بعد فوز ممثل كوميدي برئاسة أوكرانيا..

بين «مظلم» و«مضيء».. عندما يترك الكوميديون بصمتهم على العالم

صورة مجمعة
صورة مجمعة

عالم الكوميديا له رونقه، فهو الذي يستطيع بمجموعة من الكلمات والحركة إخراجك من حالة الكآبة، وإجبارك على الابتسامة والضحك ولو للحظاتٍ تُنسيك قليلًا آلام قد تكون بداخلك.


لكن هذا العالم الذي يشكله أشخاصًا اعتدنا على أنهم مصدر ضحكاتنا من الممكن أن يكونوا نجوم سياسةٍ، وساسةٍ يحملون آمال شعوبهم وتطلعاتهم، وربما في آن آخر منبع جرحهم وحزنهم بدلًا من إضحاكهم.


ممثل كوميدي يحكم أوكرانيا


شخصيةٌ كوميديةٌ جديدةٌ في العالم أصبحت تحكم العالم بعد أن تولى فلاديمير زيلينسكي منصب الرئاسة في دولة أوكرانيا مرشح حزب خادم الشعب في بلاده.


وأعلنت مراكز الاقتراع الوطني فوز فلاديمير زيلينسكي بالرئاسة في أوكرانيا بعد حصوله على 73.2% من الأصوات بينما حصل منافسه بيترو بورشينكو على 25.3%.

وزيلينسكي هو ممثل كوميدي فاجأ الجميع عندما أعلن خوضه لسباق الانتخابات في أوكرانيا، حتى أن العديد من السياسيين لم يأخذوه على محمل الجد إلا أنه أصبح المنافس الأول للرئيس بورشينكو، وهزمه في الانتخابات أيضا.


وشارك زيلينسكي في العديد من الأعمال الفنية، ومن ضمنها النسخة الأوكرانية من البرنامج العالمي «الرقص مع النجوم»، والتي بعدها أصبح أشهر الوجوه المألوفة في البلاد.


جون ويليكس بوث


 

البداية مع ممثل كوميدي أمريكي اسمه جون ويليكس بوث. فربما يكون هذا الاسم ليس معروفًا لدى الغالبية العظمى، ولم يكن ليبقى اسمه خالدًا لولا ما فعله ليلة الجمعة العظيمة يوم الرابع عشر من أبريل عام 1865، حينما صوب طلقات مسدسه نحو رأس الرئيس الأمريكي السادس عشر أبراهام لينكولن.


بوث كان ممثلًا كوميديًا، وعلى الجانب السياسي كان يتبنى أفكارًا يمينية تؤيد تمييز العرق الأبيض. وفي ذلك التوقيت، كانت أمريكا توشك أن تضع حدًا للحرب الأهلية، بإلقاء القبض على الجنرال العسكري إدوارد لي، الذي كان يقود حربًا قومية لصالح سمو العرق الأبيض.

وبعد أن كتبت القوات الفيدرالية النصر على اليمينيين المتطرفين، رأى بوث ضرورة الخلاص من أبراهام لينكولن، أحد أعظم رؤساء الولايات المتحدة على مر التاريخ، وذلك بعد ثلاثة أيامٍ من حضوره خطابًا للرئيس لينكولن في البيت الأبيض دعم فيه الأخير فكرة منح الحقوق للعبيد السابقين، وهو بالطبع لم يعجب بوث، الذي قرر حينها قتل لينكولن.

وفي العرض المسرحي ليلة الجمعة العظيمة دخل بوث المسرح، وظنّ الجميع أنه مدعوًا من قبل الرئيس باعتباره شخصيةً عامةً وسبق أن حضر خطاباتٍ للرئيس، لكنه اغتال الرئيس وسط ضحكات الحضور على العرض المسرحي، لتتوارى صوت طلقته مع علو ضحكات الحضور، قبل أن يتم اكتشاف الحقيقة المرة أن بوث اغتال لينكولن.

هذه كانت قصة الأمس الذي ابتعد عنا بأكثر من قرنٍ ونصف القرن، ولكن في الحاضر، هناك من نجوم الكوميديا من تخطوا حاجز التمثيل، ليكون لهم تمثيلٌ حقيقيٌ على المستوى السياسي في بلدانهم.

جوزيبي جريللو

ومن بين هؤلاء الناشط والكوميدي جوزيبي جريللو، مؤسس حركة النجوم الخمسة في إيطاليا، والتي أنشأها في الرابع من أكتوبر عام 2009، ومقرها مدينة جنوة الإيطالية.


حركة النجوم الخمسة أنشأت لأهدافٍ سياسيةٍ، وتبنت أفكار يمينية شعبوية، كانت في بداية صعودها تمثل ، لكن في موجة صعود التيارات اليمينية في أوروبا، كان للحركة نصيبٌ في هذا الصعود فتمكنت من الوصول للحكم في إيطاليا.

أول معتركٍ انتخابيٍ للحركة كانت الانتخابات التشريعية التي أُقيمت في فبراير 2013، وحصدت وقتها الحركة على 109 مقاعد في مجلس النواب و54 مقعدًا في مجلس الشيوخ. وقد مثل الأمر ظاهرة سياسية في ذلك الوقت.

وفي انتخابات عام 2018، باتت الحركة تشكل الأكثرية البرلمانية، وشكلت الحكومة بالتحالف مع حزب الرابطة اليميني، ليكونا أغلبية البرلمان، وتتألف الحكومة برئاسة جوزيبي كونتي.

جيمي موراليس

شخصيةٌ كوميديةٌ أخرى، هي جيمي موراليس، رئيس جواتيمالا الحالي، وهو ممثلٌ سابقٌ، وسبق له أن لعب أدوارًا فكاهيةً مع شقيقه أثناء عملهما بالتمثيل.
تولى موراليس رئاسة جواتيمالا في منتصف يناير عام 2016، خلفًا للرئيس السابق أليخاندرو مالدونادو أجيري. ولم يكن موراليس معروفًا لدى أوساط السياسة في العالم خاصةً في الشرق الأوسط إلى غاية أواخر ديسمبر عام 2017.

في ذلك التوقيت، قرر الرئيس الجواتيمالي السير على خطى نظيره الأمريكي دونالد ترامب، والاعتراف بالقدس المحتلة عاصمةً لدولة إسرائيل، كما نقل سفارة بلاده لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس في وقتٍ لاحقٍ في منتصف مايو 2018، بمناسبة مرور الذكرى السبعين لقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، والذي يمثل ذكرى النكبة للعرب والفلسطينيين.

خطوة موراليس تسببت في حالة من العداء لدى العالم العربي تجاه الرئيس الجواتيمالي وبلده، ليكون بذلك قد بصم على نقطةٍ سوداء في تاريخ جواتيمالا.

مارجان ساريك

وفي إحدى الجمهوريات اليوغسلافية السابقة، دولة سلوفانيا، الواقعة في وسط أوروبا، أصبح يحكمها قبل عدة أشهر ممثلًا كوميديًا سابقًا، اسمه مارجان ساريك.


ففي أغسطس عام 2018، اُختير مارجان ساريك ليكون رئيسًا للوزراء في بلاده، التي يسودها نظام الحكم البرلماني، الذي يجعل من رئيس الوزراء حاكمًا فعليًا للبلاد، ورئيس الجمهورية منصبًا شرفيًا بروتوكوليًا.


ويراهن الشعب السلوفيني على مارجان ساريك (40 عامًا) في قدرته على تخطي الركود الاقتصادي في البلاد، والتغلب على الأزمة المالية التي تعيشها البلاد في السنوات الأخيرة، وقد تعهد فور انتخابه في البرلمان بالمثابرة في عمله، وتحقيق طفرةٍ في مجال الرعاية الصحية والاستثمار في البلاد.