عاجل

تفاصيل إنشاء أول تنظيم نقابي عمالي مصري .. «الشرقية للدخان» صاحبة الريادة

اول تنظيم نقابي عمالي مصري
اول تنظيم نقابي عمالي مصري

«ثماني ساعات للعمل، ثماني ساعات للراحة، ثماني ساعات للنوم».. كانت هذه مطالب الكادحين التي انطلقت لتخرج مطالبة بحقها في الحياة في الأول مايو 1886، حينما قام مجموعة من العمال بإضراب في الولايات المتحدة الأمريكية، سقط فيه عدد منهم نتيجة الصراع بينهم وبين السلطات، ليصبح من بعدها يوما عالميا لكل الطبقة العاملة. 

 

وكانت مصر من أولى الدول التي اهتمت بالاحتفال بهذا اليومين فقد سبق الإضراب في مصر، بعد أن عانى العمال من الأجور المنخفضة وساعات العمل الطويلة وظروف عمل متدنية، واتسمت أحوالهم بالتفاوت والتمييز في الأجور بين العمال الوطنيين والعمال الأجانب، إضافة إلى خلو التشريعات من أية قوانين تكفل تنظيم العلاقات العمالية ، وكان الوسيلة الفعالة التي أدت للاعتراف بالنقابات وحق العمال في التنظيم النقابي قانون العمل وإلغاء الطوائف وكان لصدور قانون عام 1890 في مصر، الخاص بإلغاء نظام الطوائف وإنشاء النقابات العمالية هو نقطة البداية لتكوين أول تنظيم نقابي مصري خاصة في ظل شعور العمال بحاجتهم إلى التكتل لتشكيل قوة في مواجهة أصحاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية التي تدفقت على مصر وظهور العديد من الصناعات التي تجمع العمال بأعداد كبيرة. 

 

وجاءت نقطة الانطلاق هي شركات السجائر وصناعة الدخان في مصر والبالغ عددها حين ذاك نحو 30 ألف عامل ضمتهم 40 شركة كانوا يعانون ظروف عمل سيئة للغاية، وقاد عمال شركات الدخان والسجائر في القاهرة والإسكندرية العمل الجماعي العمالي بشقيه الإضراب، والتنظيم النقابي، ولم يكن ذلك من قبيل الصدف التاريخية وإنما كان نتيجة أن ظروف الحرب كانت أشد ما تكون تأثيرا على صناعتهم نتيجة نقص الدخان الخام الأمر الذي مكن أصحاب المعامل من توفير عدد كبير من العمال .

 

ميزان القوى.. والعمال والواقع 

ويعتبر ميزان القوى في هذه الإضرابات كان يميل إلى جانب العمال في بداية الأمر لأن طبيعة هذه الصناعة كانت تحتم الاعتماد على العمل اليدوي والخبرة الحرفية العالية، ولهذا كان العمال غالبا في وضع المفاوض القوى أمام أصحاب المعامل، ولكن هذا الوضع لم يلبث أن تغير نتيجة استخدام الآلات التي أحدثت قلقا شديدا في صفوف عمال الدخان والسجائر وخاصة عمال اللف الذين أصبحوا مهددين بالفصل. 

إضراب عمال الدخان.. والسجائر وفي عام 1869 

قاد عمال الدخان والسجائر بالقاهرة والإسكندرية العديد من الإضرابات، متبعين خطة منظمة للوصول إلى مطالبهم بصفتهم شريحة ليست بالقليلة حين ذاك فعندما كان عمال مصنع يضربون عن العمل كان عمال المصانع الأخرى يجمعون لهم من التبرعات ما يعينهم على الاستمرار في الإضراب حتى تجاب لهم مطالبهم. 

ثمار الإضرابات 

وجاءت ثمار هذه الإضرابات عندما أعلن عن تأسيس جمعية لفافي السجائر بالقاهرة والإسكندرية في الأول من ديسمبر 1898 وقد وضع العمال على رأس هذه الجمعية شخصية أجنبية خوفا من بطش السلطات.


 فقد كان الهدف في تلك المرحلة هو الاعتراف بالنقابة والصفة التمثيلية للعمال المفوضين بالعمل النقابي لمناقشة شروط وظروف العمل، لتستمر من بعدها مسيرة الحركة النقابية العمالية المصرية بتأسيس هذا التنظيم النقابي للدفاع عن العمال والمطالبة بحقوقهم والتصدي لقوى الاستغلال الأجنبي التي كانت تحرم الشعب والعمال المصريين من حقوقهم الأساسية.