أستاذ بالأزهر يرد على طبيب وصف الدعاة بـ«الدروشة»

جامعة الأزهر
جامعة الأزهر

قال الدكتور محمد جمعة الأستاذ بجامعة الأزهر، إنه عندما قرأ ما نشر للدكتور خالد منتصر بعنوان: «أنت طبيب ولست واعظا» ظن أنه قد عادت إليه نفسه ونظر في المرآة فخاطبها معاتبا نفسه على مقالاته السابقة التي تكلم فيها في الشريعة الإسلامية والفقهاء والمحدثين وغيرهم دون تخصص.

 

 

وأضاف: « الطبيب القدير خيب ظني فيه - كالعادة- فإذا به يعاتب أطباء زملاء له في مهنته؛ لأنه شعر منهم غيرة على الدين وعلى الشهر المبارك في القصة التي ساقها عن ذلك السكران حتى التسمم بسكره في هذا الشهر الكريم، وقد سألهم زميل لهم طبيب شاب حديث العهد بمثل هذه الحالة على صفحته عن التصرف المناسب طبيا مع هذه الحالة فكان أن قال بعضهم اضربه أو اتركه يموت بذنبه إلى غير هذا».

 

واستكمل: «أوافق الدكتور خالد أنها إجابات متطرفة دعت إليها العاطفة والغيرة الدينية غير المنضبطة بضوابط الشريعة - فلقد تعلمنا الإنصاف مع أي إنسان قال الحق مهما اختلفنا معه- فإنقاذ نفس أي إنسان واجب شرعا مهما كانت جريمته وخطؤه؛ لأن الأصل هو رده إلى السلوك القويم حبا له وحرصا عليه وعلى المجتمع من حوله؛ لأن ضرر المعاصي لا يقتصر على فاعلها كما هو معلوم لكل ذي عقل بل يتعداه إلى المجمتع كله».

 

أضاف جمعة: «لكن ما لا أوافق فيه الدكتور اللغة الساخرة التي استعملها الطبيب الصحفي في وصف كل دعوة أو كلمة صالحة حتى شملت الآيات والأحاديث والأدعية التي تشتمل عليها صفحات بعض الأطباء فالدكتور خالد لم يقتصر على بيان خطأ من تطرف في جوابه فقط، بل اتخذها الطبيب مبررا للطعن في الدور الوعظي كله ورمى أهله بالدروشة».

 

وتابع قائلا: إنه لم يقصر في سبك المصطلحات الجديدة فكان أن قال في مقاله: «ولكنى أرصد ظاهرة صادمة خاصة فى أوساط بعض شباب الأطباء والذين للأسف لو فتحت صفحاتهم ستجدها مزينة ومزدحمة ومزركشة بالآيات والدعوات والأذكار، الخ!!!، الظاهرة خطيرة وهي تخلِّي الطبيب عن البالطو الأبيض وارتداء جبة وقفطان الواعظ، مسرور السياف، منفِّذ الحدود، يتحول الطبيب الدرويش إلى عضو في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يلهب ظهر مرضاه بكرباج الوعظ، يظل يعاني وهو الطبيب الدارس من وسواس الهداية وإسهال التبشير وهستيريا الوصاية، الطبيب أمامه مريض إنسان يجب عليه إنقاذه».

 

وأشار إلى أن «هذا المريض ليس لك الحق فى التدخل فى حياته أو معتقداته، أو محاسبته وأخذ موقف منه أو الانحياز ضده لأنه تبنَّى معتقدات مختلفة عن قناعاتك الدينية أو الاجتماعية ... الخ»، مضيفا «فهذه الخلطة العجيبة من الأوصاف والتى لا يجمعها بمسألة المقال شيء يدركه العقل السليم إلا الكراهية المفرطة لشيء ما فتجعل صاحبها يأتي بالحابل والنابل معا والمتفق عليه مع القناعات الشخصية، والذي يظهر لي من متابعة هذه النوعية من المقالات لغير المختصصين والتي تبدأ بعرض صورة متطرفة مرفوضة لدى الجميع ثم تعمم ذلك وتسحبه إلى الدين كله والدعوة كلها والمشتغلين بالدعوة كلهم - وهو خطأ منطقي معروف يدرسه الطلاب في المرحلة الثانوية -التعميم -».

 

ونوه أن الدكتور خالد كان علمي لم يدرس المنطق فيما يبدو من مقالاته - هذه الفئة تتخذ الصورة الخاصة المرفوضة ذريعة للطعن والهمز واللمز في الغالب الأعم وغالب ظني وحسنه في وقت واحد أن أصحاب هذه الطريقة- في أحسن أحوالهم وحسن الظن بهم - قد تعرضوا في حياتهم لمواقف من التطرف الديني من بعض من اشتغل بالدين من غير المتخصصين مثلهم أيضا وبعضهم كان مشتغلا بالطب أيضا فغر الناس بلقب دكتور فظنوه حاصلا على الدكتوراه في علوم الشريعة أو أصول الدين بتخصصاتهما المختلفة ، فما كان منهم إلا أن تطرفوا في الرد حتى ظهرت عليهم أعراض الحساسية الفكرية المتطرفة لكل ما هو ديني وإسلامي على وجه الخصوص.

 

 واستطرد عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر: «أقول فليت الأطباء جميعا يأخذوا بالجزء الأول والأهم من مقال الدكتور خالد وهو منهم بالطبع وأولى الناس بالعمل بنصيحته أن يكفوا عن التطرف، لأن التطرف هو مولد التطرف فكل فعل له رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه، فالطبيب الذي يضع على صفحته آية أو حديثا نبويا شريفا أو يدعو إلى مكارم الأخلاق أو فعل صحيح أو ينهى عن جريمة ترتكب في حق الأشخاص أو الوطن لا شك أنه إنسان نيل محب لنفسه وبلده سوي الداخل والخارج وكون الإنسان طبيبا لا يعني أن يكون علمانيا متطرفا في علمانيته».

 

وتابع: « فلا يقبل كل مظاهر التدين أو الالتزام الشرعي المعتدل أو يكون متدينا متطرفا فظا غليظ القلب نصحه القتل والتنكيل فالطب لا يقتضي هذا ولا ذاك فبلدنا الحبيبة مصر في حاجة للحب والعطاء في كل المجالات وإلى من يدعون إلى الوسطية في كل شيء بعيدا عن التطرف سواء كان دينيا أو علمانيا أو غيرهما فالتطرف يمزق روابط المجتمع ويعزز الشحناء فيه حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء ومكروه».