لغز «المنتقبة» التي خطفت طفلا بعد أن كسبت ثقة الجدة

لغز «المنتقبة» التي خطفت طفل بعد أن كسبت ثقة الجدة
لغز «المنتقبة» التي خطفت طفل بعد أن كسبت ثقة الجدة

أخيراً جاء الولد الذى كان حلم والديه. لكن ما إن خرج للحياة داخل مستشفى قصر العينى حتى أصيبت أمه بدرية أحمد عطية بنزيف حاد نقلت على أثره إلى وحدة الرعاية الحرجة.. كله يهون من أجل عيون الوليد.. تسلمت الجدة زينب شعبان المولود وظلت به فى المستشفى لتتابع حالة ابنتها الصحية الصعبة.. لم يخطر ببالها أن أحداثاً خطيرة تنتظر الرضيع رغم أن عمره لم يتجاوز ساعات..!


ظهرت سيدة منتقبة ادعت أن اسمها «مها» وأنها متواجدة بالمستشفى لمتابعة حالة ولادة شقيقتها وتفننت المدعوة «مها» فى إنشاء صداقة سريعة مع الجدة ودعتها لتناول الطعام معها فى مطعم مجاور للمستشفى وشراء مستلزمات للطفل وحينما عادت السيدتان للمستشفى دعتها «مها» مرة أخرى لتناول الشاى معها كعادة المصريين بعد تناول الطعام.. شربت الجدة كوب الشاى وراحت فى سبات عميق وحينما أفاقت لم تجد لا السيدة المنتقبة ولا المولود.

 

طار عقلها بعد أن فشلت فى العثور عليهما فى طول وعرض المستشفى وهى تصرخ تنادى على المدعوة «مها» التى كانت فص ملح وذاب.. على الفور يخطر المستشفى قسم شرطة مصر القديمة وينتقل البلاغ لشرطة النجدة مساء ١٤ يونيو الحالى فيتم التقابل مع الجدة بالمستشفى لتحكى القصة من بداية اليوم السابق.

 

ويا له من بلاغ عن جناية خطف تبدو «مقفولة» بلغة الشرطة لأن الهاربة لا أوصاف لها سوى أنها منتقبة وغاصت فى زحام العاصمة وغير معروفة لأحد.. لكنه قدر الشرطة المصرية فى كشف الجرائم الغامضة بنجاح مبهر شجع الضباط الذين تحولوا لخلية نحل على مواصلة النجاح فى هذه الجناية المعقدة.

 


وعلى الفور قامت قوات الشرطة بوضع خطة بحث استهدفت ضبط المتهمة والطفل المخطوف، تركزت أهم بنودها على إعادة مناقشة الجدة عن ظروف تواجدها وتحركاتها وكيفية تعرفها على المتهمة، واستخلاص أية معلومات من المناقشة تفيد فى البحث عن المتهمة، وتحديد تحركات المتهمة سواء صحبة الجدة أو بمكان الواقعة، وتحديد الأشخاص المتصلين بها، والذين تعاملت معهم، ومناقشتهم للاستفادة من معلوماتهم، وتحديد توقيت قدوم المتهمة للمستشفى والأماكن التى تواجدت بها، وتحديد خط سير المتهمة عقب الواقعة وصولاً لأية مشاهدات لها أثناء هروبها بالطفل من المستشفى، والاستعانة بالوسائل التكنولوجية الحديثة من خلال ضباط قسم المساعدات والفحص الفنى لمكان الواقعة. كما تضمنت الخطة التى وضعها رجال الشرطة، تحديد الاتصالات الخاصة بالجدة والمتهمة، ومناقشة العاملين بالمستشفى من أفراد الأمن والممرضين ومسئولى قسم الولادة للحصول على أية معلومات تفيد فى تحديد شخص المتهمة، وفحص أسرة المخطوف وصولاً لأية خلافات قد ترقى إلى ارتكاب الجريمة، ومتابعة قيد المواليد بمكاتب الصحة، واستخلاص اشتباهات من بين تلك الحالات، وفحص محل الواقعة وصولاً لشهود رؤية للمتهمة وبصحبتها الطفل.
ممنوع الرجال
ومن خلال السير فى تنفيذ بنود تلك الخطة تمكن رجال الشرطة من التوصل إلى مشاهدات للمتهمة مرتدية النقاب، ومن خلال المناقشات للاشخاص المتواجدين بمكان الواقعة والسابق تعاملهم معها، تبين أنها لم تكشف عن وجهها فى أى حال، وادعت أنها تحمل اسم «مها»، وأنها متواجدة لمتابعة حالة شقيقتها بقسم الولادة، كما تبين أن تلك السيدة قامت بالدخول للمستشفى يوم الثلاثاء 11 يونيو، وتواجدت وسط السيدات أمام قسم الولادة، وكانت تتجول بينهن وتتعرف بهن، ومن بينهن الجدة بحثا عن ضحية لها، كما تم رصد تحركاتها فى مكان تواجد أهلية المحجوزين، وعنبر قسم الولادة والرعاية، حيث أوهمت المتواجدين أنها من أهلية جدة الطفل.
ومن خلال تنفيذ بنود خطة البحث تمكن رجال الشرطة من تحديد شخص المتهمة، وتبين أنها تدعى عزة أمين ذكى محمد، 32 سنة، ربة منزل ومقيمة 3 شارع الدكتور خالد من شارع العروبة، بالطالبية هرم، وأكدت التحريات قيامها بارتكاب الواقعة.. وبعد تقنين الإجراءات واستصدار أذن من النيابة العامة بضبط وإحضار المتهمة وضبط الطفل، وتنسيقاً مع قطاع الأمن العام، تم إعداد مأمورية من ضباط مباحث قسم مصر القديمة، وضباط مباحث قطاع الجنوب، تم ضبطها وبصحبتها الطفل محل الواقعة، وتواجد معها زوجها المدعو، هانى هاشم مرسى قناوى، 44 سنة، حداد.
أعترفت بارتكابها لواقعة خطف الطفل من مستشفى القصر العينى، والهروب به إلى مسكنها، وأضافت أنها سبق لها الزواج وأنجبت طفلين، إلا أنه تم طلاقها من زوجها، وتزوجت منذ سنتين من زوجها الحالى، وأنجبت طفلا غير مكتمل النمو، مما أدى إلى وفاته، وحملت مرة أخرى إلا أن حملها لم يكتمل، وأضافت أنه بمراجعة الأطباء قرروا لها أن حملها فى كل مرة لن يكتمل نظرا لاصابتها بمرض السكر والغدة، ونظرا لوجود خلافات بينها وبين أهل زوجها الحالى، وخاصة أنها الزوجة الثانية، وكانت هناك محاولات لإنهاء العلاقة الزوجية، فاختمر فى نفسها عدم الجهر بعدم اكتمال حملها، وأوهمت كل من حولها أنها حامل، وكانت تتردد على المستشفى بإدعاء متابعة الحمل لتأكيد كونها حاملا، وكانت ترفض قدوم زوجها معها للمستشفى بادعاء عدم السماح للرجال بالتواجد فى قسم النساء، حتى أخفت عدة أسابيع حملها وأخبرت زوجها بتوجهها للمستشفى للولادة.
الزوج المخدوع
وأضافت المتهمة فى اعترافاتها أنها توجهت الثلاثاء الماضى إلى مستشفى قصر العينى بحثا عن سيدة تخطف منها وليدها، وحاولت مع سيدتين سابقتين، الا أن أملها خاب لوفاة وليد أحداهن، وحجز الآخر بالحضانة، حتى تقابلت مع الجدة التى رأت فيها أنه يمكن من خلالها الحصول على طفل نجلتها، وقامت بمصادقتها وتولى كافة شئونها بالمستشفى من التواجد مع نجلتها حتى الولادة وزيارتها بصفة دائمة داخل القسم، حتى تمكنت من الحصول على ثقتها، وقامت بمغافلتها وأخذ حفيدها الرضيع أثناء نومها، وبعد ذلك توجهت إلى مسكنها، حيث لم يكن زوجها متواجدا وعندما شعرت بارتياب زوجها عقب اتصالها به وإخباره بأنها ستلد، وطلب منها الحضور، الا أنها رفضت حضوره، وعادت مرة أخرى للمستشفى صباح اليوم التالى، واتصلت بزوجها تليفونيا وأخبرته أنها قامت بوضع مولود ذكر، وترغب فى حضوره لاصطحابها، وفى سبيل تأكيد ولادتها بعملية قيصرية قامت بوضع لاصق طبى مكان العملية القيصرية السابقة، وأوهمت زوجها أنها لا تقوم بإرضاع الطفل من صدرها نظراً لتأثير مرض السكر والغدة عليها.
وأضافت المتهمة فى اعترافاتها أنها اتفقت مع زوجها على التوجه إلى مكتب صحة الكنيسة بالجيزة لتسجيل الطفل، واختارت له أسم «حمزه»، وقامت بالتقدم لقيده لمكتب الصحة، عن طريق أحدى الموظفات العاملات به، وعللت قيامها بخطف الطفل خوفاً على حياتها الزوجية وانفصال زوجها عنها، فى حالة عدم انجابها لأولاد خاصة أنها حملت مرتين وتوفى مولودها فى الأولى، ولم يكتمل حملها فى الثانية لمرضها.
تم مناظرة الطفل المتواجد معها وتبين أنه طفل ذكر حديث الولادة، وقررت أنه ذاته الذى قامت بأخذه من الجدة بعد مغافلتها والهروب به من المستشفى، وبسؤال زوجها قرر أنه كانت توجد خلافات زوجية بينه وبين زوجته الأولى، التى تكبره فى السن بخمسة عشرة عاماً، وأنجب منها أولادا ورغب فى الزواج من أخرى، وكانت المتهمة، التى طلبت منه فى الآونة الأخيرة التوجه لمستشفى القصر العينى لمتابعة حالتها الصحية نظرا لحملها، وفؤجى برفضها حضوره معها أو متابعته لها أثناء الحمل، وقامت بزيارة المستشفى يوم الاربعاء 12 يونيو، وأكدت لزوجها أنها ستلد فى غضون يومين، وفقاً لما قرره الطبيب، ورفضت تواجده بالمستشفى عقب إخباره برفض المستشفى تواجد الرجال، وقرر الزوج أنه أرتاب فى أمرها حال إخباره بأنها وضعت ولدا وقامت بالخروج من المستشفى، وقال أنها كانت تنتظره بالقرب من المستشفى، وقال أنه تحدث معها أكثر من مرة عن كيفية خروجها من المستشفى وعدم وجود إخطار للمولود فأوهمته أنها خشيت على نجلها، وخرجت من المستشفى حفاظاً عليه، ونفى الزوج علمه بكونها كانت تدعى حملا على غير الحقيقة.. تم استدعاء أهل الطفل وتعرفوا على المولود، بينما والدة الطفل مازالت حتى الآن تعانى من نزيف حاد عقب الولادة، ومحجوزة بالرعاية الحرجة بالمستشفى يتابعها عن كثب زوجها محمد السيد موسى «٢٩سنة» موجها الشكر لرجال الشرطة وحامداً ربه لعودة حلمه إلى حياة الواقع.