من قلب إسرائيل.. حكاية «قنبلة» رئيس وزراء إسرائيل على «تويتر»

الارتياح والشماتة على وجه نتانياهو بعد إلقاء قنبلته فى وجه منافسه إيهود باراك
الارتياح والشماتة على وجه نتانياهو بعد إلقاء قنبلته فى وجه منافسه إيهود باراك

ملياردير مشبوه.. أيقونة فوز نتانياهو على باراك


«لوليتا إكسبرس» مقر تجنيد القاصرات وابتزاز شخصيات عامة والتحكم فى نتائج الانتخابات


سقوط أمير بريطانى ومحامى قطر وأكاديميين وحاصلين على «نوبل» فى الشبكة

 

«لم أدخل منزله إلا لدواعى العمل معه.. لم أر فتيات صغيرات فى منزله.. لم تكن علاقتنا متطورة حد الصداقة». 

بتلك العبارات الموجزة، حاول إيهود باراك رئيس حزب «إسرائيل الديمقراطية» الوليد تبرئة ساحته أمام الناخبين الإسرائيليين من شبهة العلاقة الوطيدة برجل الأعمال اليهودى الأمريكى جيفرى أبشتاين. ورغم أن الساحة السياسية فى إسرائيل لم تسمع قبل ذلك عن أبشتاين، إلا أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو اعتبره أيقونة لهزيمة منافسه باراك خلال الانتخابات المقررة سبتمبر المقبل، معتمداً فى حربه على الكشف عن شراكة غير معلنة بين الرجلين (أبشتاين وباراك) فى عالم الأموال والصفقات.

وارتباط اسم الأول بسجل هائل من قضايا الفساد، التى جاء فى طليعتها: الاتجار فى الفتيات القاصرات، والتهرب من الضرائب، والثراء مجهول المصدر، وهى الاتهامات التى حُكم عليه فى إحداها بالسجن 13 شهراً.

أصاب نتانياهو «الهدف» بمنتهى الحرفية، واختار «القذيفة» بمهارة الرامى الشرس؛ فتزامناً مع إعلان باراك اعتزامه خوض المنافسة الانتخابية، ألقى نتانياهو بالقنبلة التى حركت المياه الراكدة، ونشر تغريدة على حسابه فى «تويتر»، وجه فيها سؤالاً استنكارياً وربما توبيخياً لمنافسه: «ما الذى حصلت عليه من خلال علاقتك بالملياردير الأمريكى اليهودى جيفرى أبشتاين، المحكوم عليه بالسجن عام 2008 على خلفية تجارته فى النساء والقاصرات؟!». 

ورد نتانياهو على نفسه فى التغريدة، مشيراً إلى أن باراك حصل من الملياردير الأمريكى على مبالغ طائلة فى إطار صفقة لم تخرج أصلاً إلى حيز التنفيذ.

ورغم تبادل الاتهامات المعروف خلال المنازلات الانتخابية، إلا أن استغلال نتانياهو لورقة رجل الأعمال الأمريكى القاصمة، ترك مساحة للشك فى عفوية أو ذاتية الاختيار، لاسيما عند استعراض ملف أبشتاين، الذى يشى بـ«رجل مهام خاصة»، يتمتع بعلاقات متشعبة مع عدد ليس بالقليل من أمراء وزعماء ومشاهير العالم، ونفوذ ثاقب لدى دوائر اقتصادية وسياسية دولية فاعلة، فضلاً عن صعود سريع وغير مبرر فى عالم الأموال، لاسيما أنه لم يحصل على شهادة جامعية!.

ويدعم احتساب أبشتاين فوق القانون الأمريكى، ويضع حول هويته العديد من علامات الاستفهام، لائحة الاتهام التى قدمت ضده الأسبوع الماضى فقط فى نيويورك، وتشير إلى أنه فى الفترة ما بين 2002 وما بعدها، اعتدى أبشتاين على عشرات الفتيات فى أحد منازله فى بالم بيتش، وفلوريدا، ودفع لهن مبالغ ضئيلة مقابل تجنيد عدد من الفتيات القاصرات لابتزاز شخصيات عامة. بهذه الطريقة كوَّن شبكة قاصرات، لا تتجاوز أعمار أعضائها 14 عاماً، إلا أن بعضهن لذن بالفرار من منزله إلى الشارع.

 

21 ضحية
وفى نهاية عام 2005، تجمعت لدى الشرطة 21 ضحية من ضحاياه، كن على استعداد للشهادة ضده. وفى 2007، أعد مدعون فيدراليون ضده ما لا يقل عن 53 لائحة اتهام، ووصلت مواد اللوائح جميعها إلى المدعى العام المسئول عن التحقيق، أليكس أكوستا، إلا أن الأخير أبرم معه صفقة، جرى بموجبها اعتراف أبشتاين بلائحة واحدة فقط، وهى تجنيد قاصرات للدعارة، فحكم عليه بالسجن 18 شهراً فى أحد سجون بالم بيتش، الذى بدا أكثر راحة من منتجع ريفى، وسُمح له خلال فترة سجنه بمغادرته ستة أيام فى الأسبوع لممارسة العمل من مكتبه.

إذا تمدد الدعم الأمريكى لنتانياهو، وطال نقل سفارة واشنطن إلى القدس، وضم هضبة الجولان السورية، ووعد بضم مستوطنات الضفة الغربية، فمن غير المستبعد أن يأتى ملف رجل الأعمال اليهودى الأمريكى أيضاً من واشنطن، ليطيح بكل منافس يقف أمام نتانياهو، لكن الأمر قد يتجاوز ذلك ليصل إلى تهديد دوائر دولية بالورقة ذاتها، ولعل هذه الدوائر، بداية من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نفسه، وسلفه بيل كلينتون، مروراً بالأمير البريطانى أندرو، وصولاً إلى عدد آخر من رجالات السياسة والاقتصاد والفن، هى ذاتها التى نفت علاقتها برجل الأعمال المريب جيفرى أبشتاين.

لاسيما بعد تفجير قنبلة نتانياهو فى إسرائيل. لا تبعد قصة هؤلاء وكذلك إيهود باراك عن المبنى ذى البوابة المهيبة والواجهة الكلاسيكية فى شارع 71 بحى «بار إيست سايد»، الملاصق لـ«سنترال بارك»، فهو أحد أكبر المنازل الخاصة فى منهاتن، ويتكون من سبعة طوابق، يخصص الطابقان الأول والثانى منه لاستقبال الضيوف، بينما تنتشر فى الأدوار المتبقية العديد من غرف النوم. 

وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، يحتوى الطابق الثانى أيضاً على جدران من الأسلاك، ومحطات حراسة، وعدد كبير من عناصر الأمن التى تحيط بصاحب المنزل جيفرى أبشتاين. وتغطى إحدى طاولات المنزل صور لعدد كبير من مشاهير العالم، وعلماء حائزين على جائزة نوبل، وسياسيين، فضلاً عن صورة موقعة بخط الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون.

 

مرتان فقط

اشترى أبشتاين المنزل عام 1989 من لزلى وكسنر، مؤسس شركة الملابس الداخلية «فيكتوريا سيكريت» مقابل 13.2 مليون دولار وتشير صور كاميرات دائرة المراقبة فى المنزل إلى زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إيهود باراك للمنزل مرتين على الأقل.

وتعتبر الصحيفة العبرية المواطنة الأمريكية جيسيكا شاهدة عيان فهى تقطن بجواره، وقالت على لسانها إن زوار المنزل المريب من الرجال هم فى معظمهم من الأثرياء وكبار السن، وإلى جانبهم يستقبل المنزل زائرات قاصرات حسناوات جداً. 

وفيما يتعلق بملاحظة زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إيهود باراك، نفت جيسكا ذلك، وأعربت عن اعتقادها بأنه إذا فعل وزار منزل وسط هذه الأجواء، فسيدخل تحت جنح الظلام ومن باب خلفى، لاسيما فى ظل انتظار محررى «بابا راتزى» على باب المبنى الرئيسى. وحول انطباعها عن أبشتاين، قالت: «يمارس أبشاتين مخالفات على مرأى ومسمع من الجميع، ومثل أى شخصية قوية لا يكترث بردود فعل من حوله».

وحاول عدد كبير من الشخصيات التى زارت منزل أبشتاين البالغ من العمر 66 عاماً التنصل من علاقتهم به، بما فى ذلك من يجلس فى البيت الأبيض حالياً، ففى عام 1992، تلقى أبشتاين دعوة لحضور حفل يقيمه أصحاب ملهى «مار–أ–لاجو» فى فلوريدا.

وظهر ترامب مع أبشتاين فى الفيديو الذى كشفته شبكة CNN الأسبوع الجارى، كما ظهرت حولهما العديد من الفتيات صغيرات السن. ويدعى ترامب الآن أنه لم يتحدث مع أبشتاين منذ ذلك الحين، وأن علاقته به لا تختلف عن علاقاته بدائرة النخبة. 

وأضاف فى حديث سابق: «تعرفت على أبشتاين مثل الآخرين فى «بالم بيتش، ولم أكن معجباً به ذات يوم».

 

نساء جميلات
ولم تكشف وسائل الإعلام الأمريكية أو غيرها عن تلك المعلومات إلا مع اقتراب نهاية ولاية ترامب، ما يعنى أن تلك المعلومات لم تعد مهمة لممارسة ضغوطات عليه، وإلا كانت سترى النور إذا استدعى ذلك قبل توليه الرئاسة، لاسيما أن تاريخها يعود إلى عام 2002، حينما قال ترامب: «من الممتع أن أكون بصحبة أبشتاين، لأنه يحب النساء الجميلات مثلى تماماً». 

ولعل السيناريو ذاته هو ما جرى مع الرئيس الأسبق بيل كلينتون، حينما كان من بين مستقلى طائرة أبشتاين الخاصة المعروفة بـ«لوليتا إكسبرس»، بالإضافة إلى عدد آخر من مشاهير السينما الأمريكية فى زيارة لأفريقيا تفقدوا خلالها مرضى الإيدز، الذين يشرف صندوق كلينتون على علاجهم، لكن تلك المعلومات لم تر النور إلا الآن فقط، لزوال أهمية الضغط على كلينتون خلال توليه الرئاسة.

ولم يخرج الأمير البريطانى أندرو من نطاق شبهات العلاقة برجل الأعمال الأمريكى اليهودى، فكانت فيرجينيا روبرتس جوفرا من بين الفتيات القاصرات التى جندهن أبشتاين لإقامة علاقات جنسية محرمة مع الأمير، وتقديمه لعدد آخر من الفتيات. وادعت فيرجينيا فى الوقت نفسه أنه جرى بيعها لعدد كبير من الأكاديميين وزعماء العالم، وحددت بالاسم الأمير أندرو، والمحامى اليهودى الأمريكى الشهير ألان درشوفيتس، الذى تستأجر قطر خدماته نظير مقابل مادى كبير للتقارب وتحسين صورتها لدى الولايات المتحدة وإسرائيل.

ولا يتضح ما إذا كان إيهود باراك استقل طائرة «لوليتا إكسبرس»، لكن ليس ثمة شك فى أنه كان عضواً وشريكاً فى صفقات أبشتاين خلال سنوات طوال، واعترف فى حديث لـ«ديلى بيست» بأنه التقى رجل الأعمال الأمريكى ما يزيد عن عشر مرات، لكنه أنكر لقاءه بصحبة نساء أو فتيات قاصرات، وأضاف أنه تعرف على أبشتاين من خلال الرئيس الإسرائيلى الراحل شمعون بيريز، وحضر اللقاءات شخصيات مرموقة، وعلماء حازوا على جائزة نوبل للسلام.