«بوابة أخبار اليوم» تشارك 47 صحفيا من كل قارات الدنيا زيارة بنجلاديش

  "بوابة أخبار اليوم" تشارك 47 صحفيا من كل قارات الدنيا زيارة بنجلاديش
"بوابة أخبار اليوم" تشارك 47 صحفيا من كل قارات الدنيا زيارة بنجلاديش

بعد حوالى عشر ساعات من الطيران تخللها ثلاث ساعات ترانزيت، وصلت دكا عاصمة بنجلاديش.الرحلة بدأت من مطار القاهرة مرورا بمطار الكويت قبل الوصل لدكا بدعوة من وزارة الخاريجة البنغالية وبمشاركة 47 صحفيا واعلاميا ودبلوماسيا من مختلف قارات العالم أغلبنا كان يزور بنجلاديش للمرة الإولى فى حياته.

 

بمجرد خروجى من مطار دكا لشوارع العاصمة شعرت أننى فى مدينة تشبه كثيرا مدينة القاهرة من ناحية الزحام الشديد وعلى الرغم من وصولى تقريبا الرابعة فجرا إلا أن شوارع العاصمة وطوال طريقي للفندق كانت مكتظة بالناس وكانها الساعة التاسعة مساء مثلا.بنجلاديش تسبقنا فى التوقيت بفارق اربع ساعات بعنى أن الرابعة فجرا هى منتصف الليل فى مصر ولكنها تشبهنا كثيرا فى الزحام حيث يعيش فى دكا حوالى 15 مليون نسمة من اجمالى 175 مليون نسمة تعداد بنجلاديش وفقا لبيانات البنك الدولى فى الوقت الذي تشير فيه بيانات الحكومة هنا أن التعداد حوالى 160 مليون لتحتل المربتة السابعة على مستوى العالم. دكا تقع على الضفّة الشرقيّة لنهر بوريجانجا، وفي قلب دلتا البنغال، وتُعدّ أكبر مدينة في بنغلادش، وتتميّز بأنّها المحور الثقافي، والاقتصادي للبلاد، بالإضافة إلى ذلك فإنّها تُعدّ من المدن الرئيسيّة في جنوب آسيا، كما تضم تعدّداً عرقيّاً ودينيّاً متنوعّاً.

 

(جغرافيا متميزة)

تقع جمهورية بنجلاديش الشعبيّة في الجزء الجنوبي الشرقي من القارة الآسيوية، وتعتبر جزءاً من منطقة البنغال مجتمعةً مع الولاية الهندية في الجزء الغربي من البنغال، وتعتبر اللغة البنغالية هي اللغة الرّسمية للبلاد.ويعود تاريخ تأسيس الحدود الدّولية لبنجلاديش إلى عام 1947م بالتّزامن مع تقسيم البنغال والهند؛ حيث أصبح الإقليم بمثابةِ المنطقةِ الشّرقية لدولةِ الباكستان، وعاشت البلاد بحالةٍ من الإهمالِ الاقتصادي والتمييز السياسي واللغوي ما أدّى إلى اندلاع ثورةٍ شعبيةٍ ضد الجزءِ الغربي الباكستاني، وكان هذا الصِّراع بمثابةِ حربٍ أدّت إلى استقلالها عام 1971م وقيام الدّولة رسمياً. وعلى الرغم من قيام الدّولة الحديثة إلّا أنّها عاشتْ بحالةٍ من المجاعاتِ، والكوارثِ الطبيعية، وتفشي الفقر، والاضطرابات السياسية،وتمتد مساحتها إلى أكثر من 147مليون كيلومتر مربع، وتشكل المياه فيها 1.1% تقريباً، ويعتبر خليج البنغال هو النقطة الأخفض في البلاد.

 

لكن نظرة حديثة على بنجلاديش تجعلك تؤمن بأن هذه بلاد فى طريقها لتحقيق تقدما ملموسا على جميع الأصعدة ليس فقط بالنوايا الحسنة ولكن بالعمل والاجتهاد.تخيل مثلا أن دكا العاصمة لا تنام أبدا ومنذ الصباح الباكر يخرج أهلها سعيا للرزق والعمل والتعلم فى مواكب كبيرة تشير إلى انه وخلال سنوات قليلة ستكون بنجلاديش واحدة من أهم النمور الأسيوية.

(النمو المتوقع)

على المستوى الرسمى التقيت فى الزيارة باثنين من أهم وزراء بنجلاديش هما الدكتور عبد المؤمن وزير الخارجية والدكتور حسن محمود وزير الإعلام وكلاهما عضو بالبرلمان البنغالى.كلام الرجلين اتسم بالهدوء والحكمة التى تؤكد أن حكومة بنجلاديش جادة فى سعيها لأن تحتل لمكانة التى تستحقها على مستوى العالم والتى  لا تتناسب حاليا مع امكانيتها حيث لديها امكانيات هائلة خاصة فى مجال الزراعة وكذلك فى صناعة الملابس التى حقق صادرات سنوية تبلغ حوالى 40 مليار دولار حيث تغزو كل أسواق العالم تقريبا مع تدهور العملة التى تصل ألى حوالى 83 تكا مقابل كل دولار أمريكى.

 

أهم مقومات تدفع بهذه البلاد لقائمة كبرى دول العالم هى حسن استغلا المناخ الذي يتميز بأنه موسمي نموذجي؛ أي يشتهر بالرياح المُحمّلة بالأمطار، وبدرجات الحرارة الدافئة والمُعتدلة، والرطوبة العالية، كما تشهد تساقطاً غزيراً للمطر في جميع المناطق باستثناء بعض الأجزاء الغربيّة التي تستقبل أمطاراً سنويةً تُقدّر ب 1500 ملم، بينما في المناطق الكبيرة في الجنوب، والجنوب الشرقي، والشمال، والشمال الشرقي فإنّها تستقبل كميّات كبيرة من الأمطار تُقدّر بحوالي 2000-2500 ملم سنوياً وهو ماجعلها فى ترتيب متقدم زراعيا على مستوى العالم ينقصه حسن الاستغلال والتسويق.


رغم أننى انتهيت من اجراءات التسكين فى الفندق حوالى الخامسة صباحا إلا انه كان لزاما علىً أن أبدأ برنامج الزيارة فى السادسة والنصف صباحا حيث كنت آخر من وصل دكا من الزملاء الصحفيين.الحياة هنا تبدأ من الصباح الباكر نظرا للحرارة الشديدة فى الطقس وللزحام الكبير فى المرور لدرجة أن الحكومة قامت بتخصيص دوريات شرطة لمرافقتنا فى كل الزيارات لفتح الطرق المزدحمة أمامنا ولولا ذلك لكان من الصعب علينا أن ندرك أى مقابلة فى الموعد المحدد لها.

 

(العيد الوطنى)

كان موعد بدء برنامج الزيارة 14 ابريل وهو اليوم الذي تبدأ فيه السنة الجديدة فى بنجلاديش وهو بمثابة عيد وطنى يقوم فيه المواطنون بارتداء الثياب الجديدة والتجول فى الشوارع والمنتزهات وسط بهجة عارمة وقد شاركت مع زملائي الصحفيين من مختلف انحاء العالم فى تهنئية المحتفلين بعيدهم الوطنى حيث زرنا العديد من المعارض التى اقيمت فى مختلف انحاء العاصمة دكا وبتاع فيها الحلوى والمنتجات الزرايعة المتميزة إضافى إلى الرقص والاستعراض وغيرها من مظاهر الاحتفال المعتادة والتى يتألق فيها عادة الأطفال والنساء بالزى التقليدى المحبب.

 

يذكر أن التقويم البنغالى يستخدم  في بنجلاديش   وولاية غرب البنغال  الهندية والمناطق الناطقة بالبنغالية عموماً، يعد التقويم البنغالي   تقويم شمسي قمري أي أنه يعتمد على الشمس والقمر لتحديد التاريخ، وتم استخدام التقويم لأول مرة في عهد السلطان جلال الدين اكبر  الذي حكم   امبراطورية المغول الهندية فترة طويلة من الزمن. أما سبب الاستخدام فهو أن تلك البلاد كانت تعتمد على التاريخ الهجري ولأن التاريخ الهجري قمري فإن السنة الزراعية لا تتطابق مع السنة المالية، لهذا كان المزارعون يعانون من ضغوط شديدة لدفع الضرائب ومن أجل تبسيط دفع الضرائب صاغ العالم الفلكي أمير فتح الله الشيرازى التقويم البنغالي استناداً على التقويم الهجرى والتقويم الهندوسي. 

كما زرنا العديد من المتاحف التى تحكى قصة كفاح شعب بنجلاديش حتى حصوله على الانفصال عن باكستان وبدء مرحلة الاتسقرار التى تستدعى تكاتف االجهود لتحقيق التنمية لهذا الشعب الخلقو الذي لم يفسد الزحام اخلاقياته فهم يتحدثون بصوت منخفض ونادرا ماينفعلون رغم الزحام الشديد فى الشوارع والطرقات.حتى الباعة فى الأسواق يعتاملون بكل أدب مع الزبائن الذين يفدون إليها من كل صوب وحدب نظرا لجودة المنتج البنغالى ورخص سعره.

 

(خطر الركشة)

من أهم الظواهر التى لا تخطئها عين من يزور بنجلاديش خاصة غذا كانت الزيارة الإولى له هى ظاهرة"الركشة" وهى وسيلة مواصلات عبارة عن عجلة سيارة بثلاث عجلات يقودها شاب ينقل بها لمواطنين وهناك حوالى ثلاثمائة عربة من هذا النوع تجوب شوارع العاصمة دكا طوال اربع وعشرين ساعة وهى وسيلة المواصلات الرئيسية رغم ماتسببه من تعطيل واضح لحركة المرور لكنها تقضي على جشع التاكسيات وتحتاج إلى عملية ترشيد من قبل الحكومة حتى لا تكون سببا فى زيادة معاناة بنجلاديش اقتصاديا خاصة إذا ادركت أن هناك اضعاف مضاعفة من هذا الرقم من الركشة يسير فى الشوارع بدون ترخيص.

 

انتهت زيارتى لبنجلاديش ولم تنته ذكرياتى ومشاهداتى عنها فهى بلاد غنية بأهلها وبرغبتهم الجادة فى تحقيق المكانة التى تستحقها بلادهم على خريطة العالم ويكفى أنهم بدأوا الطريق ومن سار على الدرب وصل ولعل الله يكتب لنا زيارة اخرى يكون فيها متسع من الوقت لزيارة بقية معالم البلاد التى تستحق أكثر من زيارة.