ملامحه كلها منه.. بوريس جونسون «نسخة بالكربون» من ترامب في حكم بريطانيا

دونالد ترامب وبوريس جونسون
دونالد ترامب وبوريس جونسون

تبدو ملامحهما واحدةً من حيث لون البشرة والشعر، حتى في طريقة تصفيفه، مع فارقٍ عمريٍ، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب طعن في عامه الرابع والسبعين، أما زعيم بريطانيا الجديد بوريس جونسون فأكمل في التاسع عشر من يونيو الماضي عامه الخامس والخمسين.

بوريس جونسون أصبح اليوم الثلاثاء 23 يوليو زعيمًا لبريطانيا، بعد أن فاز بانتخابات زعامة حزب المحافظين الحاكم، ليخلف بذلك تيريزا ماي، التي استقالت من منصبها أواخر شهر مايو المنصرم.

وتفوق جونسون، الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية البريطاني حتى يوليو عام 2018، على خلفه جيريمي هنت، وزير الخارجية الحالي، بنسبة أصوات بلغت 66%، بعد أن حصل على أكثر من 92 ألف صوتٍ من أعضاء حزب المحافظين، وهو ما يناهز تقريبًا ضعف ما حصل عليه جيريمي هنت.

وبفوزه بانتخابات زعامة المحافظين، أصبح من المؤكد أن يكون جونسون رئيسًا للحكومة البريطانية، في ظل تمتع حزبه بالأغلبية في مجلس العموم البريطاني (البرلمان).

وبالعودة للحديث عما بدأناه في أول التقرير، من حيث أوجه التشابه بين زعيم بريطانيا الجديد والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن الأمر لا يتوقف عما ذكرناه سلفًا حول لون البشرة والشعر، فهناك أمورٌ أخرى تجمعهما.

وترامب كان أول المهنئين لجونسون على فوزه بزعامة حزب المحافظين، وتنبأ له بأن يكون عظيمًا في حكم بريطانيا، حسب رأيه. فما الذي جمع ترامب بجونسون؟

الأفكار اليمينية المتشددة

من الوهلة الأولى للحديث، يتصدر المواقف المتشددة من كلا الزعيمين مشهد التقارب بينهما، فالرئيس الأمريكي الجمهوري ينتمي لليمين المتشدد، ولطالما أثار الجدل في الولايات المتحدة بسبب مواقفه المناصرة لليمين المتشدد، والتي وصلت لحد اتهامه بالعنصرية.

كان ذلك حينما وجه تصريحاتٍ اُعتبرت بالمسيئة بحق أربع ديمقراطيات داخل مجلس النواب الأمريكي، على رأسهن إلهان عمر، النائب الديمقراطية في الكونجرس من أصل صومالي. وطالب ترامب في تصريحاته النائبات الأربع، وكلهن من أصول ليست أمريكية، بالعودة إلى بلادهن وإصلاح ما بها من فسادٍ، وهي التصريحات التي جعلت مجلس النواب يتبنى قرارًا بإدانة "عنصرية" الرئيس الأمريكي.

أما بوريس جونسون فهو يحمل أيضًا أفكارًا متشددة يمينية، تقترب إلى سمو العرق الأبيض، مثل ترامب، وقد هاجم جونسون الرئيس الأمريكي باراك أوباما ليس بسبب سياساته، ولكن لأنه من أصول أفريقية.

كما أن جونسون، عُرفت عنه تصريحاته المتطرفة، ففي السابق كتب جونسون عام 2007، في كتابه "الطريق إلى روما"، أن الإسلام "تسبب في تخلف العالم الإسلامي لقرون"، حسب زعمه.

وتذرع في ذلك في أن "كل بؤرة متوترة في العالم تقريبًا لها علاقة بالإسلام، من البوسنة إلى فلسطين والعراق فكشمير"، حسب رأيه.

طريقة التفكير

فيما يتعلق بمعالجة الأمور، تبدو طريقة تفكير جونسون مشابهة لترامب، فكلاهما لا يقبلان الحلول الوسط ومسألة التفاوض والتنازلات.

مثالٌ على ذلك، إقدام الرئيس الأمريكي على نسف معاهداتٍ وقعتها بلاده في عهد أسلافه في البيت الأبيض، وأبرزها الاتفاق النووي المبرم مع إيران، واتفاقية باريس لمكافحة تغير المناخ، الموقعة عام 2015، إضافةً إلى عددٍ آخر من الاتفاقيات.

وتتلمس ذلك في جونسون من تصريحاته بشأن مباحثات "البريكست" المتعثرة بين بلاده والاتحاد الأوروبي، فالزعيم البريطاني الجديد يصر على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بحلول الموعد المتفق عليه نهائيًا في الحادي والثلاثين من أكتوبر المقبل، سواء تم التوصل لاتفاقٍ مع بروكسل من عدمه.

وعلى الرغم من أن البرلمان البريطاني قد صوّت من قبل ضد فكرة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي من دون اتفاقٍ، لكن جونسون يبدو عازمًا على المضي في ذلك، حال لو لم يتمكن.

ليس هذا فحسب، فلطالما اتهم جونسون رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، التي تستعد لمغادرة منصبها غدًا الأربعاء، بأنها قدمت تنازلاتٍ كبيرةً لأوروبا فيما يتعلق باتفاقات ماي مع القادة الأوروبيون، والتي أجهضها البرلمان البريطاني في ثلاث مناسبات.

محاباة إسرائيل

من الأمور المشتركة أيضًا بين ترامب وجونسون، هو محاباة إسرائيل على الدوام، فالرئيس الأمريكي لم يجد إلا جهده في دعم دولة الاحتلال الإسرائيلي بعدة قرارات، أبرزها الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل في السادس من ديسمبر عام 2017، كما نقل سفارة بلاده لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس بعد ذلك في منتصف مايو 2018، بمناسبة حلول الذكرى السبعين لقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمثل ذكرى النكبة للعرب والمسلمين.

كما قرر ترامب أيضًا الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية المحتلة، في قرارٍ ينافي توجه الولايات المتحدة نفسها في العهود السابقة تجاه الأرض السورية التي تحتلها إسرائيل.

أما جونسون فلن يختلف كثيرًا عن ترامب بشأن موقفه من إسرائيل، وقد صرح مسبقًا في التاسع من يوليو الجاري لصحيفة "جويش نيوز" البريطانية بأنه صهيونيٌ حتى النخاع، قائلًا إن إسرائيل هي "البلد العظيم" الذي يحبه، حسب وصفه.

فهل يسير بوريس جونسون على نهج ترامب، خاصةً في ظل العلاقات الوثيقة التي تجمع الولايات المتحدة ببريطانيا؟ وهو ما يعني في وجود جونسون لن يكون هناك ما يعكر صفو هذه العلاقة.