تفاصيل أولى القوافل الدعوية المشتركة بين الأزهر والأوقاف

قبل انطلاق القافلة
قبل انطلاق القافلة

انطلقت أولى القوافل الدعوية المشتركة بين علماء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إلى مدينة حلوان بمحافظة القاهرة أمس، لأداء خطبة الجمعة، برعاية من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ووزير الأوقاف.
وجاء ذلك في إطار التعاون المشترك والمثمر بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف من أجل تصحيح المفاهيم الخاطئة، ونشر الفكر الوسطي المستنير، وبيان يسر وسماحة الإسلام، ونشر مكارم الأخلاق والقيم الإنسانية، وترسيخ أسس التعايش السلمي بين الناس جميعا.
 ومن على منبر مسجد الرحمن أكد الدكتور رمضان حسان الأستاذ بجامعة الأزهر، أن الإسلام دين الأمن والأمان، والسلم والسلام، والبر والإحسان؛ ولا شك أن الوفاء بالعهد قيمة أخلاقية وإنسانية عظمى، بها تُدعم الثقة ويتحقق الأمن والأمان بين الشعوب بعضها مع بعض، وتنمو بها أواصر التعاون والمودة والبناء والتقدم بين أبناء المجتمع الواحد، لذا كان الوفاء بالعهد شعبة من شعب الإيمان، ودليل من دلائل الصدق والإحسان، فهو أدب رباني جليل، وخلق نبوي كريم، وسلوك إسلامي قويم، مبينًا  أن الوفاء عهد الأمان وعدم نقضه من شيم الإيمان وهو بمفهوم العصر الحاضر: ما تمنحه الدولة من تصريح، أو تأشيرة، أو إذن بالدخول إلى أراضيها لأحد رعايا الدول الأخرى، سواء أكان سائحًا، أم زائرًا، أم مقيمًا ، بموجب الأعراف، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية في التعامل مع الدبلوماسيين، ومن في حكمهم، أو بموجب الاتفاقيات الثنائية بين الدول، بأي طريق من الطرق المقرة، المعتبرة قانونا، والمعترف والمعمول بها لدى الدولة المضيفة، وفق قوانينها المنظمة.

ومن على منبر مسجد المراغي، أكد الدكتور صلاح السيد عضو  إدارة الدعوة بالأمانة المساعدة بمجمع البحوث الإسلامية، أن الإسلام أمر أتباعه بضرورة التحلي بخلق الوفاء بالعهود والعقود والمواثيق، وأكد على ذلك تأكيدًا جازمًا، قال تعالى : {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً}، وقال جل شأنه: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}؛ أي: التزموا الوفاء بكل عهد أوجبتموه على أنفسكم، سواء أكان فيما بينكم وبين الله عز وجل، أم فيما بينكم وبين الناس، ولا تنكثوا الأيمان بعد أن أكَّدْتموها، وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً وضامنًا حين عاهدتم، فمن أبرم عقدًا وجب عليه احترامه، ومن أعطى عهدًا وجب عليه الالتزام به .

ومن على منبر مسجد التواب بالمشروع الأمريكي، بين الشيخ محمد سعد موسى مدير عام الدعوة بالأمانة المساعدة أن الوفاء بالعهد من أوجب الواجبات وألزمها شرعا، وقانونا، ووطنية، وإنسانية، فإذا كان ديننا الحنيف قد أعلى من شأن عهد الأمان؛ بمعنى أن العهد الذي يقطعه أحد المسلمين على نفسه، يكون مُلزمًا لجميع المسلمين، فما بالنا إذا صار هذا العهد ميثاقا يضبطه وينظمه الشرع والقانون معا، متعاضدين، يقوي كل منهما الآخر، ويدعمه، ويستوجبه ؟ لا شك أن ذلك يقتضي الوفاء بالذمم والعهود، لا نقضها ، ولا تضييعها، ولا حتى مجرد المساس بها.

ومن على منبر مسجد الصباح الكويتي العزبة البحرية، أكد الشيخ عاشور مبروك عبد المنعم مدير  عام الأمانة منطقة وعظ القاهرة أن الإسلام دين حفظ العهود والعقود، ولا يعرف الغش، ولا الخداع، ولا الخيانة ، فلم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه رضوان الله عليهم، أنهم منعوا أحدًا الأمان، أو نقضوا عهد أمان منحوه لأحد، حيث يقول الحق سبحانه مخاطبًا نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ}، ويوم أن كان بين سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وبين الروم عهد، فأراد معاوية رضي الله عنه، أن يخرج على مقربة من حدود الروم ، فإذا انتهى الموعد باغتهم، فلحق به رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاء لا غدر، فنظروا، فإذا عمرو بن عبسة رضي الله عنه، فأرسل إليه معاوية رضي الله عنه، فسأله، فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يقول: «من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشدّ عقدة، ولا يحلّها حتّى ينقضي أمدها ، أو ينبذ إليهم على سواء»، فرجع معاوية رضي الله عنه».

ومن على منبر مسجد الرحمن بعين حلوان، أكد الدكتور أسامة فخري مدير إدارة المساجد الحكومية أن عظمة الإسلام في أعلى صورها في أمر الله عز وجل، لنبيه صلى الله عليه وسلم، أن يجير ويأمن من استجاره، ولو كان مشركًا، بل ولو كان محاربًا ، حيث يقول سبحانه: {و َإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ}، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم رسخ لهذه القيم النبيلة التي تحقق الأمن والأمان للإنسانية كلها بقوله وفعله، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا».

ومن على منبر مسجد عثمان بن عفان بعرب راشد، أكد الشيخ حسين محمد سيد إمام وخطيب بأوقاف القاهرة أن النبي صلى الله عليه وسلم، جسد لنا عمليًّا أروع الأمثلة في الوفاء بالعهد حتى مع أعدائه؛ ففي يوم بدر يقول حُذَيْفَةُ بْن الْيَمَانِ رضي الله عنه: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلاَّ أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي، فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قَالُوا: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا، فَقُلْنَا: مَا نُرِيدُهُ، مَا نُرِيدُ إِلاَّ الْمَدِينَةَ، فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «انْصَرِفَا ، نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ ، وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ».

ومن مسجد الاستقامة بعرب غنيم، أكد الشيخ أحمد محمود محمد إمام وخطيب بأوقاف القاهرة،أن من واجبنا جميعا الحفاظ على العهود والمواثيق التي تلتزم بها الدولة تجاه كلِّ إنسان يدخل إلى بلادنا، وأن نكون متعاونين ومتضامنين على حفظ دمه، وعرضه، وماله، وخصوصيته، كما أن من واجبنا حسن استقباله، وإكرامه؛ ليرى منا ما نحب أن يتصوره عن عظمة ديننا، وعمق حضارتنا، ورقي إنسانيتنا؛ بما يسهم في تكوين الصورة الذهنية الصحيحة لديننا ، ووطننا، ومجتمعنا، وهذا هو حال الأمم والشعوب الراقية المتحضرة.