بعد نجاح "بحبه" أولى أغنيات ألبومه الجديد

عمرو دياب الأب الروحي لـ"المقسوم الشرقي الحديث"

عمرو دياب
عمرو دياب

طرح النجم الكبير عمرو دياب أول أغنيات ألبومه الجديد "أنا غير" والتي تحمل اسم "بحبه"، الأغنية من كلمات أيمن بهجت قمر، وألحان محمد يحيى، وتوزيع أسامة الهندي.

"بحبه" تنتمي إلى إيقاع المقسوم الشرقي الذي أصبح قاسمًا مشتركًا في كل ألبومات عمرو دياب على مدار الثلاثين عامًا الماضية، وهو إيقاع مصري الطابع ينقسم الى قسمين كل منهما يتكون من وحدتين إيقاعيتين ، لا داعي هنا لتحليل الايقاع موسيقيًا بقدر الإشارة الى الدور الكبير الذي لعبه عمرو دياب في تطوير هذا الإيقاع طوال مشواره الفني مع اختلاف أسماء الموزعين الموسيقيين الذين تعاون معهم  .

في ثمانينات القرن الماضي وتحديدا عام 1987 ومع بزوغ نجم عمرو دياب  حققت أغنيته "خالصين" من كلمات رضا امين وألحان خليل مصطفى وتوزيع فتحي سلامة نجاحًا كبيرًا لسبب بسيط وهو مزج إيقاع المقسوم بالتطور التكنولوجي الحادث في الموسيقي وقتها بدخول علم الهارموني والموسيقي الاليكترونية، هذا المزج كان واحدًا من مميزات فتحي سلامة الذي نافسه وقتها وبقوة حميد الشاعري صاحب البصمة الواضحة في تغيير شكل التوزيع الموسيقي بالوطن العربي .

واصل دياب تطويره للمقسوم في ألبومه التالي "ميال" والذي صدر عام 1988 ، قدم دياب عددًا أكبر من أغاني المقسوم التي حملت اسم حميد الشاعري كموزع موسيقي، أبرزها "توبة" و "ازيك" ، ولكن أغنية "ميال" الرئيسية كانت من توزيع فتحي سلامة، هنا قدم عمرو دياب شكلًا أكثر حداثة للمقسوم بدخول أصوات حية مثل " الصقفة" واستخدام صوته في الكورال كجزء من موسيقى الإيقاع نفسه .

الطفرة الأكبر التي أحدثها عمرو دياب في شكل المقسوم جاءت مع ألبوم "حبيبي " الذي وزعه بالكامل حسام حسني ، وهنا أعاد عمرو دياب استخدام "الساكسفون" كآلة موسيقية لعبت دورًا كبيرًا في الأغنية الشرقية في مرحلة السبعينات والستينات، وبعده اتجه أغلب المطربين لإعادة إحياء تلك الآله في أغانيهم .

قفز عمرو دياب بإيقاع المقسوم لمنطقة أكثر تطورًا في ألبومه " أيامنا" والذي عاد يه للتعاون مع حميد الشاعري كموزع ، وهذه المرة أعاد آلة الأوكرديون للتعاون مع الساكسفون كقضيبي قطار يسير عليه الإيقاع الشرقي الشهير نحو التطور الحقيقي ، وهو ما ظهر بوضوح في أغلب الفواصل الموسيقية لأغاني "الماضي" ، "أيامنا" ، "ياروحي انا" ، ثم أعاد بجرأة استخدام القانون الشرقي في الفاصل الموسيقي لأغنية "فاكر" .

انتقل عمرو دياب للتعاون مع طارق مدكور في ألبومه التالي "ياعمرنا" والذي صدر عام 1993 ، وظهر هنا استخدام واضح للإليكتريك جيتار كعنصر مهم في صناعة الأغنية المقسوم بالتعاون مع الأوكرديون ، وظهر هذا بوضوح في أغاني مثل " كان عندك حق" .

هل اكتفى عمرو دياب بتطوير هذا الإيقاع في إطار الالات الشرقية فقط ؟ بالطبع لا ففي عام 1999 طرح الهضبة البوم "قمرين" والذي عاد فيه للتعاون مع الموزع طارق مدكور، والذي بدوره شكل حالة موسيقية جديدة وقتها عندما أدخل عناصر مختلفة على الأغنية العربية ، من استخدام متميز لالات الموسيقى الإسبانية وإيقاعاتها كما هو واضح في أغنية "قمرين" وكذلك المزح بين الإيقاع الافريقي والعود الشرقي في أغنية "أنا" ، ولكن عمرو دياب نجح في مزج المقسوم الشرقي والموسيقى اليونانية  في أغنية "أنا بحبك اكتر" مع انجيلينا ديمتريو عندما ظهرت آلة "البيزوكيا" أو البزق ، ومن ذلك الحين أصبح المقسوم ذو الطابع اليوناني أحد العلامات المميزة في ألبومات عمرو .

وفي ألبومه تملي معاك مزج عمرو دياب بين المقسوم والإيقاع الخماسي "النوبي" في أغنية "وهي عاملة إيه" والتي كانت من ألحان عصام كاريكا وكلمات بهاء الدين محمد وتوزيع طارق مدكور ، وفي نفس الألبوم قدم إيضًا أغنية "لو كان يرضيك" المنتمية لإيقاع المقسوم "القاعد" وكانت من الحان وليد سعد وكلمات أيمن بهجت قمر وظهر فيها الموسيقى الشرقية البحته بوضوح .

وقدم عمرو رؤية جديدة للمقسوم الشرقي في ألبوم " علم قلبي" الصادر عام 2003 ، وتحديدا في أغنية "كلهم" التي وزعها هاني يعقوب وكتبها أيمن بهجت قمر ولحنها عمرو مصطفى حيث امتزج إيقاع المقسوم بموسيقى الـ "أرن إن بي" ، وكذلك قدم المقسوم الشرقي الخالص "القديم" في أغنية "حبيبي ياعمري" التي لحنها خالد عز وكتبها بهاء الدين محمد ووزعها فهد ويحيى الموجي .

وفي البومه "ليلي نهاري" قدم عمرو أيضًا شحنه لا بأس بها من أغنيات المقسوم ولكن أبرزها " ريحة الحبايب" التي مزجت بين المقسوم وإيقاع البلوز ولمسات من السوفت روك باستخدام الاليكتريك جيتار في الأغنية التي لحنها محمد يحيى وكتبها نادر عبد الله ووزعها نادر حمدي .

وبعودة للتعاون مع الموزع طارق مدكور قدم دياب شكلًا اخر أكثر حداثة للمقسوم في البوم "كمل كلامك" وتحديدا في أغنية "وحكايتك إيه" والتي بنيت على إيقاع الطبلة الإليكتروني بشكل مصمت امتزج بالوتريات الشرقية ، مع الباص جيتار والهارموني الذي يتميز به مدكور دائما .

وفي البومه "وياه" الصادر عام 2009 قدم عمرو دياب تصورًا جديدا للمقسوم في أغنية "إلا حبيبي" من كلمات عبد المنعم طه وألحان "إمحمد الأمين وحسن بيك " الفلكلورية التي وضع عمرو دياب بصمته في تلحينها ووزعها حسن الشافعي ، وظهرت الأغنية مزجا واضحا بين المقسوم والإيقاع المغاربي .

الاعتماد على الجيتار الاسباني والاليكتروني ظهر كواحد من سمات المقسوم لدى عمرو دياب وهو ماظهر بوضوح في اغنية "مقدرش أنا" التي صدرت ضمن البوم "بناديك تعالى" عام 2011 ، والاغنية من كلمات تامر حسين والحان عمرو طنطاوي وتوزيع عادل حقي.

وفي البومه "شفت الأيام" قدم عمرو دياب رؤية مختلفة للمقسوم أيضًا في أغنية "كان كل حاجة" والتي بدت أقرب للمقسوم الصعيدي أو الريفي المصري القائم على فكرة "العديد" ، ومزج معها فواصل موسيقية للاليكتريك جيتار ووزعها أسامة الهندي.

ولأن عمرو دياب مؤمن جدًا بقيمة الأغنية الشرقية الأصيلة عاد ليكرر تجربة "حبيبي ياعمري" بعد 13 عاما ولكن هذه المرة في ألبوم "أحلى وأحلى" من خلال أغنية " أمنتك" التي اعتمدت على الات شرقية بحته من وتحديدًا الوتريات ، وهي من توزيع اسامة الهندي وكلمات تامر حسين وألحان محمد النادي .

بالطبع النجاح الكبير لأغنية "يتعلموا" التي قدمها في البومه الماضي "كل حياتي" والتي حملت بصمة الموسيقى اليونانية وكذلك الايقاع المقسوم تمثل فرعا جديدا ضمن نجاحات عمرو دياب مع ايقاع المقسوم وهي من كلمات تامر حسين وألحان عمرو مصطفى وتوزيع أسامة الهندي .

المؤكد أن الروية الفنية لعمرو دياب هي المحرك الأساسي لكل الأشكال الموسيقية التي يقدمها مهما اختلفت أسماء الموزعين الذين تعاونوا معه ، ولهذا فبالنظر الى تاريخه ستكتشف  أن "الهضبة" هو أكثر فنان طور شكل المقسوم الشرقي كإيقاع قادر على استيعاب كل الثقافات الموسيقية الأخرى ، وملمح رئيسي من ملامح شخصيته الفنية .