بطولات الأقباط في العاشر من رمضان| «باقي» يحطم بارليف و«ألبير» أسد الدفرسوار

بطولات الأقباط في العاشر من رمضان- صورة مجمعة
بطولات الأقباط في العاشر من رمضان- صورة مجمعة

يحل اليوم العاشر من رمضان ذكرى نصر أكتوبر المجيد 1973، وسطرت المعركة ملحمة وطنية وتاريخية خالدة بين المسلمين والأقباط حين اختلطت دماء المصريين جميعا دون تفرقة بين مسلم ومسيحي، وعبر الجنود الأقباط جنبا إلى جنبا مع الجنود المسلمين مرددين هتاف «الله أكبر»، وقام القادة الأقباط ببث الحماس في نفوس جميع الجنود بآيات القرآن الكريم، ورُفّع القساوسة والشيوخ فوق الأعناق لحشد المصريين للقتال.


بطولات الأقباط يحفل بها السجل العسكري المصري، والتي نسرد بعضا منها في سياق السطور التالية.

 

اللواء باقي زكى يوسف.. محطم أسطورة خط بارليف 


باقي زكى يوسف، ضابط قبطي، استطاع تدمير وتحطيم أكبر ساتر ترابي في التاريخ «خط بارليف»، الذي قال عنه موشى ديان ودافيد إليعازر وحاييم بارليف إن عبوره يستحيل التفكير فيه، وإنه إذا حدث فسيكون مقبرة للمصريين. 


وكان خط بارليف من أكبر العقبات التي واجهت القوات الحربية المصرية في عملية العبور إلى سيناء، خصوصا أنه تم إنشاؤه بزاوية قدرها 80 درجة؛ لكي يستحيل معها عبور السيارات والمدرعات وناقلات الجنود. 


«باقى» كان سببا في تحقيق الانتصار العبور عن طريق اختراع مدفع مائي يعمل بواسطة المياه المضغوطة، ويستطيع أن يحطم ويزيل أي عائق أمامه أو أي ساتر رملي أو ترابي في زمن قياسي قصير وبأقل تكلفة ممكنة مع ندرة الخسائر البشرية. 


اللواء باقي يوسف تخرج في كلية الهندسة جامعة عين شمس سنة 1954، ثم انتدب في العام نفسه للقوات المسلحة كرئيس لفرع المركبات برتبة مقدم في الفرقة 19 مشاة الميكانيكية، وفى هذه الفترة شاهد عن قرب عملية تجريف عدة جبال من الأتربة والرمال داخل مشروع السد العالي بمحافظة أسوان، وقد استخدم في عملية التجريف مياها مضغوطة بقوة، وبالتالي استطاعت إزالة هذه الجبال، ثم إعادة شفطها في مواسير من خلال مضخات لاستغلال هذا الخليط في بناء جسم السد العالي. 


تطورت الفكرة فى ذهن المقدم، وقد أجريت تجربة عملية عليها في جزيرة البلاح بالإسماعيلية على ساتر ترابي نتج عن أعمال التطهير في مجرى قناة السويس الملاحي والذي يشبه إلى حد كبير خط بارليف أو الساتر الترابي، وعندما تم الاستعداد للعبور عام 1973 قام الضابط «باقي» مع بعض زملائه بتصنيع طلمبات الضغط العالي التي سوف توضع على عائمات تحملها في مياه القناة، ومنها تنطلق بواسطة المدافع المائية وتصوب نحو الساتر الترابي. 

 

وقد نوقشت من قبل عدة أفكار لإزالة هذا الجبل الترابى، هل يمكن إزالته بواسطة قصف مدفعي أو بواسطة صواريخ أو تفجير أجزاء منه بواسطة الديناميت؟، وبعد مناقشات طويلة ومباحثات استقر رأى الأغلبية من قيادات الجيش على تنفيذ اختراع الضابط باقي زكى يوسف. 


وفى ساعة الصفر يوم 6 أكتوبر انطلق القائد باقي زكى يوسف مع جنوده، وقاموا بفتح 73 ثغرة في خط بارليف في زمن قياسي لا يتعدى الـ3 ساعات، وقد قدرت كميات الرمال والأتربة التي انهارت وأزيلت من خط بارليف بنحو 2000 مترمكعب، وهذا العمل يحتاج إلى نحو 500 رجل يعملون مدة 10 ساعات متواصلة. 

وبعد أن تم تحقيق الانتصار قررت الدولة والحكومة المصرية ترقية الضابط باقي زكى يوسف إلى رتبة اللواء وإعطائه نوط الجمهورية من الدرجة الأولى؛ تقديرا لامتيازه وبطولته في 6 أكتوبر عام 1973. 

 

الشهيد طيار ألبير مترى اسكاروس


عرف عنه الحذر الشديد في قتاله، وكان يضع حسابات كثيرة لكل عملية يكلف بالقيام بها، وعندما كان زملاؤه الطيارون يداعبونه قائلين، هل تستحق حياتك كل هذه المشقة في الحساب، كان يرد قائلا نعم ولكنني سأضحي بها يوما ما رخيصة. 

 

في يوم 18 أكتوبر كان العدو قد قام بفتح الثغرة وأراد أن يدعم قواته بكميات ضخمة من المعدات والأسلحة، وصدر للتشكيل أمر قتال بمهاجمة قوة للعدو تنقل معدات وأسلحة للدفرسوار، وكان العدو قد تمكن من إقامة المعبر ومدرعاته وسياراته تقف في صف واحد طويل استعدادا للعبور، وطائراته تحمى قواته البرية لتتمكن من العبور سالمة، ترك الطيار البطل زملاؤه يقاتلون طائرات العدو واختار أن يقوم ببطولة آخرى، فانقض على الكوبري يقذفه بالقنابل والصواريخ ونجح بالفعل في تدمير عدد كبير من المعدات والمدرعات، وقاربت ذخيرته على النفاذ، واستمر في ضرب طابور الدبابات حتى نفدت ذخيرته لكن الصيد أمامه كبيرا ولم يرغب في تركه سالما، واتخذ القرار بالشهادة وارتفع بالطائرة بطلعة مرتفعة جداً، وتحدث مع زملاؤه عبر اللاسلكي وقال حانت اللحظة المناسبة، وانقض بالطائرة على الكوبري مرة واحدة وأحاله إلى شظايا مدمرا كل ما عليه من دبابات. 

 

الشهيد اللواء شفيق مترى سدراك 

 

ولد سِدراك فى قرية المُطيعة بمحافظة أسيوط 1921، وعاش 45 عامًا حتى وافته المنية شهيدًا فى السادس من شهر أكتوبر عام 1973، وكان قد التحق بالكلية الحربية، وتخرج منها ضابطًا بسلاح المُشاة. 
وتبدأ قصته قبل حرب أكتوبر بساعات قليلة، حينما جمع العميد شفيق مترى سدراك، قائد اللواء الثالث مشاة التابع للغرفة 61 بالجيش الثانى الميدانى جنوده، وخطب فيهم وأخذ يحمسهم بهذه الكلمات: "إن أبناء مصر من عهد مينا إلى الآن ينظرون إليكم بقلوب مؤمنة وأمل باسم، وقد آن الأوان أن ترفرف أعلام مصر على أرض سيناء، وأنا أعدكم أن كل علم سوف يرفع فوق أحد مواقع القوات الإسرائيلية فى سيناء سيكون موضع إعزاز وتقدير من أبناء مصر وقادتها ولكل من ساهم فى رفع هذه الأعلام، وختامًا أذكركم بقوله تعالى "لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)” صدق الله العظيم، هكذا تعلم كل من شارك فى الحرب أنه لا فرق بين مسلم ومسيحي. 


وفى 6 أكتوبر 1973 قاد أحد ألوية المشاة التابعة للفرقة 16 مشاة من الجيش الثاني الميداني بالقطاع الأوسط في سيناء، ووصل بقواته إلى قرب الممرات، حيث كان يجيد فن القتال بالدبابات في الصحراء، وكان دائمًا يتقدم بقواته ليبث في نفوسهم الشجاعة والإقدام، وكان يعلم أنه ذاهب ليتمركز فوق الأرض الأسيرة بعد تحريرها، وحقق أمجد المعارك الهجومية ثم معارك تحصين موجات الهجوم الإسرائيلي المضاد. 

 

فى يوم 9 أكتوبر 1973م، وأثناء إدارته للمعركة فى عمليات تحرير النقطة 57 جنوب الطالية، كان شفيق سدراك يقاتل برجاله داخل عمق بلغ مداه ما يقرب من 14 كيلومترًا فى سيناء وكان يتقدم قواته بمسافة كيلومتر وهى مسافة متميزة في لغة الميدان والحروب، ولكنها خاصية القائد المصري التي أظهرتها العسكرية المصرية في معركة العبور، وعندما أصيبت سيارته بدانة مدفع إسرائيلي قبل وصوله إلى منطقة الممرات في عمق الممرات، استشهد هو ومن معه في المركبة وكانوا خمسة أبطال آخرين، ليحظى بشرف الموت في سبيل مصر ويسهم فى رد الاعتبار لمصر والأمة العربية. 

 

وهو أول بطل كرّمه رئيس الجمهورية الراحل أنور السادات فى الجلسة التاريخية الوطنية بمجلس الشعب صباح 19 فبراير 1974، إكباراً وتكريماً لسيرته العسكرية وكفاءته القتالية وقتاله البارز فدية للنصر والأرض والعرض وإخوانه وأهله والوطن.  

 

لواء بحري سامي لويس مكرم 


كان قائدا للوحدة 962 مدفعية ساحلية أثناء حرب أكتوبر، وأثناء الحرب وتحديدا في ليلة 20 و21 أكتوبر عام 1973، قررت قيادة القوات البحرية عمل كمين ساحلى للعدو اللإسرائيلى فى منطقة بالقرب من خليج رشيد شرق الإسكندرية، على أثر تعرض بعض الوحدات البحرية المصرية لكمائن إسرائيلية فى منطقة خليج أبو قير- رشيد، وقد تم تكليف الرائد سامى لويس بقيادة الوحدة رقم 962 مدفعية ساحلية معدلة ومطورة من مدافع 100مم مضادة للطائرات بالإضافة إلى أنظمة وإدارة نيران مدافع 37مم، وتم التمركز شمال شرق رشيد تحت ظروف إدارية وطبوغرافية وهندسية وفنية صعبة للغاية فى ظل التعديل المطلوب ليناسب نظام المدفعية الساحلية، وتم منع العدو الإسرائيلي من الاقتراب أو التعرض لوحداتنا البحرية في بورسعيد والإسكندرية بمجرد استطلاعه وعلمه (وجس نبضه) عدة مرات بوجودنا فى الكمين وبذلك نجحت قواتنا البحرية فى تحقيق الهدف بمنع العدو من التواجد نهائياً فى منطقة أبو قير- رشيد. 

 

وحصل سامى لويس على العديد من الأنواط والأوسمة منها نوط الخدمة الممتازة فى يونيو 1994، ونوط الواجب العسكرى من الطبقة الثانية، ووسام الجمهورية من الطبقة الثانية . 

 

اللواء فؤاد عزيز غالي


فى القائمة بطل فولاذى حين تأتى سيرة حرب أكتوبر يقفز اسمه على الفور هو اللواء فؤاد عزيز غالى الذي حصل على رتبة فريق بعد الانتصار، وقاد «غالى» الجيش الثانى أثناء الحرب، وكان صدى صوت وزير الحربية المشير أحمد إسماعيل يرن فى أذنه: «مكتوب على جبهتك القنطرة، وأتركك الآن حتى تحررها، وسوف تعود إلى قيادة الفرقة 18 مشاة»، وفعلها غالى، وقام بتأمين منطقة شمال القناة من القنطرة إلى بورسعيد، ومعه فرقته وجيشه الثاني بمسلميه ومسيحييه، ومنهم اللواء ثابت إقلاديوس رئيس غرفة عمليات مدفعية الفرقة الثانية.

 

اللواء نصري وقلادة وبباوي وبشارة


فى قائمة البطولات أسماء مثل اللواء مهندس نصري جرجس الذي قاد أثناء حرب أكتوبر وحدة الرادار المسؤولة عن اكتشاف الطائرات المعادية والإبلاغ عنها، واللواء طيار مدحت قلادة صادق صاحب لقب «أفضل قائد قاعدة جوية»، والعميد ميخائيل سند ميخائيل الذى كان مسؤولا ضمن قوات الردع الصاروخى، وكانت مسؤوليته المحددة هى سحب الصورايخ الموجودة على الناقلات الخلفية بالقصاصين، واللواء فكرى بباوى الذى أصيب فى حرب أكتوبر إصابة بالغة فصمم زملاؤه المسلمون ومنهم زكريا عامر ومحمد مصيلحى أن يحملوه رغم المخاطر الهائلة لمسافة 3 كيلومترات، واحتموا بستار حتى وصلوا به إلى موقع الإسعاف، وهناك أبطال آخرون مثل اللواء أركان حرب طيار جورج ماضى عبده الذى وصل إلى منصب رئيس أركان الدفاع الجوى واللواء طيار نبيل عزت كامل، واللواء نعيم فؤاد وهبة أحد قيادات الدفاع الجوى فى حرب أكتوبر، واللواء أركان حرب صليب بشارة رئيس هيئة البحوث العسكرية فى مايو 1971 وحتى أكتوبر 1973.


الرقيب عادل موريس حنين 

درس فى مدرسة الدفاع الجوى سنة 1970 وحارب فى 1973 وكان عمره وقت الحرب 22 عاما، وتفوق في الامتحانات التي تمت على مستوى الدفاع الجوى، واحتل المركز الأول على الفرقة، والثاني على جميع كتائب الدفاع الجوى بالرغم من أنه كان خريج تجارة وليس هندسة، لكنه تعلم جيدا من الروس وتفوق وكان من ضمن من تم ترشيحهم للسفر إلى الاتحاد السوفيتي.

والتحق بالفرقة الخامسة دفاع جوى سام 2، و هذه الفرقة قامت بإسقاط أول طائرة بدون طيار في الشرق الأوسط، وكانت الطائرة أمريكية قادمة من قبرص وتم ضربها بصاروخين فوق مطار القاهرة يوم 8 أكتوبر 1973، وضربوا يوم 14 طائرة فانتوم فوق القنطرة وتم أسر الطيار وتم ضربها بأربع صواريخ وهرب الطيار من 3 والرابع أصابه، وكان الطيار بلجيكى الأصل.


وتم تكريم الرقيب عادل موريس من القائد سعد الدين الشاذلي رئيس أركان الجيش أنذاك ومن السيدة جيهان السادات لإسقاط الطائرة بدون طيار من نوع تريدان ريان فاير بى الأمريكية.