حكايات| خير بـ«النوتيلا» وإفطار «ع الدونتس».. رمضان في المعادي «حاجة تانية»

 خير «بالنوتيلا» وإفطار رمضان «ع الدونتس» في المعادي
خير «بالنوتيلا» وإفطار رمضان «ع الدونتس» في المعادي

مع اقتراب غروب الشمس، حين تشير عقارب الساعة إلى نحو السادسة مساءً، يبدأ المئات من الشباب بكافة أنحاء الجمهورية، في التمركز على نواصي الشوارع الرئيسية والطرق السريعة، يحملون أكياس "التمر" والعصائر والمياه، ليوزعوها على المارة لـ"كسر صيامهم"، ولكن إذا قادتك قدماك يومًا لمنطقة المعادي قبل دقائق من رفع أذان المغرب، يمكنك أن تبدأ إفطارك على كوب "كنافة بالنوتيلا" أو قطعة "دونتس".

هنا في شارع "نيركو" المطل على طريق الأتوستراد بحي المعادي، يقف يوميًا نحو 30 شابًا وفتاة يوزعون التمر والعصائر وزجاجات المياه على المارة الصائمين، ولكنهم لم يكتفوا فقط بتلك المواد الغذائية التي يشاركهم غيرهم الكثيرين في توزيعها، بل زادوا عليها هذا العام بحلوى "الكنافة بالنوتيلا" و"الدونتس".
 

صدفة بحتة

الصدفة وحدها قادت شباب المعادي أو "المعاديينز" كما يطلقون على أنفسهم، إلى فكرة الحلوى، ففي أول أيام شهر رمضان فوجئوا بعد الانتهاء من  توزيع العصائر والمياه والتمر على المارة، بأحد الأشخاص يهديهم أكوابًا من "الكنافة" تشجيعًا لهم على مواصلة عمل الخير.

"المعاديينز" قرروا مضاعفة الثواب في إفطار الصائمين، وبدلا من تناول أكواب الكنافة، بدأوا في توزيعها "قلنا إحنا كده كده بنعمل خير فنكمله للآخر ونوزعهم على الناس بدل ما ناكلهم"، هكذا أكد محمد هاني، 25 عامًا، ويعمل في إحدى الشركات العقارية الكبرى، وأحد الشباب المنظمين لمبادرة "إفطار الصائم".

 

انتشار واسع على "السوشيال ميديا"

يقول "محمد" لـ"بوابة أخبار اليوم"، إن الفكرة لاقت استحسانًا كبيرًا لدى الشباب المتطوع الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا، فقرروا صنع "الكنافة بالنوتيلا" بأنفسهم وتوزيعها في اليوم التالي، وأضافوا إليها "الدونتس"، مضيفًا: "صورنا فيديو صغير وإحنا ماسكين كيس، وقلنا هنوزع كنافة بالنوتيلا، وبعد مرور ساعات حقق انتشارًا واسعًا وانهالت تعليقات السخرية والمزاح، خاصة من شباب المناطق المجاورة".

 

بدأ الشباب توزيع مواد إفطار الصائم المعتادة وبعدها استكملوا بتوزيع "الكنافة بالنوتيلا والدونتس"، وسط ردود أفعال متباينة من المارة بين الثناء على الفكرة وعدم تصديقها: "الناس اتخضت وبدأوا يسألونا إيه ده، خاصة البسطاء وعمال النظافة في الشارع، والأطفال بدأت تتجمع حوالينا".

 

خير بـ"النوتيلا"

 

يشير الشاب العشريني إلى أن تداول مقطع فيديو لهم أثناء توزيع الحلوى، ساعد في انتشار الفكرة على نطاق واسع، وبالتالي زادت التبرعات وتضاعفت أعداد المتطوعين خلال اليوم التالي، مؤكدًا: "كل أعمالنا قائمة على الجهود الذاتية سواء من معارفنا بالمنطقة أو محيط العائلة، فمثلا الكنافة بالنوتيلا تطوع أحد المشاركين معنا ويمتلك محل حلويات لصناعتها، وكذلك الحال بالنسبة للدونتس تطوع آخر بعملها في المنزل وجهز منها كمية لتوزيعها، وآخرين يعدون التمر والعصائر، ومجموعة أخرى تجهز الوجبات، فمجموعتنا تضم ما بين 20 إلى 40 شخصًا يجتمعون على عمل الخير".

 

"يعني ما توفروا فلوس الحلويات دي واستغلوها في توزيع مواد غذائية ومساعدة المحتاجين"، كانت تلك الكلمات ضمن تعليق لأحدهم على مقطع الفيديو المتداول، وهو ما رد عليه محمد هاني قائلاً: "التبرعات اللي بنجمعها توجه في الأساس لتجهيز شنط رمضان ووجبات الإفطار، فضلا عن مواد إفطار الصائم من المياه والتمر والعصائر التي نوزعها قبل أذان المغرب، أما الحلوى جاءت بمبادرة من الشباب المتطوعين وبعيدًا عن أموال التبرعات، وهي التي حققت صدى أكبر".

 

كحك وغريبة قبل العيد

 

الأمر لن يتوقف عند "الكنافة والدونتس"، بحسب "محمد": "بنفكر نقدم الفترة الجاية سينابون، وفي آخر كم يوم في رمضان هنوزع كحك وغريبة علشان نحتفل مع الناس بالعيد، مش مهم الأنواع هتكون إيه، لكن الأهم إن رسالتنا في التطوع وعمل الخير توصل للناس ويبدأوا يشاركوا معانا، وهو اللي بدأ بالفعل يحصل، ففوجئنا اليوم بمشاركة شباب معنا من مناطق بعيدة زي العباسية وشبرا".

 

مش بس بتوع "نوتيلا"

 

"المعاديينز" بدأوا نشاطهم في العمل التطوعي قبل 9 سنوات، إبان ثورة 25 يناير، بمشاركة مجموعة من الشباب في تنظيف أحد الحدائق الكبرى بالمنطقة، لتتكون بينهم صداقات، "المعادي كلها أوضة وصالة أغلبنا يعرف بعض، فبدأنا نتجمع تاني وأنشأنا جروب على فيسبوك سميناه المعاديينز والناس بدأت تزيد".

 

"بقينا معروفين على مستوى سكان المنطقة، وبعدها بدأت أفكار التطوع والمساهمة في الأعمال الخيرية، وتنظيم حملات لمساعدة القرى والأسر الأكثر احتياجًا، بنعمل وجبات كاملة (أرز وخضار وفراخ) وشنط رمضان بنستهدف بيهم أسر بعينها، وبعد رمضان بنبدأ حملات أسقف للمنازل في القرى ووصلات مياه وسداد ديون غارمات مش بس في القاهرة لكن في المحافظات والصعيد، إحنا مش بس بتوع نوتيلا بس الحاجات الصغيرة بتعلم".