سكنته العائلة المقدسة 185 يومًا.. تعرف على دير السيدة العذراء «المحرق» 

دير السيدة العذراء «دير المحرق»
دير السيدة العذراء «دير المحرق»

أصدرت وزارة الآثار كتالوج من لغتين العربية والانجليزية، للتعرف على أهم المراحل التي مرت بها «العائلة المقدسة»، في رحلتها إلى مصر، وأكثر المناطق التي سكنتها، حيث أنها لم تستقر في مكان واحد في مصر إنما تنقلت بين جنباتها من ساحل سيناء إلى دلتا النيل حتى وصلت إلى أواسط الصعيد، ودخلت إلى مصر عن طريق صحراء سيناء من جهة العريش والفرما ، لترتحل إلى العديد من المدن المصرية، التي قسمتها المصادر الدينية والتاريخية القبطية إلى ثلاث مراحل.

اتقسمت المرحلة الأولى إلى المدن التالية : "العريش – الفرما – تل بسطة – مسطرد – بلبيس – مدينة سمنود – سخا – وادي النطرون"، والمرحلة الثانية انقسمت إلى " المطرية – بابليون بمصر القديمة – منف – المعادي".

أما المرحلة الثالثة فكانت :" البهنسا – جبل الطير – الاشمونين – فيليس – قسقام – مير – جبل قسقام – جبل درنكة" ، وقد أقامت العائلة المقدسة فى بعض المدن أسبوعا أو بضعة أيام، وفي مدن أخرى شهرا أو أكثر وكانت أطول مدة قضتها هي في «جبل قسقام»، حيث قضت 185 يوما.
واستمرت العائلة المقدسة في مصر حوالي أربع سنوات إلى أن مات «هيرودوس» الملك وحكم بدلا منه «أرخيالوس».

«دير المحرق»..
يقع في سفح جبل معروف باسم «جبل قسقام» على أسم مدينة «قسقام» التي خربت منذ زمن بعيد ، ويبعد دير المحرق حوالي 12 كيلو متر غرب بلدة القوصية محافظة أسيوط وعلى بعد 327كم جنوب القاهرة و 48 كم شمال أسيوط.

ويقع الدير على حافة الصحراء حيث ترى في الغرب الصحراء على امتداد البصر وكان الرهبان كثيراً ما يتوغلوا فى الصحراء فيما يعرف بالتوحد في داخل الصحراء "حسب الإصطلاح القبطى الرهبانى يطلق عليها البرية الجوانية" ، أما شمال الدير وشرقه فتوجد الحقول الخضراء التي تريح النظر وتبهج النفس.

يعتبر «دير المحرق» من أشهر الأديرة القبطية في مصر وله سمعة تاريخية وعالمية ، واشتهر رهبانه منذ القدم بالتقوى والعلم حيث امتد أثرهم الكرازي والعلمي حتى جنوب أوربا ووسطها وشمالها ووصل إلى أيرلندا.

«لماذا أشتهر دير السيدة العذراء بالمحرق»؟
عُرف منذ القدم باسم «دير السيدة العذراء» واشتهر بـ«دير المحرق» وأيضا بـ«دير جبل قسقام» وترجع شهرته بـ«دير المحرق» إلى أن الدير كان متاخماً لمنطقة تجميع الحشائش والنباتات الضارة وحرقها، ولذلك دعيت بالمنطقة المحروقة أو المحترقة، ومع مرور الوقت استقر لقب الدير بالمحرق.

كما أنه أشتهر بـ«دير جبل قسقام» ، و«قسقام» أسم قديم منذ عصر الفراعنة وهو يتكون من مقطعين «قُس .. وقام»  و«قس» هي اسم مدينة اندثرت حاليا كانت عاصمة الولاية الرابعة عشرة من الولايات الـ 22 التي كان مقسما بها صعيد مصر ولم يبقى منها حاليا إلا «البربا – المعبد» ومعناها الديني المكان العلوي، ومعناها المدني تكفين أو تحنيط جثة الميت ولفها بالكتان لتحضيرها للدفن، و«قام».. اسم كانت تختص به المنطقة التي تقع غرب الولاية الرابعة عشر ومعناها الديني «اللانهاية ـ إلى الأبد» ، ومعناها المدني كما يقول المؤرخ أبو المكارم «مكفن بالحلفاء للصعاليك - فقراء» ولقرب قام من قُسْ اشتهرت المنطقة والجبل المجاور بقسقام وبالتالي اشتهر الدير بدير «جبل قسقام».

أجمعت الكتب الكنسية المعترف بها في الكنيسة القبطية والكتب القديمة الموثق في صحتها التي تطرقت للحديث عن العائلة المقدسة واتفق الباحثون في شبه إجماع تقريباً على أن العائلة المقدسة بعد ما ارتحلت من أورشليم إلى مصر وانتقلت بين عدة بلاد وقرى، حطَّت رحالها في قسقام وقد دلّت الدراسات على أن سفح جبل قسقام كان في ذلك الزمان، صحراء قفرة لا يسكنها أحد على الإطلاق، إلا أنه كان يوجد بيت مهجور من اللَّبن وسقفه من سعف النخيل ويقع على منحدر هضبة شرقية واسعة، وفي خارجه من الجهة الشمالية يوجد بئر ماء.

وعندما التجأت العائلة المقدسة إلى هذا البيت بتدبير إلهي استراحت فيه بعد عناء ومشقة الترحال، فمكثت فيه فترة من الزمان في هدوء واطمئنان في بساطة العيش وتواضع الحال مُدَبراً قُوتها الضروري بعناية إلهية وازداد ماء البئر بوفرة وصار صالحاً عذباً للشرب بالرغم من جفافه مدة طويلة.

كما قام يوسف النجار بعمل إصلاحات في مبنى البيت، وكانت في أعلاه غرفة علوية تمكث فيها السيدة العذراء مع ابنها، وكانت توجد في ذلك الزمان مغارة في الجبل قرب هذا البيت تذهب إليها السيدة العذراء مع طفلها أحياناً.