تجهيز خيام بدوية وعمليات جز الصوف تبدأ قبل شروق الشمس

صور|بدء موسم الجلامة مع انكسار موجة البرودة

عمليات جز الصوف للخراف
عمليات جز الصوف للخراف

المفروكة والجلايا وجبات الحاضرين والشاي الأخضر المشروب الرسمي

لكل مجتمع من المجتمعات تقاليده وعاداته التي تميزه عن باقي المجتمعات الأخرى وفي صحراء مصر الغربية يعيش المواطن البدوي على الحدود الغربية المصرية خاصة من مربي الأغنام هذه الأيام.


حالة من الفرح والابتهاج بعد انكسار حدة موجات البرودة المتتالية ومع اعتدال الجو ليبدأ "موسم الجلامة" للأغنام التي يقوم بتربيتها ورعيها وهي ما تعرف عند أبناء البادية بموسم جز الصوف للأغنام.


ويقول الحاج أبو بكر شعيب أحد أكبر مربي الأغنام في صحراء مصر الغربية، إنه بدأ موسم جز صوف الغنم بمطروح وهو ما يطلقه البدو "الجلامة" تبدأ من منتصف شهر أبريل وحتى نهاية شهر مايو حيث تبدأ هذه العملية عقب انكسار حدة برد فصل الشتاء وقبل حلول حرارة الصيف، وللجلامة طقوس تراثية خاصة تتوارثها الأجيال من الآباء ومازال يحرص عليها الأبناء والأحفاد في الصحراء رغم المتغيرات والتطورات التي نالت من كثير من الموروثات.


ويضيف أن عملية جز الصوف تسبقها تجهيزات خاصة حيث يتم تجهيز بيوت العرب التي تعرف بالخيام في كل نجع أو تجمع صحراوي وهو خيمة كبيرة تتم فيها عملية جز الصوف لأن الأماكن المفتوحة لا تصلح لهذه العملية وخلال ليلة الجلامة التي تسبق يوم الجلامة يجتمع "الجَلاّمة" في بيت صاحب الأغنام "سِيْد الضان" وتُعَد وجبة عشاء للضيوف والجَلاّمة الذين يقومون بعمليات جز الصوف عن الأغنام بعضهم ممن يحترفون هذه المهنة ويحصلون على المقابل البسيط وأغلبهم من الجيران والأقارب وأهل المناطق القريبة وهم يساعدون فى هذا العمل دون مقابل ويطلق عليهم الرغاطة.


ومن الاستعدادات الأساسية يتم منع الماء عن الأغنام في بداية الليلة التي تسبق نهار عملية جز الصوف حتى لا تتضرَّر أثناء عملية التصريع والتكتيف كما يتم تحضير الأدوات اللازمة ويبدأ العمل في الصباح الباكر قبل شروق الشمس بإدخال الغنم إلى بيت العرب و إغلاق الفتحات بالخيمة البدوية بإحكام لمنع تسرب الهواء للداخل حتى ترتفع الحرارة وتعرق الأغنام مما يسهل عملية  جَزّ الصوف.

 

ويقول الباحث حمد خالد شعيب الباحث في اطلس الفلكلور المصري وأحد أبناء القبائل البدوية بمطروح، أنه من الموروثات والطقوس التي تسبق عملية جز صوف الغنم ما يعرف بالقذاذير، وهي الأغاني والأهازيج البدوية، وتبدأ بالتفاؤل كمدح الجَلاّمة أو سِيْد الضان أو الضأن نفسها مثل " يَرْعاهم الله يا ضان أَسْيادِك أو " الضان والْجلَم والبَيْت نهارة ملاقاهِن طرَب " أو قول " الضّان كلّ يَوْم تْزِيْد عَ الرّاعي غَلا مَو لَوّلِى " أو " النور ولا ظلام القبور "، والشخص الذي يأتي مُتأخِّراً عن الجلامة يقول عند وصوله بصوت مرتفع (النُّور يا جَلاّمة النُّور) فيرد الحاضرون النور ولا ظلام القبور

وقد تطول عملية الجلامة كلما كان قطيع الأغنام كبيرا فيحتاج الْجَلاّمة إلى إراحة أيديهم ويكون ذلك بالشتّاوة وهى  " التصفيق مع الغناء " وترديد مثل "الطَّوقا مَقْطوعَة النّصِيْب تشارِف نَيْن قتَلْها ذِيْب.. الطَّوقا ما تسْتاهَل ذِيْب إلا غَيْر الْطُوط مكاتِيْب

ويضيف الباحث أنه يتم تقديم وجبة المفروكة وقتُ الضحَى وتعرف بوجبة  "الضحوية" وقد يُبادِر الجَلاّمة بطَلَبِها إذا تأخرت وذلك من خلال الترجِيْز "يا رَحّام نريد طعام.. يا رَحّام نريد طعام" وتتكون الْمفروكة من الخبز "المجردج" أى بدون خَمِيْرة والذى يُفَتّ قِطَعاً صغيرة ويُضاف إليه الزبد والتمر والبيض المسلوق كما يقدم اللبن مع المفروكة وهناك وجبة أخرى بعد (الْمَفروكة).. وهى الكبد والكلاوى الضأن المقلية (الجلايا) وتُقَدَّم بعد ذبْح الشاة وقد تَذْبَح أكثر من شاة حسب عدد الضيوف ووجبة الغداء هى  الأرز بلبن وسمن مع لحم الضأن أمّا الشاى الأخضر فيعد المشروب الرسمي طوال فترات عملية جز الصوف عن الأغنام فهو يُقَدَّم بشكل متكرر وتكون عِدّة الشاى (العدالة) قريبة من بيت العرب أو داخله. ويردد المشاركون "قذاذِيْر" أهازيج الخِتام مع قرب الانتهاء من الجلامة بالتفاؤل كما بدأ بالقول "انْجوك يا الضان جدِيْد نَلْقَوك بالْحَوالَى زايْدة "وعند خِتام الجلامة عند "جَلْم" جز آخر الغنم لا يُقال انتهت الضأن أو كملت أو أيّة لفظة تدل على الانتهاء ولكن يُقال (بَيّضَت) من البَياض.

وتعتبر عملية "جلم الأغنام" أى جز صوفها ضرورية حيث يخفِّـف عنها حرارة شمس الصيف، كما يساعدها لتسمن.

جدير بالذكر أن الصوف الذي يتم جزه من الأغنام يتم التبرع به للأهالي بالنجوع والتجمعات الصحراوية لاستغلاله فى إنتاج الحوايا والكليم البدوي داخل البيوت البدوية البسيطة في قلب الصحراء.