حكايات| فنان بـ«لسان مقطوع».. إنقاذ محمد رشدي من الموت للغناء

الفنان الراحل محمد رشدي
الفنان الراحل محمد رشدي

كعادة كل يوم، استيقظ «محمد» من نومه، حمل كتبه وذهب إلى مدرسته بدسوق، وما إن وصل إلى فصله ترك حقيبته وبدل ملابسه ليرتدي ملابسه الرياضية فقد كان عضواً في فريق كرة القدم بمدرسة دسوق الابتدائية، لكن كانت الصدمة فأثناء مشاركته في إحدى المباريات، اصطدم بزميله فسقط على وجهه ولم يستطع النهوض، لينفجر الدم من فمه.

 

في لحظات، وصل رجال الإسعاف، ثم نظروا إلى الطفل وتركوه، بعد أن اكتشفوا قطع لسانه، توسل والده لأربعة أطباء لإجراء عمليه جراحية؛ لكنهم اعتذروا لخطورة الجراحة على حياة الطفل الذي لم يكمل 10 سنوات. 

حينها لم يجد الوالد سوى التوجه إلى أحد الأطباء الأجانب، والذي قبل إجراء العملية شريطة أن يوقع الوالد على إقرار يخلي فيه مسئولية الطبيب في حالة وفاة الطفل، وبالفعل قبل الرجل التعهد، وخرج الولد حياً بعد إجراء العملية الخطيرة، ولكن كُتب على محمد أن يعيش بـ «نصف لسان» بعد بتر جزء منه، وبعد مرور خمس سنوات استيقظ الأب على صوت ابنه يلفظ الكلمات بطريقة صحيحة.

 

مرت الأيام، وقرر «محمد» الذهاب إلى مدينة دسوق وتصادف أن السيدة أم كلثوم تقيم حفلاً غنائياً، وبطريقة غريبة قرر الغناء أمامها، فأعجبت بصوته، ليحاول بعدها أن يقنع والده بالالتحاق بمعهد الموسيقي العربية.

 

لم يكن والده محمد عبد الرحمن الراجحي يستطيع تحمل تكاليف سفره ومعيشته في القاهرة، فالوالد مقاول طوب بسيط، فكيف يوفر لابنه ٣ جنيهات شهرياً كي يستطيع السكن والعيش والدراسة، فتدخل أحد الأغنياء وتكفل بالمصاريف، ليبدأ الفنان الراحل محمد رشدي صفحة جديدة في حياته. 

 

في أحد حواراته تحدث محمد رشدي عن بداياته في القاهرة، قائلا: «سكنت في لوكاندة بالأزهر، وكنت بأدفع ٢ جنيه، وأعيش بجنيه طوال الشهر» . 

تميز صوت محمد رشدي بالقوة، فقد كان يملك خامة صوت عريضة، فاستعانت به بديعة مصابني في رواية كليوباترا ليحصل على ٧ جنيهات، وفي أول أسبوع قررت بديعة رفع أجره ل ١٩ جنيهًا.

 

 

احترف رشدي الغناء في الحفلات حتى التقي بـ«فائق زغلول»؛ والذي طلب منه الغناء في الإذاعة، ليحصل على أجر إضافي مقداره ١٧ جنيهاً، بعد أن خصصت له الإذاعة ١٥ دقيقة. 

 

وخلال مسيرته الفنية، استطاع محمد رشدي أن يقدم العديد من الأغاني التي لا تزال حتى الآن تحظى بانتشار واسع، منها: «طاير ياهوا، ع الرملة، عدوية، عرباوي، مغرم صبابة، وهيبة، يا ليلة ما جاني الغالي». 

 

 

توفي محمد رشدي في 2 مايو 2005 عن عمر يناهز السادسة والسبعين عاماً بعد صراع طويل مع المرض. وكان محمد رشدي قد دخل المستشفى قبل ذلك بشهر ونصف الشهر بعد إصابته بالتهاب رئوي حاد بالإضافة إلى إصابته بالفشل الكلوي.