«الشائعات».. سلاح الجماعات الإرهابية لزعزعة ثقة المواطنين

تعبيرية
تعبيرية

تنتشر كالنار فى الهشيم على مواقع التواصل لنشر أخبار كاذبة


تبث الخوف والهلع بين المواطنين وهدفها ترويع الآمنين


بطولات الجيش والشرطة حائط صد فى وجه الإرهابيين

 

«الشائعات هى المحل الآمن لتنفيذ العملية الإرهابية «..هكذا كتب المفكر الكبير فرج فودة فى كتابه «الأرهاب» وهو يتحدث عن استراتيجيات الجماعات الارهابية لتنفيذ عملياتها .. وسلط فودة فى كتابه الضوء على العلاقة بين الشائعات والإرهاب.

 

وأوضح أن الشائعات المدروسة جزء لا يتجزأ من العمليات الإرهابية، وبمثابة المدخل الآمن لتنفيذ هذه العمليات ..فودة حلت ذكرى اغتياله بالامس حيث استشهد فى 8 يونيو 1992 ..انتظره  شابان ارهابيان من الجماعة المتطرفة على دراجة بخارية واطلقا النيران عليه قبل صلاة عيد الاضحى المبارك.

 

وقبل وبعد اغتيال فودة نشرت تلك الجماعات شائعات تشير الى انه كاتب شيوعى ملحد ومرتد يستحق القتل.. لكن ما اشبه الليلة بالبارحة فمع الساعات الاولى لفجر يوم  الاربعاء الماضى وحلول عيد الفطر المبارك انطلقت ايادى الارهابيين الغاشمة لتستهدف أحد الأكمنة الأمنية فى شمال سيناء .

 

بعدها بدقائق معدودة انتشرت كالنار فى الهشيم معلومات مضللة على مواقع التواصل الاجتماعى تتحدث باستفاضة عن أعداد شهداء و حجم الهجوم بالتفصيل على الكمين وقبل صدور اى بيانيات من جهة رسمية واصبح الكثيرون يتداولون وينشرون الأرقام والصور والفيديوهات دون انتظار لاى معلومة محققة.

 

كما شهدت مواقع التواصل نشر أقوال و أفعال للشهداء مع وجود مبالغة فى وصف الخسائر دون إستناد إلى دلائل وصاحب ذلك  ظهور من يقوم بألقاء اللوم على قوات التأمين فى سيناء  مع نشر تسجيلات صوتية بدعوى انها  اللحظات الاخيرة للشهداء وعادة ما تكون غير مؤكدة او معلن عن مصادر الحصول عليها. وتكون تلك الشائعات ساحة حرب الجماعات الارهابية وتنتشر كالنار فى الهشيم على مواقع التواصل لنشر أخبار كاذبة.

 

فريسة سهلة

 

ما اغفله الكثير من المصريين وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعى انهم يسقطون كل مرة فريسة سهلة فى فخ التضليل و العمليات النفسية وحرب الشائعات مع  كل عمل إرهابي  وهو ما يتم بشكل ممنهج من تلك الجماعات حتى وقبل ظهور مواقع التواصل وكما كتب مفكرنا الراحل فرج فودة من قبل  « الشائعات المدروسة جزء لا يتجزأ من العمليات الإرهابية وبمثابة المدخل الآمن لتنفيذ هذه العمليات» .

 

وبالطبع فان احد اهداف تلك الشائعات هو خلق حالة من الخوف والهلع والاضطراب المجتمعى بين المصريين والأهم هو التشكيك فى قدرات قواتنا المسلحة والشرطة المدنية وفى نفس الوقت يعملون بشكل متزامن على اللعب على الوتر الدينى وتحريف تفسير الايات التى تؤيد افعالهم وتزعزع ايمان الضعفاء لينجذبوا الى افكارهم المتطرفة الهدامة .

 

وبقراءة متانية للمشهد فيمكن ان نرى انه وعلى الرغم  من حزن وغضب المصريين بسبب سقوط الشهداء فى الهجوم الاخير  إلا أن التنظيم الإرهابى ووفقا للفيديو المصور للهجوم الخسيس الذى تم نشره بالامس على مواقعهم فيبدو جليا انهم فشلوا فى تحقيق أى هدف استراتيجى سواء كان سيطرة على أرض او رفع لأعلامهم السوداء أعلى الكمين او تنفيذ عملية ضخمة ذات أصداء واسعة كما كان يحدث سابقاً بل وفشلوا حتى فى  الأنسحاب والهروب دون خسائر ودون تصفية لمن تبقى حياً بعد تنفيذ العملية فوفقا لبيان وزارة الداخلية فقد تم تصفية ما يقرب من 18 ارهابيا شاركو فى الهجوم الاخير من خلال عمليات مداهمة لأوكارهم .

 

الكمائن الثابتة

 

مع كل عملية ارهابية خسيسة ومع الهجوم الاخير يكثر الحديث عن الكمائن الثابتة وتصبح حديث الصباح والمساء  ..ويتردد سؤال لماذا  تصر قوات الامن على وجود الكمائن الثابتة رغم كونها هدف دائم للأرهابين .

 

معظم الخبراء الأمنيون يؤكدون على ان أهمية الكمائن الثابتة تكمن فى قدرتها على تامين عملية تحرك القوات على المحاور و الطرق وتكشف تواجد اى من العناصر الإرهابية والتكفيرية، بالإضافة لمنعهم من محاولات زرع عبوات ناسفة على الطرق ومحاور تحرك قواتنا . 

 

ويقوم الكمين الثابت بمهمة تامين  الطريق بالعين المجردة، وبكاميرات مراقبة على أعلى مستوى تعمل فى النهار والليل وذلك بعد سلسلة من التحديثات والتطويرات التى ادخلتها القوات المسلحة على الكمائن الامنية وهو الامر الذى ساعد تحجيم  خروج العناصر الإرهابية على الطرق كما ساهم فى دعم القوات فى أعمال المداهمات القريبة، وذلك بالرصد والتبليغ عن أى عناصر متسربة خلف القوات، كما تواجه  العناصر الإرهابية، التى تحاول الهرب جهة البحر كما تعمل على  تأمين أجناب القوات المداهمة للبؤر الارهابية .

 

تراجع الارهاب

 

أخيرا إذا كنا نرغب بالفعل فى دعم ابطالنا الجنود الذين يضحون بكل غالى ونفيس لحماية امننا ووطننا فعلينا ان نمتنع نهائيا عن ترديد المعلومات والاخبار المضللة بعد كل عمل ارهابى وان نمنتع عن التشكيك فى قدرات قواتنا الامنية.

 

خاصة وان قواتنا الامنية فى شمال سيناء نجحت بالفعل وعمليا فى دحر الارهاب..و القراءة الدقيقة لتطور الإرهاب فى مصر والحرب التى تشن ضده من الدولة والمجتمع خلال السنوات الأخيرة عموماً وعام 2019 خصوصاً، تظهر أن هناك ثمة تغيرات وتحولات كبيرة ورئيسية بخصوص هذا الملف، تقع كلها تحت عنوان عريض وهو «تراجع الإرهاب».

 

وقد  أجبرت العمليات الشاملة التى قادها الجيش والشرطة المدنية فى مثلث عمليات شمال سيناء بمدن رفح والعريش والشيخ زويد ضد التنظيمات والجماعات الإرهابية على التراجع الكبير فى نشاطاتها وبالتالى فى عدد عملياتها الإرهابية،  مقارنة بالأعوام الماضية ويمكن الرجوع للاحصائيات للتاكد من هذا الامر وبيانات المتحدث العسكرى على صفحته الرسمية بمواقع التواصل .

 

لكن مما لا شك فيه ان تلك العمليات الشاملة نجحت  في  تدمير معظم  البنية التحتية للعناصر الإرهابية من الأوكار والخنادق والأنفاق ومخازن الأسلحة والذخائر والعبوات الناسفة والاحتياجات الإدارية والمراكز الإعلامية ومراكز الإرسال واكتشاف وضبط وتدمير أعداد كبيرة من العربات والدراجات النارية وكميات كبيرة من المواد المتفجرة، والأسلحة، والذخائر، والقنابل، والعبوات الناسفة، والقاء القبض واستهداف العديد من قيادات الصف الاول والثانى بالتنظيمات الإرهابية .

 

وكان اخرهم الإرهابى هشام عشماوى ذلك الصيد الثمين وهو ما أثر بشكل مباشر على بنية التنظيم الإرهابى من حيث الفاعلية والقدرة على تنفيذ عمليات إرهابية وكل ذلك ليس فقط داخل شمال سيناء ولكنها امتدت إلى المحاور الثلاثة الاستراتيجية على الحدود الشرقية والغربية والجنوبية للبلاد.

 

وفى المجمل فان هناك تراجع كبير فى العمليات الإرهابية الكبرى من حيث الكيف والتى كانت تشهدها سيناء خلال الأعوام السابقة وخصوصاً خلال عامى 2015و2016 وتزامن مع تراجع العمليات الارهابية تراجع واضح فى عدد الشهداء من قوات الجيش والشرطة فى سيناء مقارنة مع الأعوام الأربعة السابقة عليه، وفى النهاية يبقى وعى المصريين بما يدس لهم من هؤلاء الارهابيين هو احد أهم اعمدة مساندة قواتنا المسلحة.
 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي