7 محطات ترصد نضال الأزهر التاريخي في مقاومة الاحتلال ودعم الثورات

7 محطات ترصد نضال الأزهر التاريخي في مقاومة الاحتلال ودعم الثورات- صورة مجمعة
7 محطات ترصد نضال الأزهر التاريخي في مقاومة الاحتلال ودعم الثورات- صورة مجمعة

يحل اليوم ذكرى مرور 1079 عاما هجريا على تأسيس الجامع الأزهر الشريف، والذي يوافق السابع من شهر رمضان المبارك من كل عام، ونعود قليلا بالذاكرة لنتذكر دور الأزهر التاريخي في مواجهة الاحتلال ومساندة الثورات السياسية التي تعاقبت على مصر والأمة الإسلامية عبر التاريخ؛ حيث كان للأزهر دائما دور الزعامة والقيادة منذ إنشاء منصب شيخ الأزهر وحتى عصرنا الحالي.


نضال الشيخ «الخراشي» 


في العصر العثماني تم إنشاء منصب الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، وذلك عام 1090/1679، وكان يُنتخب من هيئة كبار العُلماء، وأول مَن تقلّد هذا المنصب هو الشيخ "محمّد بن عبد الله الخراشي" المالكي المتوفى سنة 1101 هـ/ 1690م، واشتهر الشيخ الخراشي بوقوفه ضد أيّ حاكم يظلم أياً من الرعية، وتوجد كلمة شعبية مشهورة حتى اليوم "يا خراااشي"، بمد الألف وهو استنجاد مستمَد من الاستغاثة التي كان يستغيث بها المصريون عندما كان الشيخ الخراشي إماماً أكبر وعلى قيد الحياة، واستمر توارث هذا النداء حتى اليوم، رغم عدم معرفة العوام مصدره.


مقاومة الحملة الفرنسية 

تمحور دور الأزهر التاريخي في مكافحة الاستعمار الأوروبي للمنطقة العربية، وحراسة علوم الدين واللغة العربية، التي كادت تتآكل في العصر العثماني.

وفى ثورة القاهرة الأولى عام 1798 ثم في ثورة القاهرة الثانية عام 1800م كان للأزهر الدور الأبرز في قيادة شيوخه للثورات، ففي عام 1798م، وعندما أنشئ ديوان الحكم الأول بعد دخولهم مصر مكونا من علماء الأزهر والذي يشرف على حكم القاهرة وتدبير شئونها، وأعضاؤه تسعة هم الشيوخ: عبدالله الشرقاوي، خليل بكري، مصطفي الصاوي، سليمان الفيوم، موسي السرسي، مصطفي الدمنهوري، أحمد العريشي، يوسف الشبرختي، محمد الدواخلي، محمد المهدي «سكرتيرا»، وحين استمر الفرنسيون في العمل لإخضاع البلاد وشعر الشعب بالضيق؛ ألفت داخل الجامع الأزهر «لجنة للثورة» حسبما يشير إليها «الجبرتي» وأخذت تبث الدعاية للانتفاضة والمقاومة واحتشدت الجماهير بالطرقات وضعف سلطان الديوان الأدبي ولم يستمع الناس إلي كبار المشايخ بالالتزام بالهدوء والإخلاء إلي السكينة وبدأت طلائع «الهياج» في بداية عام 1798 واحتشد الجمهور في حي «الحسينية» وساروا لبيت العسكر «قاضي القضاة التركي» وألزموه الركوب معهم حتي منزل نابليون بونابرت وعندما أحجم رجموه ونهبوا منزله واجتمع في نفس الوقت جمع عظيم بصحن الجامع الأزهر وهم يهتفون بالثورة والقتال وعلي رأسهم شيوخ الأزهر.


 وألهبوا الناس بخطبهم وعندما علم الجنرال «ديبوي» بما حدث نزل إلي المدينة واشتبك معهم المصريون ورجموهم بالحجارة وأدرك نابليون خطورة الوضع واتفق مع قادته أن «الأزهر مركز الثورة الحقيقي». حتي خرجت جنوده لمواجهة ثورة المصريين خاصة المناطق المحيطة بالأزهر وضرب نابليون بمدافعه ولم تنجح محاولات التهدئة فضرب نابليون الجامع الأزهر وأخذت القنابل تنهال عليه وعلى الأحياء المجاورة حتي احتلوا الأزهر بخيولهم دون مراعاة حرمته وكان ذلك في تشرين «يناير» 23 أول السنة 1798م.


ويذكر الجبرتي أن هذه الثورة التي اضطرمت علي الفرنسيين والتي ذهب ضحيتها آلاف المصريين وحاول بعدها الفرنسيون القبض علي زعماء الثورة «المتعممين» ومنهم الشيخ سلماء الجوسقي شيخ الطائفة العميان والشيخ أحمد الشرقاوي والشيخ يوسف المصيلحي، واقتيدوا إلي بيت البكري حتي منزل «القومندان» بدرب الجماميز ثم جردوا من ثيابهم واقتيدوا إلي القلعة وسجنوا هناك ويؤكد الجبرتي أنهم أعدموا في اليوم التالي رميا بالرصاص وألقيت جثثهم أعلي سور القلعة وغاب أمرهم عن الناس أياما وأنهم كانوا ستة شيوخ.


واستمر نضال الأزهر والتفاف الشعب المصري حوله، ولما لم يستقر الأمر للفرنسيين في مصر، ورحلوا عن مصر عام 1801.

اختيار محمد علي واليا 

بعد خروج الفرنسيين قاد الأزهر وعلماؤه رغبة الشعب في حكم أنفسهم بأنفسهم وكانت ثورة 1805م من أهم الثورات الأزهرية التاريخية حيث أختار علماء الأزهر محمد على والياً على مصر.

ثورة 1919.. ومقاومة الاحتلال البريطاني

لعب الأزهر دورا محوريا في قيادة الثورة الشعبية الكبرى ضد الاحتلال البريطاني عام 1919، وانطلق المظاهرات تعم أرجاء البلاد، حتى تحققت بعض مطالب الثورة.

وكان طلبة الأزهر فى مقدمة الطلاب المصريين فى ثورة 1919م بل أن قائد الثورة نفسه سعد زغلول كان من رجال الأزهر الذين تعلموا و تخرجوا منه.

وساند الأزهر وعلماؤه الحركة الوطنية المصرية ضد الاحتلال الإنجليزي وظل يقود مقاومة مصر للاحتلال حتى ثورة يوليو 1952م.

العدوان الثلاثي 1956

صعد الرئيس جمال عبد الناصر على منبره، وخطب فألهب الشعوب ضد العدوان الثلاثي عام 1956، واستمرت المقاومة الشعبية في مدن القناة حتى فشل العدوان الثلاثي على مصر.

الثورة الجزائرية ضد الفرنسيين

كما كان له دور في الثورة الجزائرية، خاصة في تعليم أبناء الشعب الجزائري اللغة العربية والتصدّي للهيمنة الفرنسية، التي جعلت من الجزائر ولاية فرنسية، فكان كبار شيوخ الثورة الجزائرية الممتدة مثل عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي من الذين تخرّجوا من الأزهر الشريف.

مساندة القضية الفلسطينية 

أما دور الأزهر في مساعدة القضية الفلسطينية ممتد ومؤثر عبر التاريخ، حتى استعادة كل شبر من أرض فلسطين المغتصبة، وطالب شيخ الأزهر د. أحمد الطيب الفلسطينيين على اختلاف فصائلهم بالتوحد ونبذ الخلافات الداخلية، وتوحيد جهودهم في مواجهة المحتل الصهيوني، مؤكدًا أن التوحد هو أول خطوة نحو إقامة دولة فلسطينية على كامل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف.

وبالعودة لبداية أزمة احتلال فلسطين، ففي عام 1929 حذر شيخ الأزهر حينها من الاحتلال البريطاني ومن سيطرة اليهود على حائط البراق، وعام 1935 أصدر العالمان الأزهريان الشيخ محمد رشيد رضا، والشيخ أمين الحسينى، فتوى بتحريم بيع الأراضي لليهود.

أما عام 1936 قام شيوخ وطلاب الأزهر بمظاهرات لدعم ثورة فلسطين الكبرى، وفي عام 1937 انطلقت مظاهرات ضخمة في الأزهر رفضا لمشروع "لجنة بيل" لتقسيم فلسطين، وفي عام 1938 دعت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى بيان لها للحفاظ على عروبة القدس.

وعام 1939 احتج الأزهر على وضع قوة من البوليس البريطانى فى المسجد الأقصى، وفي عام 1947 أعلن علماء الأزهر رفضهم لقرار تقسيم فلسطين، أما عام 1948 أصدر الشيخ حسنين مخلوف، فتوى توجب الدفاع عن فلسطين بالنفس والمال.

أما "وثيقة الأزهر عن القدس الشريف" التي أصدرها الأزهر الشريف في عام 2011، وأكد فيها على عروبة القدس، وأطلق الأزهر الشريف، أعمال "مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس"، بمشاركة ممثلين من 86 دولة، وبرعاية الرئيس السيسي، وأكد فيها أن القدس هى العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المستقلة ويجب العمل الجاد على الاعتراف الدولي بها، كما أكد على أن عروبة القدس أمر لا يقبل العبث أو التغيير، والرفض القاطع لقرارات الإدارة الأمريكية الأخيرة والتي لا تعدو أن تكون حبرًا على ورق.

ويؤازر المؤتمر صمود الشعب الفلسطينى الباسل ويدعم انتفاضته فى مواجهة القرارات المتغطرسة بحق القضية الفلسطينية ومدينة القدس والمسجد الأقصى، ويعتز المؤتمر بالهبَّة القوية التى قامت بها الشعوب العربيَّة والإسلامية وأحرار العالم، ودعم المؤتمر مبادرة الأزهر بتصميم مقرر دراسى عن القدس الشريف يُدرَّس فى المعاهد الأزهرية وجامعة الأزهر، وحث المؤتمر كل الهيئات والمنظمات العالمية على الحفاظ على الوضع القانونى لمدينة القدس والتأكيد على هُويتها.