قصص وعبر| صرخة رضيع في مقابر الغفير

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

وضعت الجنة تحت أقدام الأمهات لما في قلوبهن من رحمة وحنان، وما يقدمونه من تضحيات لأجل ابنائهن، لكن كان لهذه الأم التي تجردت من كل المعاني الإنسانية، وفقدت أهم صفة من صفات الأمومة وهي الرحمة والحنان بعدما ألقت برضيعها ابن الـ١٠ أيام بجوار مقبرة بمنطقة مقابر الغفير وسط السكون المريب الذي يرعب القلوب.

أسدل الليل ستائره وعم الظلام المقابرتأتي النجوم في السماء وتذهب فيزداد المنظر رعبا وجمالا في آن واحد، بينما ظل الرضيع مستلقيا بجوار أحد المقابر دون رعاية أو اهتمام، تحيط به أصوات نباح الكلاب الضالة تبدو كعواء الذئاب والتي ليست مألوفة لديه فيشتد فزعه وتتعالى صرخاته بحدة تتلوها لحظات قصيرة من التوقف ثم يطلق صرخة أخرى يشوبها ألم ونواح من شدة الجوع أيضا واحتياجه إلى الرضاعة.

قضى الرضيع ليلته بين الأنين والسهاد، وسط المقابر يئن ويتأوه أنينا يتصدع له القلب ويذوب له الصخر يتلوى جسده النحيل من شدة الجوع، يرتجف كرجف الأوراق في الأشجار حتى بدا شاحب الوجه في صفرة الأموات.

وفي صباح اليوم التالي أشرقت الشمس وكأنها خجولة ترسل أشعتها في حزن، وتساقطت أوراق الشجر اليابسة تتطاير وتتراكم على الأرض بجوار الرضيع، وما أن يصدر صوت خشخشتها تحت أقدام زائري المقابر أو ساكنيها يقشعر جسد الرضيع ويطلق الصرخات مرة أخرى من شدة الفزع.

وجاءت العناية الإلهية لإنقاذ الرضيع من موت محقق أثناء مرور أحدى قاطني المقابر الذي تعاظمت الدهشة على وجهه عندما وقعت عيناه على الرضيع، فهرول مسرعا وبعين مغرورقة بالدموع يسبقها الدعاء على أم الرضيع باللعنة بعدما تركته يلاقي مصيره وسط المقابر.

تم إبلاغ قسم الشرطة وانتقل رجال المباحث لمكان الواقعة، وتم تحرير محضر وأحيل إلى نيابة منشأة ناصر وقرر المستشار كارم محمود رئيس النيابة الذي باشر التحقيقات بإشراف المستشار أحمد الأبرق المحام العام لنيابات غرب القاهرة،  بتوقيع الكشف الطبي على الرضيع الذي تبين إصابته بحالة إعياء شديدة، وإيداعه إحدى دور الرعاية، وسرعة تحريات المباحث حول الواقعة وسرعة ضبط وإحضار الأم التي تجردت من كل المعاني الإنسانية والأمومة.