«فيزيتا» الأطباء بألف جنيه| بيزنس العيادات الخاصة.. تجارة رابحة بآلام المرضى

«فيزيتا» الأطباء بألف جنيه| بيزنس العيادات الخاصة.. تجارة رابحة بآلام المرضى
«فيزيتا» الأطباء بألف جنيه| بيزنس العيادات الخاصة.. تجارة رابحة بآلام المرضى

- بورصة أسعار «فيزيتا» الأطباء من 150 جنيها حتى ألف جنيه.. و150 جنيها للاستشارة  

- المرضى: الأطباء يوجهونا لمعامل وشركات طبية «محددة» لوجود بيزنس بينهما.. والأسعار «نار»

- الأطباء: الأسعار تختلف حسب الدرجة العلمية والخبرات والمهارة.. ونطالب بتوحيد الأسعار على المهن الآخرى

- «الصحة»: مشروع قرار لتوحيد «فيزيتا» الأطباء بالعيادات وإصدار إيصالات.. ولم يخرج للنور

- «الأطباء»: توحيد الـ«فيزيتا» مسئولية النقابة وحدها.. وخاطبنا الجمعيات العلمية لإرسال الأسعار

 

 

علاج المرضى، وتخفيف آلامهم، ومداواة علاتهم، من أسمى وأنبل المهن في التاريخ الإنساني، لكن تحولت مهنة الطب في أيامنا إلى بيزنس لجمع «المال الحرام» والتجارة بآلام المرضى ومعاناتهم، ففي العيادات الخاصة ارتفعت «فيزيتا» الأطباء (أسعار الكشف) إلى 500 و600 جنيه، لتصل إلى 1000 جنيه في عيادات الأمراض النفسية والعقلية في المناطق الراقية، أما الاستشارة فقط فتصل لـ150 جنيها و200 جنيه، والإعادة بـ50 جنيها إضافيا، ولاسيما بيزنس توجيه المرضى لمعامل تحاليل وإشاعات بالاتفاق المسبق بين الأطباء ونظير نسبة، كل ذلك في غياب تام من وزارة الصحة ونقابة الأطباء، اللتان أعلنتا سعيهما لضبط المنظومة منذ قرابة 9 شهور؛ إلا أنه يبقى الوضع على ما هو عليه، وعلى المريض أن يتحمل التكلفة الباهظة!

 

بورصة «فيزيتا» الأطباء

 

جولة «بوابة أخبار اليوم» في القاهرة والجيزة، رصدت ارتفاع بورصة «فيزيتا» الأطباء بدءًا من 150 جنيها للكشف في منطقة المريوطية والكوم الأخضر بالجيزة، و350 جنيه في عيادات الهرم بمناطق العريش وسهل حمزة، و400 جنيه في برج الأطباء بمنطقة فيصل بالجيزة، لترتفع في الدقي والمهندسين لـ600 جنيه، وتصل لـ1000 جنيه في عيادات الأمراض النفسية والعصبية.

 

أما في القاهرة ففي الأحياء الراقية بالتجمع الخامس والشيراتون والنرجس ترتفع الأسعار لـ750 جنيها، وفي مناطق القاهرة القديمة تتراوح بين 200 جنيه و350 جنيها، وفي منطقة وسط البلد تتراوح الأسعار بين 500 و600 جنيه.

 

تختلف أسعار العيادات وفقا للدرجة العلمية للطبيب كونه ممارس عام، أو حاصل على الماجستير، أو استشاري، أو أستاذ دكتور بالجامعة ولديه عيادة، كما أن التخصصي الطبي عامل هام مؤثر سواء أمراض قلب وباطنة أو أنف وأذن وحنجرة أو أمراض نفسية وعصبية أو عظام، وهكذا.

 

لاحظنا أيضا أن بعض الأطباء يلجأ لرفع أسعار الكشف بدرجة مبالغ فيها ليوهم المرضى أنه ذات خبرة كبيرة ويملك «مفاتيح شفائهم» وتخفيف آلامهم في يده، ويضع في عيادته من الشهادات العلمية والمسميات والخبرات السابقة ومناطقة الخدمة التي عمل بها قائمة طويلة كي يستشعر المريض أن ما يدفعه قليل جدا مقابل خبرات الطبيب الجبارة!

 

جودة التشطيبات بالعيادات وتوافر أجهزة تكييف وشاشة عرض بالعيادة عامل هام كي يستشعر المريض ضخامة تكلفة العيادة التي يتعالج بها، وأن ما يدفعه ليس بالكثير مقابل جلوسه في عيادة 5 نجوم، في حين لازالت هناك عيادات بالمناطق الشعبية في مصر القديمة كعين الصيرة والأباجية، وعيادات بالمشابك التابعة لفيصل، ذات جودة متدنية والبلاط قديم ومتهالك والسلالم سيئة ومظلمة والمقاعد قديمة وغير كافية لأعداد الحالات المترددة على العيادة ما دفع بعضهم لافتراش الأرضية وسلالم العيادة.

 

المرضى: «بندفع دم قلبنا»      

 

قابلنا عم إبراهيم سليمان، صاحب الـ54 عاما، عامل، فيقول لـ«بوابة أخبار اليوم» إنه مريض بفيروس سي، ومنذ فترة يتلقى علاجه على يد طبيب يدفع سعر الكشف لديه 420 جنيها، وعند الإعادة يدفع 70 جنيها، وإذا ما طلب منه الطبيب تحاليل جديدة يدفع للاستشارة ونظير اطلاع الطبيب على التحاليل 100 جنيه.

 

ويضيف «سليمان»، أن الطبيب يقوم بتوجيهه إلى معامل تحاليل معينة لإجراء التحاليل الدورية، وينصحه أنها الأفضل ومضمونة النتائج، وبعد ذلك اكتشف أن هناك اتفاقا مسبقا بين المعمل والطبيب!

 

ويتفق معه علي السيد، 38 عاما، فيقول إنه لجأ إلى عيادة طبيب متخصص في الأنف والأذن والحنجرة كونه لديه مشكلة في السمع، ووجهه الطبيب إلى إحدى الشركات الخاصة التي يتعامل معها لشراء السماعة، كما يقوم بتوجيهه إلى صيدلية بعينها لشراء الدواء ويقنعه أنه لن يجد الدواء إلى بها.

 

واشتكى غالبية المرضى من ارتفاع أسعار الكشف «فيزيتا» الأطباء بسبب ارتفاعها كل عام وفقا للأهواء ورغبات الأطباء، مطالبين بتدخل الدولة لضبط المنظومة الصحية في مصر.

 

الأطباء: التسعيرة الموحدة «ظالمة»

 

نقلنا شكاوى المرضى للأطباء، فيقول إيهاب محمد، طبيب، إن تحديد أسعار موحدة لـ«فيزيتا» الاطباء به ظلم لهم، لأن الأطباء مختلفون حسب الدرجات العلمية والخبرات السابقة والمهارة، وكذا المناطق السكنية المتواجدة بها العيادات فهناك عيادات في مناطق راقية إيجارها مرتفع، وعيادات في مناطق شعبية إيجارها منخفض، لافتا إلى ارتفاع الأسعار عموما في مصر بعد تحرير سعر الصرف للجنيه وليس أسعار الأطباء فقط.

 

ويضيف أن القائمة الموحدة للأسعار تتطلب وجود إيصالات وتطلع عليها الضرائب، ما يثقل كاهل الأطباء بالضرائب.

 

أما سامح سعد، طبيب، فيشير إلى أنه لا طبيب يجبر مريض على العلاج لديه، والمرضى أمامهم المستشفيات الحكومية للعلاج فيها، ومن يرغب في خدمة طبية معينة أمامه المستشفيات والعيادات الخاصة، منوها على ضعف رواتب الأطباء التي يتقاضونها من الحكومة، منوها على أن ذلك عمل حر يشبه عمل المحامي الذي يتقاضى في القضية آلاف الجنيهات حسب رغبته وكذلك المهندس والإعلامي.

 

محاولات «الصحة»

 

في أكتوبر من العام الماضي، أعلنت وزارة الصحة والسكان، إمهال 38 ألفا و600 عيادة و4620 مركزا طبيا و1460 مستشفى خاصا مهلة 15 يومًا لتوفيق أوضاعها وإعلان تسعيرة "الفيزيتا" والجراحات الطبية مع منح المرضى فواتير وإيصالات ضريبية بالمبالغ التى سددوها للخزينة، وجاء هذا القرار كقرار تنظيمي بحيث يكون منظما جيدا للتسعيرة بالعيادات الخاصة والمستشفيات في سبيل تخفيف العبء على المواطنين.

 

وأصدرت الوزارة الكتاب الدورى رقم 18 لسنة 2018، والذى ينص على إلزام العيادات والمستشفيات والمعامل وبنوك الدم والمراكز الطبية ومركز الأشعة بوضع لافتة تتضمن قيمة الكشف والمقابل المادي لأي خدمة طبية داخل المنشأة.

 

لكن تسبب القرار في أزمة مع نقابة الأطباء التي احتجت بشدة كون ذلك من مهام النقابة وليس الوزارة، مؤكدة أن إعلان أسعار موحدة غير دستوري، وإصدار إيصالات ليس دور وزارة الصحة بل دور وزارة المالية،كما رفض الأطباء الامتثال للقرار وتنفيذه.

 

وأعلنت الوزارة على لسان الدكتور علي محروس، رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر بوزارة الصحة، أن المقترح يتضمن تحديد قيمة الكشف للطبيب الممارس 100 جنيه حدا أقصى و200 جنيه للأخصائي و400 جنيه للاستشاري الحاصل على الدكتوراه والاستشارى أستاذ الجامعة 600 جنيها، بهدف إعادة الانضباط للقطاع الطبى الخاص وبما يستهدف المريض بالمقام الأول.

 

وأعلنت الوزارة أنها ستطرح الأمر برمته لحوار مجتمعي، وتسعى لتطبيقه وفق قانون أو قرار وزاري ملزم، وأن تنفيذه يتطلب زيادة أعداد مفتشي إدارات العلاج الحر على مستوى الجمهورية.

 

«الأطباء»: وضع أسعار استرشادية

 

أما نقابة الأطباء فقد أعلنت على لسان د. منى مينا، وكيل النقابة العامة للأطباء، إنها ليست ضد وضع لائحة استرشادية لأجور الأطباء، وأن النقابة أرسلت للجمعيات العلمية المختلفة لمعرفة تقديرهم لقيمة كشف الأخصائي والاستشاري، وتقديرهم المادي لقيمة التدخلات العلاجية المختلفة، مشيرة إلى أنه بعد تلقي الردود الخاصة بذلك الشأن ستعلن النقابة عن جدول استرشادي لأسعار الخدمات الطبية بمختلف الجهات الخاصة.

 

أما الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء، فقد أكد أن النقابة هي المسئولة وحدها عن وضع حد أدنى وأقصى للأسعار وفقا للقانون، مؤكدا أن هناك استغلالا لحقوق المواطنين من بعض الأطباء، ولكنها نسبة ضئيلة جدا لا يجوز تعميمها، متابعا: «هي أمور موجودة في كل العالم، وهناك أمور منطقية وواقعية طبقًا للتخصصات والمناطق الجغرافية»، مطالبا بالحفاظ على حقوق الطبيب إلى جانب الحفاظ على حقوق المريض.

 

معاناة المرضى «مستمرة»

 

أمام الصراع الدائم والمستمر بين وزارة الصحة ونقابة الأطباء حول تحديد أسعار موحدة لـ«فيزيتا» الأطباء، وتنازع الاختصاصات فيما بينهما، ورفض كثير من الأطباء الالتزام بالتسعيرة الموحدة، وانتظار نقابة الأطباء لردود الجمعيات العلمية لوضع تصور لأسعار كل طبيب حسب تخصصه؛ تظل معاناة المرضى مستمرة، ويتحملون وحدهم التكلفة الباهظة، ليبقوا بين شقي رحىّ آلام المرض ونار الأسعار.