حكايات| «الدكروني» وصيد الثعابين.. فن استخلاص السموم بـ«خفة يد»

«الدكروني» وصيد الثعابين.. فن استخلاص السموم بـ«خفة يد»
«الدكروني» وصيد الثعابين.. فن استخلاص السموم بـ«خفة يد»

من صرخة شقيقه وجد «رجب» نفسه على بعد خطوات من عالم الثعابين، لم يدرك أن سرعته في إغاثة أخيه، ستجعل منه أحد محترفي صيد الثعابين، وتنقله إلى شريحة الصيد واستخراج السموم والجلود وتربيتها.


من الإسكندرية، شق «رجب الدكروني» طريقًا مختلفة، فحين كان في العاشرة من عمره، عشق صيد الأفاعي واللعب بها، فبدأ أول معرفته بعالم الثعابين، لكن البداية الحقيقة كانت من صرخة أخيه الذي فوجئ بثعبان في المنزل، فطاوعته يداه للإمساك به دون أن يصاب بأذى. 


مرت السنوات وكبر الطفل الصغير ليصبح شابا ويزداد تعلقه بكل ما يرتبط بصيد الأفاعي، لكن واجهته مشكلة في البداية تمثلت في عدم وجود أحد في قريته يتقن تلك المهنة فيكتسب منه مهارة التعامل مع الثعابين، فتوجه إلى عالم الإنترنت ليبحث عن أنواع الثعابين وطرق التعامل معها.


وخلال ثلاث سنوات فقط، أي ورجب في عمر العشرين، قرر جلب بعض الثعابين، إما بشراء بعضها أو اصطيادها، ثم يتولى تربيتها، غير أن شغفه بها ظل في ازدياد ما دفعه لقراء كتاب الدكتور شريف بهاء الدين، الذي يتحدث عن التوزيع الجغرافي لكل أنواع الثعابين في مصر.


تحدث الشاب «الدكروني» لـ «بوابة أخبار اليوم» عن عالم الثعابين، واصفًا إياه بأنه «خطر»، ويحتاج إلى دراسة كثيرة، فلكل نوع مميزاته وطريقة للتعامل معه، فهناك ثعابين الرفاعية، ولابد عند التعامل معها أن تهدئها أولا لدرجة النوم وعدم الحركة.


أما «الكوبرا» فلن يستطيع أحد التعامل معها سوى المحترف؛ لأنها في بعض الأحيان تتظاهر بالموت كوسيلة للهروب عندما تفقد القدرة على تحدي خصومها، إلا أنه يشدد على أن أغلى أنواع السموم في مصر «العقارب»، وهذا يحتاج مجهودًا كبيرًا جدًا لاستخراج كمية مناسبة صالحة.


وعن التعامل مع الدجالين، حذر الدكروني، الذي يبلغ من العمر 33 عامًا الآن، بقوله: «للأسف هناك فئة كبيرة جدا من الرفاعية تستخدم عمليات نصب بخصوص الثعابين ويكون الثعبان مخبأ معهم بالفعل ويدخلوا المكان ويلقون بالثعبان بطريقة احترافية لا ينتبه لها الشخص صاحب المكان، وبعد ذلك يتظاهروا بأنهم أمسكوا به داخل البيت ويطلبوا أموالا مقابل ذلك».

 


وعن تعامله مع الثعابين، قال: «طبعا تعاملت مع أنواع كثيرة، مثل: «الأصلة البورمية، والأصلة الشبكية، والأصلة الكروية، وتسمى البول بايثون أيضًا؛ لكن جميع الأصلات أو الأنواع الكبيرة العاصرة مستوردة من الخارج ولا تعيش في البرية المصرية».


ويصحح الدكروني مفهومًا خاطئا منتشر في مصر حول أن أنثي الثعبان أخطر من الذكر؛ لأن الأنواع السامة تكون كلها خطيرة سواء ذكر أو أنثى، موضحًا أن النوع الوحيد الذي لم يتعامل معه لأنه شديد الندرة في مصر، هو الثعبان الأسود الخبيث، والذي يعرف أيضًا بـ«حفار سيناء» نسبة إلى مكان تواجده.

 


ويصل سعر المتر من جلد الثعبان ما بين 1000 إلى 2000 جنيه للمتر الواحد منه، وإن ظل نوع الثعبان نفسه هو من يحدد سعره، والذي يدخل بدوره في صناعات مختلفة؛ لكنه لا يتاجر بها إذ يحرص على تقديم السموم للمعهد القومي للسموم مجانًا.


ولا يمكن محاولة الإمساك بـ«الثعبان الخبيث» باليد مباشرة؛ لأن أنيابه تكون بارزة إلى خارج الفم، ولا يوجد له مصل مضاد حتى الآن، منوهًا إلى أن أنياب الثعبان تخرج مرة أخرى خلال أسبوع، عند خلعها لأول مرة، لافتا إلى أن عملية البحث عن الثعابين تكون بخبرة مكتسبة مع الوقت عن طريق الأثر إذا كان في البرية.

 


أما في البيوت يتم الاعتماد على الخبرة في تحديد المكان الأنسب ليتواجد فيه الثعبان، وهنا يقول الشاب الثلاثيني: «اكتسبت مهاراتي من خلال جهدي الشخصي فلم يكن لدي أحد من أسرتي يعمل بها، واستطعت من خلالها أن أتزوج وأنجب ولد وبنت أنفق عليهما من تلك المهنة، خاصة بعد أن حصلت على كارنيه مزاولة المهنة من الاتحاد العام لصيادين مصر».


ولعل أخطر موقف تعرض له لحظة اضطرار الدكروني إلى إخراج كوبرا وجدت بين حائطين وظل معلقا من الدور الثالث حتى يستطيع إخراجها، فلم يقلقه عضها؛ لأن في مصر نوع مصل واحد فقط لكل أنواع الأفاعي السامة ، وأيضا نوع مصل واحد فقط لكل أنواع العقارب في مصر.