البابا تواضروس الثاني يكتب: القيامة فرحتنا

قداسة البابا تواضروس الثاني
قداسة البابا تواضروس الثاني

«المسيح قام.. حقا قام» هذه هى تحية القيامة المجيدة وهى تحية إيمانية تقليدية تقدم الصورة المختصرة لإيماننا المستقيم لأن قيامة السيد المسيح هى قمة أفراحنا. وكما نعرف فإن كلمة «الإنجيل » تعنى « البشارة المُفرحة » أو « الأخبار السارة » Good News. وذلك لان الإنجيليين كتبوا بشائرهم فى ضوء القيامة، بمعنى أن القيامة هى التى أعطت للأحداث معناها، لأنه لولا القيامة لما كان هناك كنيسة ولا إنجيل، وهذا يعنى أن نور القيامة وفرحة القيامة تشع فى كل كتابات البشائر والرسائل والأسفار فى العهد الجديد هنا جاءت تسمية « الإنجيل ».

فى محضر المسيح القائم، الفرح طبيعى، لأن جوهر الله الأعمق هو المحبة، والمحبة هى اعمق ما يفرح قلب الإنسان. الفرح إحساس بالرضا الذى يسود النفس الإنسانية التى تتذوق قيامة المسيح. وهذا الإحساس العميق هو أوسع وأعمق من أى إحساس بأيّة لذة مؤقتة. وعندما يستقر الفرح - فى القيامة - فى القلب، تنبع منه الحياة المتغيرة إلى الخارج، وهذا ما قاله السيد المسيح لتلاميذه فى الليلة السابقة لصلبه.

كلمتكم بهذا لكى يثبت فرحى فيكم ونكمل فرحكم « ( يوحنا ١١ : ١٥ إن محبة الله الفياضة لنا نحن البشر جعلته يصلب ويتألم ويقوم من أجلنا فكانت قيامته هى فرحة حياتنا التى تملأ قلوبنا وعندها نستطيع أن نصنع السلام مع كل أحد ومن أجل كل أحد لقد عاشت البشرية تبحث عن الفرح والسعادة فى شتى المجالات مثل المال أو السلطة أو الأخلاق أو السياسة أو الاقتصاد أو التكنولوجيا العلم أو الفلسفة أو الفن بكل أشكاله... إلى آخر القائمة الطويلة. ولكن ما تحقق من فرح وسعادة كان قليلا ونسبيا ومؤقتا وسرعان ما يزول أثره ووصل الأمر إلى متاهات الإلحاد حتى قال أحدهم إن الإلحاد هو الأسلوب العلمى الصحيح : الفيلسوف رينوفييه.. لقد مرت على التاريخ الإنسانى اربع ثورات متعاقبة حولت وأثرت على مفاهيم السعادة والفرح فى حياة البشر وهى ثورة الالة البخارية ثم ثورة الكهرباء ثم ثورة الطاقة الذرية، ثم ثورة الكمبيوتر وتوابعه وتاه الإنسان وسط الثورات المتتالية ولم يشبع بعد، حتى أن الأم تريزا صديقه الفقراء - عبرت عن تلك بهذه الكلمات « لقد كبرت المنازل وصغرت الأسر، تطور الطب وازدادت الأمراض، زادت الأموال وقلت الصدقة وجد الأمن وتلاشت راحة البال، زادت المعرفة وقلت الحكمة، كثر الأصدقاء الافتراضيون ( على شبكات التواصل الاجتماعى واختفى الحقيقيون تنوعت الساعات وقلت قيمة الوقت، كثر البشر وفقدت الإنسانية »..

وجاءت قيامة المسيح لتعبر بالإنسان من حال الحياة التى بلا معنى إلى الحياة الحقيقية، وصار العبور أو الفصح هو الموقف الانتقالى الذى يضمن للإنسان فرحا حقيقيا كما اختبره بولس الرسول بقوله « لأعرفة، وقوة قيامته، وشركة الأمه مُتشبها بموته لعلى أبلغ إلى قيامة الأموات ( فيلبى ١١، ١٠ : ٢ ) وكما عبر الإنجيل عن فرحة التلاميذ وقت قيامته «.. ففرح الثلاميذ إذ رأوا الرب يوحنا ا : ٢٠) ولهذا جعلت الكنيسة فرحتنا بالقيامة المجيدة على أربعة مستويات :

كل يوم فى صلاة باكر التى نفتتح بها النهار

كل أسبوع فى يوم الأحد اليوم الذى صنعه الرب. كل شهر قبطى فى اليوم ٢٩ منه تذكارات القيامة والميلاد والبشارة

كل سنة فى فترة الخمسين المقدس التى تعقب عيد القيامة أيها الحبيب عش فرحة القيامة كل يوم لتكون إنسانا سعيدا ومتهللا، وأذكر الكلمات الأولى فى تسبحة نصف الليل كل يوم حين نقول «قوموا يا بنى النور لنسبح رب القوات المسيح قام.. بالحقيقة قام»