخسائر التى خسرناها علما بأن الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية الذى انتخبناه عن قناعة نراه فى كل خطبة تقريبا يتحدث مدافعا عن الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة لأننا انتخبناه املا فى هذه الدولة وهذا عقد اجتماعى بيننا وبينه وللأسف الازهر الشريف لا يريد ان يساهم فى هذا بل يعمل على تقويض اسس هذه الدولة ويتهم المثقفين الذين ينادون بهذه الفكرة بالكفر.


اذن ما هى العقبات التى يضعها الازهر امام الدولة المدنية؟
- الازهر لا يؤمن بالدولة المدنية ويتصور ان كلمة الدولة المدنية تعنى الكفر رغم انها لا تعنى تعارضا او تضادا معه لأنها تعنى فصل الدين عن الدولة فالازهر مؤسسة علمية ولا شأن له بالسياسة.


ولكن الإخوان المسلمون هم من يطالبون بالحكم الدينى؟
- لا اصدق هذا، ليس كل الاخوان مؤمنين بهذا ولكن لا ننسى ان الاخوان كانوا فى تحالف مع الجمعيات السلفية وهى لا زالت باقية ولها ممثلون فى البرلمان فأنصار الدولة الدينية حتى الآن موجودون بالمدارس والبرلمان وهذا خطر على الدولة المدنية ولهذا نتوجه لرئيس الجمهورية بنداء كن حازما فيما يتصل بالدولة المدنية.


الخطبة الدينية


وهل ترى توحيد الخطبة الدينية فى المساجد خطوة هامة لمحاربة التطرف؟
- توحيد الخطبة الدينية كان مطروحا منذ عهد الدكتور زقزوق وهو امر هام جدا ولهذا اقول انه لابد ان يكون للأزهر وعاظ مستنيرون فى المساجد لانى ارى ان اغلب الوعاظ الحاليين غير مستنيرين لانهم درسوا فى كتب غير منقحة وما يدعون انهم نقحوه بالفعل لا يتعدى 5٪ فقط حتى (صحيح البخارى) يحتاج إلى تنقيح..فالجماعات السلفية جاءت ببدعة النقاب التى لا تتناسب مع مجتمعنا.


وما وجه اعتراضك على انتشار النقاب فى السنوات الاخيرة؟
- ليس فى كشف الوجه غضاضة او تحريم لأن رؤية الوجه ثابتة فى قواعد الدين وفى الحج لابد للمرأة من كشف وجهها خلال المناسك ولو حاججت السلفيين فيما يخص النقاب يقولون انه افراط فى التدين للتقرب إلى الله بالزيادة فى اتباع الامر ولكن الاسلام دين وسطى لا افراط ولا تفريط وهؤلاء السلفيون يريدون ان يفرضوا اراءهم الجامدة المتخلفة التى تعلموها من اساتذتهم المتخلفين، والغريب ان هذه الظاهرة فى تزايد ولدى بعض الطالبات فى محاضرات الدكتوراه ولم اجد بينهن متفوقات فى الدراسة واذكر انى سألت احدى الطالبات وامتنعت عن الاجابه فقام زميلها السلفى وقال ان صوت المرأة عورة فقلت ان امرأة مسلمة ردت على عمر ابن الخطاب فى المسجد فلابد ان صوتها كان عاليا ليسمعه وكانت المسلمات يخرجن فى الغزوات لحث المسلمين على القتال كما خرجت المسلمات لاستقبال النبى صلى الله عليه وسلم عند دخوله المدينة المنورة اذن فان صوت المرأة ليس عورة والمرأة نفسها ليست عورة ومن يقل غير هذا فهو مخطىء.


أعطى الاسلام للمرأة حقوقا لا يمكن انكارها مثل حق المرأة فى العمل؟
- نعم عملت المرأة فى التجارة وكان مالها منفصلا عن مال زوجها ولكن فى مجتمعنا لا زالت المرأة تحرم من حقها فى الميراث فى الصعيد واذا كانت هذه الافكار المتخلفة مقبولة فى العصور الماضية فلا يمكن ان تصلح الآن ونحن فى دولة تحترم المرأة وتدرس الفتيات فى اصعب المجالات حتى الدكتوراه ولدينا 6 وزيرات خمس منهن سافرات وسيدات الاعمال لا يرتدين حجابا ولا نقابا ورئيس الجمهورية يبدى اهتمامه بالمرأة ويدعمها ولابد ان يجاريه الازهر والمجتمع كله.


نعود للدولة المدنية؟
- اننى اتساءل.لماذا يحرص الأزهر على ان يكون سلطة دينية موازية للدولة؟ وهذا لن يحدث فالمستقبل مرتبط بالدولة المدنية والدولة تشبه جهاز كمبيوتر ضخم والدولة لا دين لها..المسألة لم تعد هزلا وهؤلاء الذين يتحدثون عن الدولة الدينية لا علاقة لهم بها حتى اسرائيل التى ادعت انها قامت على اساس دينى نجد الحاخامات هناك دورهم محدود والسعودية بدأت تتخلى عن بعض التحفظات على الفنون والغناء فلا مكان الآن لمن يعيشون خارج العصر وهم يرفضون اشياء هى من صلب الدين فالقاعدة فى الاسلام هى المصلحة وفى عام الرمادة عمر بن الخطاب كان على جرأة بحيث اوقف العمل ببعض آيات القرآن الكريم ولم يطبق حكم قطع يد السارق والآن ايضا لا يمكن تطبيق هذا النص هل نستخدم الرقيق الآن لنطبق النص ما ملكت يمينك ومن المعروف انه فى القرن التاسع عشر حدث الغاء عالمى لتجارة الرقيق وكان هذا التغيير لمصلحة الجماعة فالاسلام ينص على حرية الانسان وجاء فى زمن الرقيق لتحريرهم وكان استخدامهم على مضض وكان لتحرير العبيد ثواب كبير واعفاء من الذنوب وكفارة عن بعض الاخطاء وكيف يمكن للرجل ان يتزوج اربع زوجات فى هذا العصر المعقد؟حتى حديث الحجاب من الاحاديث الاحاد اى رواه واحد فقط من الرواة هذا كله عفا عليه الزمن ولا يصلح للعصر الحالى وعلماء الحديث يشككون فى احاديث الاحاد وانا منهم وهناك دراسات علمية قالت هذا ولم يرد عليها الازهر.


من يواجه الارهاب؟


هل الازهر هو المسئول الاول عن مواجهة الارهاب؟
- المجتمع كله مسئول عن مواجهة التطرف الدينى وبصفة خاصة الازهر الذى يجب ان يتحد مع قوى المجتمع نحن نحتفل الآن بذكرى رحيل فرج فودة ونتساءل لو كان المجتمع قد تنبه لفكره لما قتل ولما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن والمناظرة التى حدثت وقتها فى معرض الكتاب بين فرج فوده والشيخ الغزالى دليل على ان الاخوان والسلفيون افكارهم متشابهة وكل منهم يؤمن بالخلافة وبأن المسيحيين اهل ذمة وبعضهم يطالبهم بدفع الجزية.. هذا الكلام موجود وموثق وليقدم اى احد ما يدعم غير هذا الاخوان يبذرون بذور التطرف فى المجتمع وهناك من يتصور انه وسيط بين الانسان وربه فكل انسان طائره فى عنقه وينبغى ان يعرف الناس هذا فالازهر ليس سلطة دينية ولا وساطة بين الانسان وربه وكل منا مسئول عن افعاله والله تعالى هو من يحاسبنا ويعاقبنا وهو الذى يعرف سريرتى وما فى قلبى واى محاولة لفرض وسيط اوسلطة دينية لن تنجح والدولة المدنية قادمة وهى لا تعنى اى ازدراء للاديان بل تعنى احترام الاديان واجلالها جميعا بلا استثناء.


هل افكارك عن السلطة الدينية هى السبب فى خلافك مع الازهر؟
- نعم للأسف فهم لا يقبلون الحوار ويطالبون ان نقول آمين اما انا فمبدأى وجادلهم بالتى هى احسن وهذا منهجى فى الكتابة وفى النقاش والفرق بينى وبينهم انى متحمس ومدافع قوى عن ضرورة واهمية اللجوء والاحتماء بالدولة المدنية الديموقراطية الحديثة وهذا هو الحل.. ولحسن الحظ ان من يحكمنا وهو الرئيس السيسى رئيس الجمهورية ينادى ويؤمن بالدولة المدنية الحديث وهى الاساس الذى انتخبناه عليه.


سيظل الباب مفتوحا للاجتهاد بين العلماء والمثقفين؟
- كل من يرفض الاجتهاد سوف يكنسه التاريخ نحن الآن فى عصر مختلف من كان يصدق ان جهازا صغير الحجم مثل الموبايل يمكن ان يؤدى كل هذه الوظائف المتعددة والتقدم العلمى المذهل وعلاج اصعب الامراض فنحن فى زمن مختلف ولا يمكن ان نعود إلى العصور الوسطى حتى السعودية غيرت افكارها وكفت عن دعم الفكر الوهابى وكانت تتكفل ببناء المعاهد الدينية وكان من المخطط ان تزيد عدد المدارس المدنية لنتحول تدريجيا إلى دولة مثل باكستان ولكن الحمد لله نرى بعض الحكام العرب المتنورين مثل محمد سلمان الذى درس فى امريكا وله عقلية مستنيرة انا اظن ان الازهر سوف يدخل فى مأزق كبير جدا اذا استمر على ما هو عليه فعليهم ان يجتهدوا لأن المستقبل ليس معهم ولا مع من لا يعيش العصر ولهذا انصحهم ان يكفوا عن التعلق بالماضى ويطوروا افكارهم ويجتهدوا فى التعامل مع التكنولوجيا الحديثة ليلحقوا بركب الحاضر سريع الايقاع الذى يرفض الجمود.