أخر الأخبار

«المراهنات».. بيزنس بلا رقيب !

«المراهنات».. بيزنس بلا رقيب !
«المراهنات».. بيزنس بلا رقيب !

8 شركات عالمية تعمل داخل مصر إلكترونياً.. والإعلانات خلف ستار الرعاية

 

اتحاد الكرة: لا يمكننا التحرك بدون شكوي من الأندية


برلماني: مشكلة خطيرة.. وطلب إحاطة لوزير الشباب والرياضة


مباريات الدوري الممتاز متاحة بالكامل و«القمة ١١٧»‬ جذبت الآلاف


علماء الدين: مخالفة للشرع لأنها ميسر.. ويجب زيادة التوعية الدينية


خبير قانوني: ليست مجرمة.. ومن الممكن أن تحقق أرباحاً للدولة وفقاً للقانون

 

لطالما كانت المراهنات وعمليات التلاعب بنتائج المباريات الرياضية يديرها منظمات وعصابات إجرامية تهدف فقط إلي تحقيق المكاسب المادية بطرق غير شرعية عن طريق الغش والخداع، تلك الظاهرة التي تبتعد كل البعد عن عادات وتقاليد المجتمع المصري أصبحت تدق ناقوس الخطر في الرياضة بمصر.

 

فشهدت الفترة الأخيرة الظهور الأول الفعلي للمراهنات بشكل رسمي بعد طرح مباريات الدوري الممتاز لكرة القدم للرهان إلكترونيا في شركات كبري أعلنت دخول نشاطها مصر، بالإضافة إلي تعاقد شركة مراهنات إيطالية شهيرة علي رعاية عدد من أندية دوري القسم الثاني لكرة القدم مقابل توريد ملابس رياضية لهم، مع وضع إعلانات شركة المراهنات علي قمصان لاعبي هذه الأندية، بجانب ظهور إعلانات لها في الملاعب الأمر الذي ينبئ بإمكانية تحولها إلي ظاهرة لا يمكن السيطرة عليها. 

 

«‬الأخبار» تلقي الضوء علي دخول أكبر شركات المراهنات في مجال الرياضة المصرية، وتناقش المسئولين والخبراء حول الأسباب وكيفية التصدي لها وفقاً للقانون.

 

منذ قديم الأزل وارتبطت المراهنات بعملية التلاعب في النتائج وعدم النزاهة الرياضية، ولعل المثال الأبرز المقامر السنغافوري الشهير ويلسون بيرومال، الذي اعترف في مقابلة مع شبكة »‬سي إن إن» الأمريكية أنه جني بين 5 و6 ملايين دولار من خلال التأثير والتلاعب في حوالي 100 مباراة دولية سواء في الدورات الأوليمبية أو تصفيات كأس العالم وكأس أمم أفريقيا وغيرها من المحافل الرياضية الكبري.


عدم النزاهة


أسس بيرومال شركات وهمية مثل »‬football4U» بهدف إغراء العديد من الاتحادات الأهلية والكثير من الأندية مما ضمن له تحقيق مبالغ خيالية، كما استطاع إبرام عدة عقود وهمية مع عدة اتحادات مثل جنوب أفريقيا وبوليفيا لإقامة مباريات ودية يرتبها بنفسه ويحدد نتائجها.. ولم يكتف بيرومال بذلك فقد اعترف بأنه أحيانا يختار الحكام واختيار الملاعب وتأجيرها ليوم كامل باسم هذه الشركات الوهمية التي يطلقها.

 

وهناك أيضاً فضيحة »‬كالتشيو بولي» وهي التلاعب في نتائج مباريات الدوري الإيطالي عام 2006 والتي تعد من أشهر الفضائح في تاريخ كرة القدم وتسببت في هبوط نادي يوفنتوس إلي الدرجة الثانية.. الأمر الذي يمكن أن يشير بأصابع الاتهام بالتلاعب وعدم النزاهة في المسابقات الرياضية المصرية خاصة كرة القدم في حال توسع هذه الشركات في مجال عملها.


وقد كشفت دراسة أعدها المركز الدولي للأمن الرياضي وجامعة السوربون الفرنسية، عن أن حجم المراهنات والتلاعب بالنتائج في كرة القدم بلغ 500 مليار يورو سنوياً، كما وصلت قيمة غسل الأموال بهذا المجال إلي 140 مليار يورو، وهو ما يعني وجود اقتصاد كامل تحت مسمي المراهنات.


في الآونة الأخيرة تردد اسم شركة المراهنات الإيطالية »‬1xbet»، بعد تعاقدها لرعاية مجموعة من أندية دوري الدرجة الثانية مثل الترسانة وطهطا وغيرها، لتعلن التعاقد معهم وإمدادهم بالملابس الرياضية ومقابل مادي مقابل وضع إعلانات الشركة في الملاعب وعلي قمصان اللاعبين، مما أثار أزمة وتضارب في الاتهامات والمسئوليات، ليعلن مسئولو هذه الأندية أنهم تعاقدوا مع شركة للملابس الرياضية دون علمهم بنشاط المراهنات.


إلا أن هذه الشركة الإيطالية ليست الوحيدة، فهناك 7 شركات مراهنات أخري أعلنت دخول نشاطها لمصر، ومنها من أتاحت الخدمة الإلكترونية باللغة العربية تسهيلاً علي المراهنين، وهذا العدد يشكل خطرا لانتشار النشاط مع وجود الإعلانات الخاصة بها بسهولة علي مواقع التواصل الاجتماعي.


بالجنيه المصري


«‬الأخبار» رصدت المواقع الإلكترونية لشركات المراهنات في مصر، بالإضافة لتتبع المباريات المحلية التي يتم طرحها للرهان علي هذه الشركات.. فبخلاف الشركة الإيطالية تتوافر مجموعة شركات وهي:
spinsports ،marathonbet ، Pinnacle  .bet356 ،sport888 ،betway ،  tenbet


البداية في شركة »‬1xbet»، حيث قمنا بعمل حساب إلكتروني داخل الشركة لإمكانية المشاركة في المراهنات بشكل طبيعي.. هنا جميع الأمور متاحة باللغة العربية مع إمكانية الدفع والمراهنة بالجنيه المصري، بمجرد التسجيل والدخول تجد كافة البطولات العالمية في مختلف الرياضات مثل التنس وكرة السلة والجولف، إلا أن كرة القدم تحظي بإقبال كبير خاصة في مصر.


الأمر لم يتوقف عند عرض البطولات الدولية المقامة في مصر بمختلف الرياضات للرهان، بل وصل إلي طرح مباريات الدوري الممتاز لكرة القدم ومباريات المنتخب الوطني والأهلي والزمالك في البطولات الأفريقية والمفاجأة أن هذه المباريات تلقي إقبالا من المراهنين مما يشير إلي نشاط عمل هذه الشركات بمصر.


رصدنا مباريات عديدة للفرق المصرية عُرضت للرهان، أبرزها لقاء القمة بين الأهلي والزمالك المؤجل من الجولة 17 للدوري الممتاز، ولمعرفة الخطوات اتبعنا إجراءات الرهان ولكن لم يُفعل لعدم وجود رصيد بالحساب، وحظيت مباراة القمة 117 بعدد ملحوظ وصل إلي 5 آلاف رهان وذلك في شركة واحدة فقط، والطريف أن التوقع ذو النسبة الأكبر كان تعادل الفريقين وهو ما انتهت به المباراة بالفعل.


بعدها بأيام قليلة طرحت الشركة مباراة الأهلي والاتحاد السكندري، ثم لقاء الزمالك وسموحة بالدوري، أعقب ذلك مباريات الأسبوع 28 من الدوري الممتاز لكرة القدم كاملة.. إذاً كيف تتم عملية الرهان؟


تتيح الشركة عدة خيارات للمراهن علي أي مباراة، وكل خيار يملك نسبة وتضرب هذه النسبة في مبلغ الرهان ليكون الخارج هو قيمة المبلغ الذي سيحصل عليه المراهن في حال توقع النتيجة الصحيحة للقاء، وفي حال عدم توقع النتيجة الصحيحة للمباراة تربح الشركة مبلغ الرهان.


يتوافر أيضاً عدة خيارات أخري غير توقع الفائز والخاسر أو التعادل، مثل توقع النتيجة الصحيحة للمباراة والفريق الفائز في الشوط الأول والفريق الفائز في الشوط الثاني وكثير من الخيارات، ويدعم كل موقع مراهنة طرق دفع مختلفة، ولكن جميعهم يقبلون بطاقات الائتمان والتحويلات المصرفية وغيرها من الطرق.


وبتصفح الموقع تؤكد الشركة أنها تمتلك مستشارين فنيين في كل أنحاء العالم فضلاً عن أنها تقوم باستخدام أفراد محليين في كل دولة لمعرفة كل التفاصيل الخاصة بكل فريق من ناحية المدرب واللاعبين والأجهزة الفنية والإدارية، كما تقوم بتزويد مشتركي الموقع بتقرير عن الوضع الفني للمباراة وأفضلية الفوز لفريق دون آخر من خلال القراءة الفنية.


الوضع القانوني


الوضع القانوني للمراهنات في مصر من الأمور المهمة التي يجب إلقاء الضوء عليها ومناقشتها، فما موقف نشاط المراهنات وفقاً للقانون؟


يوضح أحمد الأحمر، الخبير القانوني، أن موقف المراهنات في مصر سليم من الناحية القانونية، بل إن الدولة يمكن أن تستفاد منه مادياً، فتتحصل الحكومة علي ضرائب من أرباح المراهنات واليانصيب وفقا للقانون رقم 111 لسنة 1980 والمعدل بالقانون رقم 143 لسنة 2006، والذي ينص في مادته 74 علي أنه تستحق ضريبة نسبية علي المبالغ المعدة للأداء للمراهنين في مراهنات سباق الخيل وصيد الحمام وغيرها من أنواع المراهنات وعمليات اليانصيب بجميع أنواعها، وذلك بواقع 60% من هذه المبالغ ويتحمل الرابح الضريبة.. وبذلك ترك الأمر مفتوحاً في ذلك المجال لكل أنواع المراهنات.


ويضيف أن عمل الشركات الأجنبية بمجال المراهنات في مصر لابد أن يكون من خلال الحصول علي التراخيص حتي يتثني للدولة الحصول علي الضرائب اللازمة.


وفيما يتعلق بمخالفة المراهنات للشريعة الإسلامية، يؤكد أنه في هذه الحالة يوجد شبه عدم دستورية لنص القانون لأنه يخالف المادة الثانية من الدستور المصري والتي تنص علي أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، ولكن من الممكن أنه لم يحدث أي طعن بعدم الدستورية علي نص القانون، وفي حالة تقديم طعن تتصدي المحكمة الدستورية العليا بنظر الطعن، وفي حالة إن رأت المحكمة أنه مخالف للدستور فإنها تقضي بعدم دستورية النص مما يعني سقوط أي قوة قانونية ملزمة لنص القانون.


وعن المادة 26 من قانون الرياضة لسنة 2017، والتي تمنع الهيئات الرياضية من المراهنة بأموالها، يقول الأحمر إن قانون الرياضة نص خاص يقيد النص العام وهو استثناء عن القاعدة التي تبيح المراهنات بصفة عامة وبذلك لا يوجد تضارب بين القانونيين.


المحكمة الدولية


من ينظم عملية المراهنات الرياضية، وما موقف القوانين الدولية منها، وكيف يراها الاتحادات والهيئات الرياضية العالمية مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم «‬فيفا»، واللجنة الأوليمبية الدولية وغيرها؟. 

 

يجيب د.محمد فضل الله، خبير اللوائح والقوانين الرياضية الدولية، أن المراهنات بصفة عامة في أوروبا نظام مسموح به، وتمثل دخلا كبيرا جدا للمؤسسات والأندية الرياضية بالخارج، ولكن في مصر غير مصرح رياضياً بإجراء المراهنات وغير معترف بها من قبل الاتحاد المصري لكرة القدم وغيره من الاتحادات الرياضية المحلية.


ويؤكد فضل الله أنه من حق الاتحاد الرياضي أن يعترض علي طرح مسابقاته للمراهنات ويقوم برفع قضية أو شكوي أمام الاتحاد الدولي أو المحكمة الرياضية الدولية ويحصل علي الأموال التي ربحتها شركات المراهنة من هذه المسابقات، وهو ما حدث بالفعل في دول كثيرة لا تعترف بالمراهنات استطاعت الحصول علي تعويضات مادية كبيرة بالإضافة لوقف عمل شركات المراهنة بها، فهذه الشركات مسجلة بالاتحادات الدولية ولا يجوز لأي شركة أن تمارس نشاطها بدون موافقة الاتحاد الأهلي والدولي.


ويشير إلي أنه في حالة وجود أندية منتفعة أو تتربح من شركات المراهنات، فمن حق الاتحاد أن يوقف هذه الأندية ويوقع عليها العقوبات اللازمة طالما أنه غير معترف بهذا النشاط، ويتابع أنه من الصعب أن تعترف الاتحادات الرياضية في مصر بنشاط المراهنات نظرا لاعتبارات الدين والعادات والتقاليد وغيرها من الأمور.

 

من جانبه يعلق خالد لطيف، عضو اتحاد الكرة المصري، أن المراهنات في مباريات الكرة بمصر أمر غير مقبول، ويؤكد أن الاتحاد ليس له دور في هذا النشاط، ولكن في حال تلقي شكاوي من الأندية سيتم رفعها بالتأكيد لوزارة الشباب والرياضة والاتحاد الدولي لكرة القدم »‬فيفا»، فلا يمكن أن يتحرك الاتحاد بدون شكوي من الأندية.


طلب إحاطة


يقع علي عاتق مجلس النواب دور مهم في التصدي لهذا النشاط، فما موقف البرلمان من المراهنات في الرياضة المصرية، خاصة بعد أن تقدم النائب رضوان الزياتي بطلب إحاطة لوزير الشباب والرياضة لمناقشة الوضع.


يقول الزياتي في تصريحاته لـ«الأخبار»، إن توسع عمل المراهنات في مصر أمر خطير للغاية، وأنه تقدم بطلب إحاطة لوزير الشباب والرياضة لمعرفة الأسباب وكيفية التصدي لهذا النشاط، خاصة أن قانون الرياضة لسنة 2017 يمنع نشاط المراهنات طبقًا للمادتين 25 و26 فتحددان مصادر إيرادات الأندية، وتمنع الهيئات الرياضية من المراهنة بأموالها.


ويتابع الزياتي أن وزارة الشباب والرياضة من الجهات المسئولة عن التصدي لهذا العمل، وكذلك اتحاد الكرة فيما يتعلق بمباريات الدوري الممتاز بالإضافة إلي اللجنة الأوليمبية المصرية، وغيرها من الجهات المسئولة عن الرياضة المصرية، ولذلك سنعمل علي تعاون كافة الجهات المعنية من أجل وقف نشاط المراهنات في إطار القانون..وعن القانون رقم 111 لسنة 1980 والمعدل بالقانون رقم 143 لسنة 2006، يؤكد الزياتي أنه ستتم دراسة كافة القوانين المتعلقة بالأمر بشكل متعمق وكافة تفاصيل هذا النشاط لاتخاذ الإجراءات المناسبة التي من شأنها توفير حلول جذرية.


مخالفة للدين


من الناحية الدينية يفسر البعض بجواز المراهنات في حالات معينة، فما هو موقف الدين من هذا النشاط بشكل عام وبمختلف صوره؟


يؤكد الشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية، أن المراهنات بكافة أشكالها نوع من أنواع الميسر الذي لا يجوز شرعاً ومخالفة للدين، وفتح هذا الباب هو فتح لباب القمار الذي يزرع البغضاء والمنكر.


ويضيف الجندي أن الوسط الرياضي بالوقت الحالي خاصة كرة القدم مليء بالتعصب والمشاحنات، والمراهنات ستحول هذا الوسط من سيئ إلي أسوأ خاصة في ظل غياب الروح الرياضية، ويشير إلي أنه من الجيد نشر التوعية الدينية ضد هذا النشاط سواء بمجهودات ذاتية أو من خلال المؤسسات الدينية.


ويتفق في الرأي الشيخ عبد الله شكشوك، إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف، فيقول إن الرسول صلي الله عليه وسلم، نهي عن كل ما فيه غرر أو جهالة، ولذلك المراهنات تعد من الأمور المحرمة المنهي عنها، ولا يجوز تعميم أو نشر هذا النشاط.