باعوا الوهم وشردوا العمال.. جرائم الإخوان ضيعت الاقتصاد

المصانع شهدت حالة من الركود والأزمات في عهد الإخوان
المصانع شهدت حالة من الركود والأزمات في عهد الإخوان

- اقتصاديون: سوء الإدارة تسبب فى انهيار الصناعة.. والأسواق أصيبت بالركود

وجد الإخوان فيما يسمى بمشروع النهضة محطة لبث الآمال الزائفة فى معالجة الوضع الاقتصادى والنهوض به لأعلى المستويات، فالمشروع الذى كان واحدا من أهم الوسائل التى استخدمتها الجماعة فى كسب الأصوات فى الانتخابات، لم ينجح فى تحقيق أهدافه التى بدت بعيدة تماما عن أرض الواقع، فاتجه الاخوان لتضييق الخناق على رجال الاعمال والمنظمات الخاصة بهم، خاصة جمعية رجال الأعمال المصريين، وتأسيس جمعية تضم رموز الاخوان مثل خيرت الشاطر وغيره لتكون الملاذ الأول لمن يرغب فى التقرب إلى سلطة المرشد.
توطيد الإخوان
لم يقدم المشروع شيئاً فيما يتعلق بالدور الاقتصادى، فقد أعاد الإخوان الحديث عن دور الدولة فى المشروعات العملاقة مثل تنمية سيناء وخليج السويس ومشاريع استصلاح الأراضى ولكن لم تحدث أى خطوة على أرض الواقع واكتفت الحكومة فى توطيد الاخوان بكل المؤسسات حتى يكتمل المخطط.. وقد خرج بعدها خيرت الشاطر الذراع الاقتصادية القوية للجماعة ليؤكد أن المشروع ليس له برنامج واضح محدد وإنما مشروع مبدئى.. كرر البرنامج الاقتصادى للإخوان الشعارات الواهية الخاصة بتشجيع القطاع الخاص واستقطاب الاستثمار الأجنبى والقضاء على البطالة ومحاربة الفقر لجذب أصوات الناخبين وطمأنة رجال الأعمال، حتى اتضح كذبهم.. فالوعود الواهية والكذب شعار دائم للجماعة الإرهابية التى استغلت المتاجرة بالشعارات للوصول لأهدافها الدنيئة. يوضح سامح عيد، القيادى المنشق، والباحث فى شئون الحركات الإسلامية، أن الجماعة أخذت طوال 40 عاماً شعار «الإسلام هو الحل» لجميع الظروف السياسية والاقتصادية وغيرها، ولكن تفاجأنا بعدها بمشروع النهضة الذى يبتعد كل البعد عن الفكر الاسلامى بل انه مبنى على افكار يسارية، وفى النهاية اعترفوا بأنها مجرد أفكار تحتاج إلى وقت طويل لتنفيذها. ويضيف أن الجماعة اعتادت إدخال الدين فى جميع النواحى وتسييسه لصالحها، وعلى سبيل المثال تصريح صفوت حجازى بأنه يمكن إنشاء مصارف للمياه على الطريقة الإسلامية وهو ما يعكس فشل وتدنى فكر قيادات الجماعة.
استغلال الدين
ويؤكد عيد أن الخداع والتضليل سمات أساسية للإخوان، فمع الأزمات الاقتصادية المتضاربة وأزمات الطاقة والوقود، ظلوا متمسكين بشعار الإسلام هو الحل، فادعوا بأنهم يمثلون الدين حتى اكتشف الشعب كذبهم وخرج عليهم فى ثورة 30 يونيو، فلا يوجد أسوأ من استغلال الدين لمصالح شخصية.
ويتابع أن الجميع ظن أن الفساد انتهى مع نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ولكن الحقيقة أن الفساد ظل مستمرا فى عصر الإخوان، فظلت الرشاوى واستغلال السلطة وكل أوجه الفساد ولكن تحت مظلة الشرعية الدينية، فالكارثة هى إدعاء التدين وتمثيل الإسلام وهو منهم براء.
ويشير إلى تناقد الإخوان فى معارضتهم للفكر الرأسمالى ومع ذلك أول من لجأوا إلى صندوق النقد الدولي، وقيام خيرت الشاطر بإعداد مشروع النهضة بعد التشاور مع مجموعة من المفكرين معظمهم يساريين وهو مايتنافى مع آرائهم، فمشروع النهضة لم يكن مشروعا إسلاميا، بل مجموعة أفكار غير مطابقة للواقع ولذلك فشلت فشلاً ذريعاً.

وصل الاقتصاد إلى مرحلة صعبة، ووقفت حكومة الإخوان مكتوفة الأيدى عاجزة عن معالجة الأزمات المتلاحقة لتثبت يوماً بعد الآخر فشلها الذريع، فأصبحت الصناعات المختلفة والمصانع التى تضم ملايين العمال فى أسوأ حالتها، وأغلقت المئات من المصانع وتشرد الآلاف فى وضع كارثى للصناعة المصرية.
وقد كشف تقرير لاتحاد الصناعات، توقف أكثر من 90٪ من مصانع وورش الذهب والمشغولات الذهبية نتيجة الركود الحاد الذى سيطر على أسواق الذهب فى عهد حكومة الإخوان.. وأشار التقرير إلى أن انخفاض الطلب على المشغولات الذهبية فى تلك الفترة أدى إلى تراجع إنتاجية الورش والمصانع، مما أدى إلى تعثر غالبية المصانع واضطرارها للإغلاق وتسريح المئات من العمالة فى هذا القطاع.
نقص الخامات
وفى مدينة العاشر من رمضان، أغلق 156 مصنعا وتعرض العمال للفصل التعسفى وإجبارهم على العمل ساعات إضافية دون مقابل.. مصانع العاشر، البالغ عددها ما يقرب من 2650 مصنعا، كانت على وشك الانهيار آنذاك، فقد تراجع الإنتاج بنسبة تزيد على 20٪ بسبب عدم استقرار الوضع السياسى والاقتصادى خلال هذه المرحلة.
الوضع السيئ لعمال مدينة المحلة ازداد سوءا فقد اصبحت المدينة الصناعية العملاقة على وشك الانفجار فى عصر الإخوان، فمصانع مدينة المحلة الكبرى التى يطلق عليها «قلعة الصناعة» كانت مهددة بالإغلاق، خاصة شركات الغزل والنسيج بسبب نقص الخامات وتدهور حال المعدات وانخفاض معدلات الإنتاج، وعدم قدرة الشركة على دفع المستحقات المادية للعمال.
يعلق د. رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، بأن عام حكم الإخوان كان كارثيا على مستوى الاقتصاد، فبالنظر إلى الدراسات والمقارنات نجد الفارق الكبير بين 2012 والوقت الراهن، فخلال حكم الجماعة كان معدل النمو 1.8٪، وفى الوقت الحالى بلغ 5.6٪، ومن المقرر ان يصل إلى 6٪ فى السنة المالية الجديدة، وبلغ معدل البطالة فى فترة الإخوان 13.8٪ وقد انخفض فى العام الحالى إلى 9.2٪، كما بلغ عجز الموازنة 14٪ عام 2012، وفى الوقت الحالى انخفض إلى 7.2٪، وكلها مؤشرات تشير إلى حجم الخسائر الاقتصادية إبان حكم الإخوان.
ويشير عبده إلى الوضع الصناعى المتدهور الذى عاشته مصر فى عصر الإخوان، فالمصانع شهدت أوضاعا كارثية بسبب فقر الطاقة من انقطاع للكهرباء وندرة الوقود مثل السولار وغيره، وقد أكد أحد اصحاب المصانع الشهير فى احدى المقابلات آنذاك بأن مصنعه تعطل عن العمل بمعدل 285 يوماً بسبب انقطاع الكهرباء المستمر وعدم توفر السولار مما سبب اضرارا وخسائر كبيرة.. ويشدد أن تدهور أحوال العمال أثر بالسلب على عملية الإنتاج، وبالتالى تأثرت عملية التصدير، مما انعكس بالسلب على الموازنة.
تدهور وانهيار
من جانبه يقول د. عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن الصناعة تعد أهم الأسباب التى تتقدم بها الأمم وتحقق من خلالها معدلات نمو عالية، والصناعة فى عهد جماعة الإخوان عانت بشكل كبير من التدهور والانهيار فكانت تمثل 13٪ فقط من الناتج القومى، ولكن حالياً ارتفعت إلى 18٪ وتظل فى ارتفاع مستمر نتيجة للمشروعات الكبرى التى تقيمها الدولة.
ويتابع أن الصناعة فى 2012 انهارت معدلات النمو بها نتيجة الاضطرابات الاقتصادية والسياسية وسوء الإدارة، بالإضافة إلى وضع العقبات أمام الاستثمار، ومن الأسباب الرئيسية عدم توافر الطاقة التى تدعم المصانع.
عوامل عدة
ويشير السيد إلى أن الوضع الحالى للصناعة يعكس نجاح خطة الدولة فى الاصلاح الاقتصادي، فهناك تحسن كبير وتطور رائع فى مجال الصناعة، وساهم فى ذلك عدة عوامل منها قانون الاستثمار 72 لسنة 2017 والذى دعم حركة الصناعة من خلال تخفيض الرسوم الجمركية على السلع الرأسمالية مثل الآلات والمعدات الصناعية لنسبة 2٪ فقط، كما وضعت الدولة خريطة تحدد المناطق الصناعية داخل مصر مما ساهم فى توحيد الجهود، بالاضافة إلى توفير مقومات الصناعة وتوفير الطاقة اللازمة، فتم إنشاء 12 ألف مصنع خلال السنوات القليلة الماضية، ناهيك عن زيادة نسبة العمال لأكثر من 40٪.. وهو ما يؤكد الفارق الكبير بين الوضع الحالى للصناعة ووضعها فى عهد الإخوان.


«عام أسود على السياحة»

عام حكم الجماعة الإرهابية لمصر كان كبيساً على الاقتصاد فى مختلف المجالات، وعلى السياحة بشكل خاص والتى هبطت مؤشراتها إلى أقل درجاتها فى ذلك العام.
وفى الفترة من 30 يونيو 2012 وحتى نفس التاريخ من العام التالى تراجعت أعداد السياح القادمين إلى مصر حوالى 18% من جميع دول العالم لتسجل أقل مستوياتها بـ 9.5 مليون سائح مقابل 11.5 مليون فى نفس الفترة عام 2011 – 2012، حسب ما أعلنه وزير السياحة وقتها هشام زعزوع، إذ انخفض أعداد السياح العرب إلى 1.8 مليون بانخفاض قدره 22.4%.
ويقول اللواء أحمد حمدى نائب رئيس هيئة تنشيط السياحة السابق، أن الجماعة اتخذت مواقف لم يكن لها وجود فى عالم السياحة من قبل، وأنها استحدثت مصطلحات مثل السياحة الحلال وسياحة العائلات والسياحة الخاصة وهو ما لا يتماشى مع طبيعة القطاع، موضحًا أن المقصود بسياحة الحلال عند الجماعة هو تحشم المرأة الأجنبية وتغيير نمط زيها وهو ما لن تتقبله الوفود من الدول الأخرى، وبالتالى يؤدى إلى العزوف عن القدوم إلى مصر.. ويضيف أن الجماعة حاولت استغلال سلطتها والضغط لإصدار تراخيص لشركات سياحية تابعة لها، رغم توقف إصدار التراخيص فى هذا الوقت، ومحاولة الاستفادة قدر الإمكان من القطاع، وأنها حاولت التضييق على الفنادق العالمية بوضع معايير غير منطقية وهو ما لم تتقبله تلك الفنادق وكانت بصدد الانسحاب إذ استمر الأمر على نفس السياق.. ويؤكد أن عام الإخوان كان أصعب الفترات التى مرت بها السياحة فى مصر وأنها هبطت إلى أدنى مستوياتها.. ويرى سامح سعد، رئيس شركة الصوت والضوء، أن نتائج السياحة فى الفترة الحالية أفضل كثيرا من فترة 2012- 2013، وأن الأحداث الحالية من تنظيم البطولة الإفريقية والشكل التى ظهرت به، وزيارات الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كافة الأنحاء من الصين إلى أمريكا غيرت من شكل مصر ومن الطريقة التى يتم النظر لها بها.. ويضيف وأن الوضع الأمنى الحالى ساعد فى تتطور السياحة ووصولها لمعدلات جيدة مقارنة بالسنوات السابقة، ويدلل رئيس شركة الصوت والضوء على الفرق بين الفترتين بأن عدد السياح العرب فى فترة الإخوان لم يتجاوز الـ 500 ألف، والآن يقارب الثلاثة ملايين، رغم امتلاك العديد من السياح العرب لأصول فى مصر إلا أنه على الرغم من ذلك لم يأت حرصا على سلامتهم مشيرًا إلى أن اختلاف الأرقام يعكس كيفية الاهتمام والوعى بأمور السياحة.