بعد 64 عاما يستعد للرحيل من وسط البلد

مجمع التحرير.. رايح على فين؟

مجمع التحرير يخدم مائة ألف مواطن يوميا
مجمع التحرير يخدم مائة ألف مواطن يوميا

مساحته 28 ألف متر ضم إدارات لـ28 هيئة و13 وزارة وأكثر من 30 ألف موظف وتردد عليه 100 ألف مواطن يوميا


المدير التنفيذى للمجمع : جار نقل باقى الإدارات تباعا.. وندرس كيفية الاستفادة منه


د. سهير حواس : تحويله إلى فندق سياحى عالمى أفضل الحلول

 

«مجمع التحرير».. شاهد على تاريخ مصر وأحداثها ، القديمة والحديثة ذاكرة عمرها ٦٤ عامًا ، يسجل لك التاريخ العريق، الشاهد الأول والرئيسى على أهم أحداث البلاد .

 

يلبى كل رغبات العباد حيث يجمع بداخله العديد من المكاتب الإدارية الحيوية التى يحتاجها كل مواطن، ولكنه اليوم وبعد هذا العمر يدخل فى طور جديد ليصبح مستقبلًا لزوار مصر ومحبيها.

 

بعد رحيل ادارة الجوازات والهجرة وتخفيف الزحام بنسبة 75% ، حيث بدأت باقى الإدارات والهيئات الحكومية الموجودة داخل مجمع التحريرالاستعداد للرحيل والانتقال إلى الأماكن الجديدة المخصصة لها.

 

« الأخبار» رصدت على أرض الواقع ما يدور داخل أروقة المجمع ، خاصةأن هذا المجمع يحمل بين جدرانه حكايات وأسرارا وذكريات خاصة بعد تقديم العديد من الأعمال الفنية التي ارتبط بها المصريون وعلى رأسها فيلم « الإرهاب والكباب» حيث كان المجمع شاهد عيان على تاريخ مصر الحديث ، وشهد ثورات مصر المختلفة.

 

كما حاورت أساتذة الهندسة المعمارية الذين أكدوا أنأفضل استغلال لهذا المجمع هو تحويله إلى فندق عالمى فى قلب العاصمة.

 

مجمع التحرير هو أقدم المبانى الإدارية بالقاهرة، حيث يعد عمره ما يقرب من 64 عامًا، بنى المجمع فى موقع إحدى الثكنات السابقة للجيش البريطانى على يد المهندس محمد كمال إسماعيل ويضم بداخله إدارات مختلفة تابعة لـ28 هيئة حكومية و13 وزارة.

 

من بين تلك الوزارات وزارة التضامن الاجتماعى، يحتوى على تسعة آلاف موظف حكومي، ويتكون من 14 طابقاً، تم بناؤه على مساحة 28 ألف متر وارتفاعه 55 متراً وبه أكثر من 1356 حجرة للموظفين، ويتميز بالصالات الواسعة والمناور والنوافذ العديدة والممرات الكثيرة بكل دور ، كما أنه شكله مميز فإذا نظرت إليه وأنت تقف قبل مسجد عمر مكرم، سيبدو لك، كمقدمة سفينة على قدر كبير من الرشاقة، خطوطها الجانبية تنساب بنعومة.

 

وإذا نظرت له من شارع الشيخ ريحان، من الجزء الخلفى للمجمع، سترى ما يشبه جزءا من دائرة، قمتها زاحفة نحوك، تتسم بالحيوية. وإذا وقفت فى منتصف الميدان، فإن المجمع سيتخذ هيئة القوس.

 

ذكريات وأسرار

 

بين أروقة هذا المبنى تفوح رائحة التاريخ ، الجدران تبوح بأسرار وكواليس شهدها المجمع على مر تاريخه..التقينا عم على مسئول الأسانسير الذى روى حكايته فى أسانسير مجمع التحرير الذى كان يقصده كل المترددين على مجمع التحرير من فنانين وشخصيات عامة .

 

فقال: ذكرياتى داخل اسانسير مجمع التحرير كثيرة فلا أنساها فقد شاهدت عددا كبيرا من نجوم السينما وتحدثت معهم مثل الفنان الجميل يحيى الفخرانى وممدوح عبد العليم.. وهالة صدقى وهالة فاخر وكمان افتكر إن محيى الدين إسماعيل طلع معايا أكتر من مرة فى الأسانسير.

 

واضاف ومن نجوم الكرة طلع معايا حسن حمدى رئيس النادى الأهلى السابق، والكابتن محمود الخطب وعدد كبير من الشخصيات العامة والسياسية.. كما لا انسى الزعيم عادلإمام أثناء تصوير فيلم «الإرهاب والكباب « فكان يمازحنى كثيرا هو والفنانة يسرا.

 

وعن عم جمعة فهو من أقدم الموظفين بداخل مجمع التحرير، أنه عاش فى المجمع لعمر طويل وظل يعمل بداخله لمدة 54 سنة، عاصر الكثير من الأحداث حيث شاهد ثورة 30 يونيو من داخل المجمع، إلى جانب استرجاعه لذكريات أثناء ثورة 25 يناير .

 

قائلًا: إنه من يوم 25 ليوم 28 فى تمام الساعة الثانية ظهرا كانت ثورة نظيفة وسلمية، وأنه شاهد بعينيه تلك الأحداث وفى ليلة يوم 28 انقلبت الثورة أصبحت تدهورا وخرابا وذلك لدخول الإخوان، بالإضافة إلى أن عمله فى المجمع كان سببا فى رؤيته بعض الشخصيات ذات الثقل.

 

ويشير إلى أن عمال المجمع هم من قاموا بحمايته أيام الثورة بأنفسهم دون تدخل الشرطة، لافتًا إلى أنه كان مستعدا أن يفتدى المجمع بحياته، حيث إنه قضى الكثير من الأوقات السعيدة فى المجمع لا يستطيع نسيانها أبدًا.

 

بينما يوضح عم محمد، مشرف إسعاف المجمع، أنه عاش جميع ظروف المجمع من تطور وتدهور وثورات، ومن ضمن ذلك ثورة 30 يونيو حيث عاش أجواء الأحداث، وكان ينقل مصابي الثورة مع ضباط الحربية لعدم السماح بدخول غير المصابين، مشيرًا إلى أن بداخل المجمع يوجد عيادة لإسعافات جرحى الثورة.

 

وأضاف أنه لاينسى اللافتة التى علقها المتظاهرون فى 25 يناير بإغلاق مجمع التحرير بقرار الثوار هذا الأمر أحزننى وأوضح أن فى هذا الوقت الإدارة الوحيدة التى كانت تعمل هى إدارة الجوازات والهجرة وكان يدخل الموظفون من الباب الخلفى.

 

وأشار أسامة عبد العال، المدير التنفيذى ومدير أمن المجمع أنه يعتبر هذا المكان منزله الثاني، وقال إن الحديث عن إخلائه بدأ منذ عدة سنوات وبالفعل تم إخلاء عدد من الإدارات لكن الأمور توقفت وعادت فى الفترة الأخيرة وتم إخلاء إدارة الجوازات والهجرة وتم إخطار جميع الجهات بالعمل على إخلاء الإدارات .


ويروى المدير التنفيذى أنه عاصر أحداثا كثيرة داخل أروقة المجمع منها تصوير عدد من الأفلام السينمائية فى المجمع منها فيلم «الانفجار» بطولة عزت العلايلى وفاروق الفيشاوى وشاهدت جميع أحداثه وكنت دائم الحديث مع الفنانين كما حضرت تصوير فيلم «الارهاب والكباب» الذى لاقى نجاحا كبيرا.

 

وأضاف ..لا أنسى مشهد إلقاء أنانيب أثناء محاولة قوات الأمن اقتحام المجمع، وصوت الانفجار الذى صدر منه، والذى تسبب فى تحطيم الزجاج هنا ..كما أنه أصاب ركابا فى مترو الانفاق وقتها بالرعب وأشار إلى أن المشهد الذى كان للنجم الراحل علاء ولى الدين فوق السطوح عندما حاول الانتحار كان من أهم المشاهد التى عشتها معه عن قرب وأضاف وعاصرت ثورة يناير وثورة 30يونيو وما حدث فيهما.

 

واكد أسامة عبد العال المدير التنفيذى لأمن مجمع التحرير ان عملية الاخلاء الفعلى لمجمع التحرير بدأ بالفعل مضيفا ان وزارة التضامن الاجتماعى بدأت بالفعل فى إخلاء متعلقاتها من داخل المجمع بواقع 39 غرفة موضحا ان هذه الغرف تم تسكينها لهيئة قضايا الدولة لحين الانتهاء من تجديد المبنى الخاص بالهيئة. 

 

واضاف انه تم إبلاغ جميع الادارات داخل المجمع بضروة الإخلاء والبحث عن أماكن بديلة وأضاف أن إدارة الجوازات أخلت الدور المخصص لها وتمإغلاقه وجار تباعا إخلاء باقى المبنى.

 

وأضاف أن عملية تفريغ المجمع ليس وليدة اليوم ولكن سبق أن حددت المحافظة عددا من الأماكن لنقل الموظفين التابعين لها وأن الوزارات التى لديها قطاعات بالمجمع عليهاأيضا تدبير أماكن بديلة لموظفيها .

 

وأكد انه لم يحدد حتى الآن شكل تطوير المجمع بعد الإخلاء مضيفا أن هناك جهات استشارية تعمل على إخراجه فى أبهى صوره وأضاف أن مجمع التحرير يضم العشرات من الإدارات الخدمية التى تهم المواطنين والتابعة لمجموعة من الوزارات، ويضم حوالى 30 ألف موظف بالإضافة إلى تردد حوالى 100 ألف مواطن يومياً خلال ساعات محددة من النهار مما يتسبب فى ضغط مرورى على المنطقة المحيطة به بأكملها وأنه جار دراسة الاستخدام الأمثل بما يليق به مع تحقيق الهدف الرئيسى بتخفيف الضغط المرورى على المنطقة.

 

قرار الإخلاء


وتعود فكرة إخلاء مجمع التحرير لعام 2000، حيث أصدر د. عاطف عبيد، رئيس الوزراء آنذاك، وقتها قراراً بإخلاء المجمع من الموظفين وذلك بهدف تفريغ العاصمة من المصالح الحكومية لتقليل الضغط على منطقة وسط القاهرة ثم بدأ الإخلاء بالفعل عندما أصدر محافظ القاهرة الاسبق د. جلال السعيد، قرارا بإخلاء مبنى مجمع التحرير، وذلك لتقليل الضغط عليه وأخطرت المحافظة كافة الوزارات والهيئات الموجودة فى المجمع، لإخلاء الأماكن الخاصة بها قبل الموعد المحدد، وإخطار المحافظة بذلك، لاتخاذ اللازم.

 

واكدت د. سهير حواس أستاذة الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة أن قرار إخلاء مجمع التحرير صائب وسوف يساعد على تخفيف الزحام فى منطقة ميدان التحرير ويقضى على المركزية، وأضافت أن بحث فكرة استغلال مجمع التحرير سياحياً وذلك بعد إعلان محافظة القاهرة خطة لإخلاء المجمع تماماً من المصالح الحكومية خلال الفترة القادمة .

 

وقالت: إن هذا المبنى العملاق يقع على مساحة 28 ألف متر مربع بارتفاع 55 متراً ويضم 14 طابقاً بها 1356 حجرة متفاوتة المساحات وهو ما يجعل أكثر الإجراءات واقعية بعد إخلاء المجمع هو إعادة استغلاله كمنشأة سياحية. 

 

وأضافت أن هذا الاقتراح يأتى لعدة أسباب على رأسها الموقع المتميز لمبنى المجمع فى وسط القاهرة بالإضافة إلى أن المنطقة المحيطة به مليئة بالفنادق الكبرى وما زالت قادرة على استيعاب المزيد .

 

وأشارت إلى أن تنفيذ الاقتراح ليس سهلاً على الإطلاق وأنه لا يمكن اتخاذ أى قرار بهذا الشأن إلا بعد دراسة متأنية ومستفيضة وتقييم ما يحتاجه المجمع من جهد وتكاليف لإعادة تأهيله سياحياً وتحديد مدى جدوى المشروع ومدى توافر الاشتراطات الصحية والتأمينية للمنشآت السياحية فى مبنى المجمع.
 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا