الحق الضائع في الرصيف.. مبادرة «هالة» و«دينا» لتمكين أبناء الاحتياجات الخاصة

رشا
رشا

 < إسراء حامد

تّتحسس الأرض أسفل عجلات المقعد المتحرك الذى تجلس فوقه، قبل أن تديره ببطء إلى الأمام، ثم تعاود النظر إلى الرصيف مرة أخري، وعيناها لا تكفان عن البكاء بحسرة، هذا ما تشعر به «رشا» فى كل مرة عند نزولها الشارع، حين تقرر الذهاب إلى موقع عملها الذى يبعد عن بيتها مسافة طويلة تضطر أن تقطعها بمفردها بدون مرافق.


بنفس الحزن الذى يختلج فى صدرها تطلب رشا،ذات الإعاقة الحركية، من المارة أن يساعدوها فى التحرك من رصيف إلى آخر عن طريق حملها بكل قوة من أجل اعتلاء جزء مرتفع نسبيا من الرصيف يبعدها قليلا عن حرم الطريق ولا يعرضها للحوادث المرورية، لكن بكل تأكيد لا يخلو الأمر من الشعور بالقهر داخل نفسها، «كواحدة من ذوى الاحتياجات الخاصة من حقى أن أتحرك فى الشارع بكل راحة دون أى مجهود أو طلب مساعدة من أحد»، تقول بتأثر شديد .


الشابة الثلاثينية تركت عملها الكتابى فى إحدى الشركات الخاصة، واضطرت إلى المكوث فى بيتها صونا لكرامتها،» الشارع ليس من حقي، وكرامتى لا تسمح بطلب المساعدة من الناس للتحرك، كما أننى لا أملك المال الوفير الذى يكفل لى وجود مرافق يساعدنى طوال اليوم».


رشا اعتبرت أن حياتها العملية توقفت عند ضياع حقها فى التحرك بالشارع، الأمر الذى أثار حفيظة «هالة» التى تعمل فى مجال تنظيم الحفلات، رغم أنها من غير ذوى الاحتياجات الخاصة، لكنها تشاهد الممارسات السلبية ضدهم فى الطرق والشوارع العامة، وتتمنى أن تتكفل الدولة بهم فى هذا الشأن، لذا قررت وصديقتها  دينا  أن يحركا شيئا من المياه الراكدة.


هالة استعارت حياة ذوى الاحتياجات الخاصة لمدة يوم واحد،وجلست فوق مقعد متحرك بمساعدة صديقتها دينا وتحركتا فى منطقتى وسط البلد وكورنيش النيل، وخلال الجولة لمست تلك المشاعر التى تقتل ذوى الاحتياجات الحركية تدريجيا،تقول هالة بانفعال شديد: هناك سلبية فى الشارع من ناحية مساعدة ذوى الاعاقة، بالطبع هم حصلوا على معظم حقوقهم فى العمل والحياة وخلافه، لكن فى الشارع يصعب عليهم التحرك، وهذا حق مسلوب طبعا.


ولأن ثقافة المرافق غير متوافرة فى مصر، تهدف  هالة  من مبادرتها التى تقوم بها بجهود فردية خالصة إلى توفير مساند خشبية فى الشوارع الرئيسية لتمكينهم من التحرك بصور سليمة، «أتمنى تنظيم لجنة هندسية لتصميم المساند بمواصفات خاصة»، الفكرة التى نفذت بالفعل فى منطقة الزمالك لكن تخللها بعض العيوب الهندسية وفقا لحديثها،مسترسلة» المبادرة تحتاج لتنفيذها فقط مبالغ مالية زهيدة جدا بالمقارنة بقيمتها الانسانية الكبيرة».


«يتكفل بها أصحاب المحلات والبنوك والمقاهى» بتلك الكلمات استكملت هالة حديثها عن مبادرتها التى لابد أن يشارك فيها كل أفراد المجتمع على حد قولها فتقول «هى مفيدة أيضا لهم فذوو الاحتياجات الخاصة سواء الحركية أو البصرية والسمعية قطاع كبير لا يمكن أن نغفلة، لذا على كل إقليم أن يتكفل بوجود المساند على الأرصفة مثل مبادرة توفير الكاميرات للمراقبة وحاويات القمامة لنظافة الشوارع والتى تم تفعيلها بكل حزم».


المبادرة التى تكفل كرامة ذوى الإعاقات المختلفة فى الشارع لاقت استحسان عدد كبير من المارة فى الشارع رغم تعجبهم منها فى بداية الأمر،وتضيف» كل شيء فى أوله غريب، لكن المبادرة تحتاج فقط تحركا من المواطنين بإيجابية وتكاتفا من الدولة، حتى يتحرك ذوو الإعاقة الحركية بصورة سليمة فى الشارع بدون أى شعور بالحزن أو القلق».