123 محاضرة أسبوعيا لـ7 آلاف طالب.. وأوروبا استفادت من «شيخ العمود»

حوار| مدير أكاديمية الأزهر: «الأروقة» منصات فكرية لمواجهة التطرف

عبد المنعم فؤاد خلال الحوار
عبد المنعم فؤاد خلال الحوار

أحد منارات الأزهر السامقة، التي تشع وهجًا هاديًا لا ضياءً خادعًا.. مشهور بالانفتاح الذهني ومتابعة أحدث الأفكار الجديدة في مجالات العقائد والفلسفة العالمية، ويسعي الآن بقوة لإعادة الأروقة الأزهرية إلي سابق عصرها الزاهي، وأن يجعل من أكاديمية الأزهر موئلًا للتطوير المتجدد.. إنه د. عبد المنعم فؤاد، مدير أكاديمية الأزهر، والمشرف علي الأروقة، وأستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر.. وكان لنا معه هذا الحوار:

 

> الإمام الأكبر يُولي أهمية خاصة لأروقة الجامع الأزهر.. متي تم إنشاؤها وما الغرض منها؟
- ارتبطت الأروقة بنشأة الأزهر نفسه، ورغم أنه تم تأسيسه لنشر المذهب الشيعي في مصر، علي اعتبار أن مصر أم الدنيا ومن خلالها يمكن تصدير أي فكرة للعالم، ولكن المصريين بفطرتهم لم يقبلوا المذهب الشيعي، وشاء الله أن يتحول الأزهر إلي مقر عالمي لمذهب أهل السنة والجماعة، والمذهب السني هو الإسلام بعينه، بالقيم والأخلاقيات واحترام الصحابة والقرآن الكريم وجمع شمل الأمة وعدم المسارعة بالتكفير واتهام الآخر والمنهج الوسطي الذي يدعو إلي الاستقرار والسلم المجتمعي.


أروقة عالمية
> وهل كانت الأروقة للمصريين فقط، أم فتحت أبوابها لكل طلاب العلم المسلمين؟
- كانت الأروقة، ولا تزال، لطلبة العلم من كل دول العالم وليس للمصريين فقط، وهناك رواق المغاربة ورواق العباسيين ورواق الأفارقة والآسيويين والصعايدة والشراقوة، وكلها تعني وجود أماكن مُخصصة لأهل هذه البلدان، ورواق الأفارقة كان يأتيه أهل السودان وإثيوبيا وغيرهما وتُوزع عليهم الأطعمة والأشربة من خيرات مصر وكتب العلم، ويجلسون مع أستاذهم الذي لا يجلس علي الكرسي إلا إذا اختاره العلماء وشهدوا له بالكفاءة، ويُسمي »شيخ عمود»‬، وهذا النموذج التعليمي الأزهري طبقته أوربا، فتجد عندهم حتي الآن أن فلانًا »‬أستاذ كرسي».


> وهل اقتصرت الأروقة علي تدريس العلوم الشرعية فقط؟
- بالعكس، فإن أولي المواد التي يدرسها الطلاب ولا يزالون هي علوم الجدل والمناظرة والحوار والفلسفة والمنطق والحساب والجبر والهندسة بالإضافة إلي العلوم الشرعية والفقهية، والحرص عليها يؤكد أن الأزهر يهتم بتعليم طلابه فنون المحاورة وقبول الرأي والرأي الآخر، فيقول الإمام أبو حنيفة رأيا فيرد عليه تلميذه ثم يختلف معهما تلميذ آخر وهكذا، وكل هذا في نقاشات علمية مفيدة، وبعدها يتم تقرير الرأي الصواب، وكان لكل مذهب أئمته وطلابه، ويجتمعون معًا إذا كان هناك رأي يهم الأمة فيما يُسمي بجمهور الفقهاء، ليخرجوا برأي واحد مشفوع بالأدلة الشرعية التي يقتنع بها الناس.. ولذلك كانت- ولا تزال- الأروقة مكانًا لتفريخ الآراء التي تبني الأوطان والعقول وتواجه التطرف، كما خرجت من الأروقة الثورات التي دافعت عن الوطن ضد الغزاة.


أروقة المحافظات
> وما آخر أنشطة أروقة المحافظات.. وهل لديكم خطة في هذا الأمر؟

- لدينا 8 أروقة في المحافظات، ونقوم بتنظيم هذه الأروقة في الدروس والكتب والمناهج، وفي رواق الإسكندرية ما يقرب من 3 آلاف دارس، وهناك رواق في التجمع وفي الهرم؛ ووجدنا إقبالا هائلا وتجاوبًا من المواطنين، مما جعلنا نفكر بالفعل في نشر الأروقة في باقي المحافظات، ونضع الآن خطة بذلك وسنرفعها قريبًا إلي فضيلة الإمام الأكبر، ونثق أنه لن يتأخر أبدًا في دعمنا.


> كم عدد المحاضرات وأنواعها في أروقة الجامع الأزهر؟
- 123 محاضرة أسبوعية في الجامع الأزهر لمختلف العلوم، كما أن فضيلة الإمام الأكبر يولي عناية كبيرة بالأروقة ويتابع الدروس والمدرسين بصورة دائمة، كما يتابع تطور المناهج باستمرار، ويعقد مجلسًا أعلي شهريا للجامع الأزهر، ويقول لنا دومًا: »‬اجعلوا هجرتكم لله ورسوله في خدمة الأزهر، فقد لا أحاسبكم أنا وإنما سيحاسبكم ملك الملوك سبحانه وتعالي».. وتسير الدراسة في الأروقة علي مسارين: الدراسة الحرة ويتقدم إليها كل من يريد طلب العلم وهي دروس عامة من التاسعة صباحًا حتي الثانية بعد الظهر، وهذه الدراسة لا يُسأل مَن الدارس فيها سواء كان مسلمًا أو غير مسلم، نحن لا نسأل أحدًا، وباب الأزهر مفتوح لكل طلاب العالم ومن كل الأديان، الطالبين للمعلومة الصحيحة.. وهناك مسار آخر تنظيمي لدراسة العلوم الشرعية وتعليم اللغة العربية لغير الناطقين، وكل هذا مجانًا، في الصباح والمساء، ولا شروط للسن.


> كم دارسًا حتي الآن يستفيد من الأروقة الأزهرية؟
- تقريبًا سبعة آلاف دارس ودارسة بمختلف الأعمار في الأروقة وحدها، و40 ألفا في كل قطاعات الأزهر، بينهم أساتذة في كليات الهندسة والطب والعلوم وغيرها ممن يريدون دراسة مناهج الأزهر، والدول ترسل لنا أبناءها وتأتمننا علي عقولهم.


> ما كان الغرض من إنشاء أكاديمية الأزهر في هذا التوقيت مع وجود الجامعة؟
- الغرض كان دائمًا مواجهة الأفكار المتطرفة، ولم يقتصر ذلك علي المصريين، بل هنا 26 دولة أرسلت أبناءها إلينا، بما يوازي 700 دارس هذا العام، ولا نفرض عليهم قضايا معينة، بل نجتمع معهم قبل الدراسة وننظر في القضايا التي تقلق أوطانهم ونوفر لهم متخصصين للحديث فيها وتدريبهم عليها، وكل هذه الدول غير عربية، منها الصين التي أرسلت 120 فردًا وبلجيكا وألمانيا وغيرها، وهؤلاء ليسوا طلابا وإنما علماء وموظفون يرغبون في دراسة منهج الأزهر.

 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا