بعد سنوات العبودية.. هل تنجح الولايات المتحدة في مصالحة السود؟

الولايات المتحدة الأمريكية
الولايات المتحدة الأمريكية

لسنوات عاش ذوي البشرة السمراء، حياة مليئة بالإهانة والعنصرية وسياسة الفصل في الولايات المتحدة الأمريكية، فغير مسموحا لهم بارتياد الأماكن التي يرتادونها البيض ولا تعليم أبنائهم في مدارسهم ولا دخول محلاتهم، حتى الحمامات العامة كانت منقسمة بين البيض و«الملونين»، وغيرها من التصرفات التي لا تسع المجلدات لذكرها.

ليس هذا فحسب، بل كانت الدولة بأكملها تميل للبيض وحتى القوانين كانت لهم بالرغم من إعلان تحرير العبيد، الذي أصدره الرئيس أبراهام لنكولن في 1 يناير 1863، فكانت التهم تلفق لذوي البشرة السمراء ليواجهون السجن وفي بعض الأحيان يدفعون حياتهم ثمنا لجرائم لم يرتكبوها، مثلما حدث في قضية الطفل جورج ستيني الذي واجه اتهامات بقتل طفلتين من البيض ظلما، ورغم حداثة عمره الذي لم يتجاوز العاشرة آنذاك، إلا أنه حكم عليه بالإعدام جلوسا على الكرسي الكهربائي، وبعد أكثر من 50 عاما أعيد فتح القضية ليثبت القضاء براءة الطفل المسكين من تلك الجريمة.

لم تكن قضية الطفل ستيني الوحيدة بل ارتكبت الكثير من الجرائم المماثلة تحت حماية القانون الظالم، إضافة إلى المضايقات التي كان يتعرض لها ذوي البشرة السمراء وكأنهم يعاقبون على لونهم.

وأمام تلك الحياة البغيضة، حمل العديد من الرموز السياسية والاجتماعية على عاتقهم مهمة تغيير هذا الواقع، فانطلقت الحركات التحررية والتوعوية بمدى أهمية الحفاظ على حقوق السود ومعاملتهم بصورة جيدة، وبالفعل وبصورة تدريجية بدأ المشهد يتغير فأصبحت لهم حقوق وعليهم واجبات وأصبح القانون يعاملهم بصورة متساوية مع البيض، كما أخذوا يرتادون المدارس والجامعات العامة ويتبوأن المناصب العليا حتى وصل واحدا منهم إلى سدة حكم الولايات المتحدة.

والآن وبينما أراد مسؤولين تقديم تعويض لمن تضرر من تلك السنوات القاسية، عقد المشرّعون الأمريكيون جلسة استماع لمناقشة إمكانية منح تعويضات للأمريكيين من أصل أفريقي من أحفاد العبيد، وهو موضوع بالغ الحساسية في الولايات المتحدة التي لاتزال تشهد تصاعدا في التوترات العرقية.

ويدعو المشروع لتشكيل لجنة برلمانية لدراسة العبودية والتمييز الذي تعرض له أبناء العبيد بموجب قوانين "جيم كرو" التي فرضت التفريق بين السود والبيض في الجنوب الأمريكي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

وتم تقديم مشروع القانون هذا في مناسبات عديدة منذ عام 1989 دون أن يحظى بفرصة لطرحه للتصويت.

لكن هذا العام تصادف الذكرى الـ400 لوصول أول دفعة من العبيد الأفارقة إلى الأراضي الأمريكية، وقد عقدت اللجنة القضائية في مجلس النواب جلسة استماع حول يوم "جونتينث"، أو اليوم الذي حُررت فيه آخر مجموعة عبيد في تكساس عام 1865.

من جهتها، قالت النائب عن إحدى دوائر تكساس والتي تقدمت بمشروع بأنه يعد رد الولايات الذي طال انتظاره، مضيفة بأن المجتمع الأمريكي من أصل أفريقي يشكل 4.13% من السكان لديهم الحق في بعض الثروة التي ساعد أسلافهم في تحقيقها.

بينما أشار الكاتب الأمريكي من أصل أفريقي كولمان هيوز بأن السود لا يحتاجون إلى "اعتذار آخر، بل يحتاجون نحتاج إلى أحياء أكثر أمانا ومدارس أفضل، ونظام قضائي جنائي أقل عقوبات، ورعاية صحية بأسعار يمكن تحملها، ولا يمكن تحقيق أي من هذه الأشياء من خلال تعويضات عن العبودية".