حكايات| محمود الليثي.. «أنا القتيل» الذي صنعت تواشيح الحارة شعبيته

محمود الليثي
محمود الليثي

لم يتبادر لذهني عندما استمعت لـ محمود الليثي في إحدى جلسات التجلي، أنني سأسير خلف واحد من أهم مطربي جيله في الألفية الأخيرة، ولم اقتنع يومًا أن ذلك الشخص الواقف على خشبة مسرح في فرح شعبي وراءه قصة كبيرة.

 

«على صوت فتاة مدلهة في الخلفية وصوت ردئ» .. بدأ تعارفي على محمود الليثي.. عندما انطلقت الجملة الأشهر في مسيرته، ومهدت له ليكون أيقونة من أيقونات الفن الشعبي في مصر.

 

على واقع «عزيزي المشاهد.. عزيزي المستمع مع نجم الأغنية الشعبية محمود الليثي».. انطلق الليثي ليؤسس إمبراطوريته الشعبة في ليالي أفراح الحارات ويكتب فصلا جديدا من فن جديد اختص به.

 

يعد الليثي الذي ينتمي الى منطقة إمبابة بمحافظة الجيزة.. أحد أشهر مطربي الجيل الحالي الذين اختاروا الغناء الشعبي طريقًا لهم.. بنفس طويل وتمكُن واضح من المقامات أصبح من خلالهما هو المتفرد في هذه الساحة حاليًا، لا يكاد تخلو حملة إعلانية أو فيلم من إنتاج السبكي من وجوده.

 

إذا بحثت في أرشيف موقع «يوتيوب»، باسم محمود الليثي ستجد الكثير من الأغاني التي تعود إلى 2011 وما قبلها، حيث كان في بداياته الفنية ويسجل أغانيه بجودة رديئة، لكنها حققت نجاحًا باهرًا في سوق الموالد والمواصلات العامة، كما امتد صداها للأفراح الشعبية.

 

أنا القتيل

في المناطق الشعبية هنا جملة دارجة تعبر بشكل ضمني عن الشغف إذ يقول أحدهم تعبيرا عن التمسك والإصرار : «أنا قتيل هذه الشيء»، ويبدو أن الليثي فطن إلى أهمية الجملة في مشواره الفني غناءً وفعلاً فكانت أغنية «أنا القتيل» هي نقطة انطلاقه.

من ضمن تراث الليثي الذي يحافظ عليه ولا يغفله هي «أنا القتيل»، التي حققت نجاحًا مدويًا في الأفراح والموالد، وهي التي طرحها في الفترة بين 2004 و2006.

قصة الليثي مع «أنا القتيل»، بدأت مع اتجاهه للشيخ العربي فرحان البلبيسي والذي يعد واحدًا من أشهر شيوخ المديح النبوي، والذي طلب منه أن يعيد تقصيد أغنيته الشهيرة «قصدت بابك»، والتي هي في الأصل قُدمت لمديح النبي.

وقدم الليثي الأغنية، والتي زاد من شهرتها تلك الفتاة المغمورة التي كانت مع بدايتها، والذي استطاع بها أن يراهن على صوته ويتفوق ويلقى نجاحًا ضخمًا، ما منحه فرصة أخرى لتقديم ما هو أشمل.

عقب الانتشار الواسع في "السوق الشعبي"، اتجه الليثي الذي اشتهر بـ"يوه يوه"، في الاتجاه للون الديني أو التواشيح، وهو ما يختلف كليًا عما نشاهده في معظم أفلام المنتج السبكي.

الأنبياء

من خبايا حياة الليثي، أنه بدأ أول مشوار فني له في عمر صغيرة جدًا لا يكاد يتعدى الـ 12 عامًا، حتى قدم أغنية «الأنبياء»، والتي أكد في تصريحات صحفية من قبل أنها كانت سببًا رئيسيًا في ازدياد شهرته.

وتحدث الليثي في أحد الحوارات التليفزيونية، عن تلك الأغنية تحديدًا والتي ذكر فيها 25 نبيًا، قائلا: “الكثيرون لا يعرفون كل أولئك الأنبياء، ولذلك أسعدت كثيرا أنه جمع لهم أطراف هذه المعلومة، وهي سبب رئيسي في شهرتي».

النقشبندي

يتميز محمود الليثي بالتنوع، لا يكتفي بنوع معين وإنما يسعى إلى إثبات نفسه بشكل مغاير ومفاجئ أحيانًا، قاموسه ممتلئ بالكثير من الأسرار، وكان من بينها ابتهال للشيخ سيد النقشبندي «ربي هب لي الهداي وأطلق لساني».

وقدم الليثي في أكثر من لقاء تليفزيوني، كان من بينها حلقة ظهر فيها مع الفنان أشرف عبدالباقي في برنامج «عيش الليلة»، ابتهال «ربي هب لي الهداي» بطريقة مبهرة.


إطار الحياة الذي يسير عليه الليثي في حياته خارج عالم الفن لا تختلف كثيرًا عن ما يظهر عليه على عدسات التليفزيون، حيث كشف في أحد اللقاءات الصحفية عن امتنانه لمنطقته إمبابة وأهله، حيث أشار إلى أنه أصر على استكمال تعليمه ليصبح مهندسًا لرغبة والده أن يراه كذلك، ومن ثم الاتجاه إلى "حلمه" الذي طالما راوده منذ الصغر.

 

وأجرى الليثي حوارًا صحفيًا تحدث فيه عن جوانب لا يعلمها أحد عن حياته الأسرية وروتينه اليومي أيضًا، مشيرا: «مش بعمل حاجة في حياتي غير أني أصلي واشتغل، ولا بخرج ولا بشوف حد خالص، وكل حياتي عايشها للشغل وعبادة ربنا».

 

واستكمل: «أواظب على الصلاة وتلاوة القرآن في شهر رمضان، وأذهب إلى الحسين بشكل دائم، لأنني أشعر بإحساس مختلف، وحالة روحانية خاصة هناك».

 

لا يخشى الليثي «التجربة»، يقدم فنا مختلفا لا يقدمه أحد غيره فقد غنى للعربي البلبيسي وابتهالات النقشبندي، بل قدم فنا جديدًا من كلمات «منة عدلي القيعي» على موسيقى «التكنو»، فقد قدم «ابن امبابة» عددا كبيرا من الموسيقى وأنواعها، وفي كل مرة يكون هو الحصان الأسود.