السفير خالد ثروت: زيارات الرئيس السيسي.. أعادت التقارب المصري لآسيا

السفير خالد ثروت خلال حواره مع «الأخبار»
السفير خالد ثروت خلال حواره مع «الأخبار»

مساعد وزير الخارجية للشئون الآسيوية:


العلاقات المصرية الآسيوية تشهد تنوعاً وزخماً بعد توجه السياسة الخارجية شرقاً


دور سفرائنا بالخارج تحديد أوجه الاستفادة من إمكانيات وقدرات الدول المضيفة لتحقيق المنفعة المتبادلة


«‬الحزام والطريق» لتحقيق التقارب بين الشعوب والعلاقات التبادلية.. ومصر شريك حضاري وتاريخي بها

 

كان من أولويات الرئيس عبد الفتاح السيسي عند رسم سياسة مصر الخارجية في أعقاب توليه السلطة في 2014 التوجه شرقاً نحو قارة آسيا، وفتح جبهات تنموية واقتصادية جديدة للبلاد.

 

خاصة أن العديد من تلك الدول الآسيوية حظيت باحترام وتقدير العالم باعتبارها دولا رائدة ومتقدمة، يعرف عنها الجدية والعمل في صمت، اغلقت علي نفسها لعقود بعد أن تحررت من براثن الحروب الاهلية والصراعات الداخلية والفساد الذي اهلكها، وها هي الآن أصبحت نموذجاً لكل شعوب العالم ، تقتدي بها كل الدول النامية. 

 

لذلك كان الرئيس السيسي حريصاً ومهتماً بوضع جزء من زياراته الخارجية لعدد من الدول الاسيوية حتي بلغت نسبة 32% من حجم الزيارات الخارجية. 

 

حيث تنوعت تلك الزيارات لدول لم تكن الزيارة الاولي لها لرئيس مصري، واخري لم يزرها رئيس مصري قبل عقود ، فضلا عن دول زارها كأول رئيس مصري يقوم بزيارتها، وذلك بهدف توطيد وتقوية العلاقات معها، وتسطير صفحات تعاون جديدة وآفاق اوسع في ظل خطوات الاصلاح الاقتصادي للبلاد وخلق تنوع في سياستنا الخارجية، وبالفعل تكللت تلك الزيارات بالنجاح، وتضمنت تكوين شراكات تجارية واستثمارية وتعاون علمي وتقني، فضلا عن تعزيز التعاون والتبادل في العديد من المجالات الأخري. 

 

«الأخبار»‬ أجرت حواراً مع السفير خالد ثروت مساعد وزير الخارجية للشئون الآسيوية قبل أيام من تولي مهامه الجديدة كرئيس للبعثة المصرية في أيرلندا، نلقي من خلاله الضوء علي سياسة مصر الخارجية تجاه دول آسيا، ونتعرف علي ثمار زيارات الرئيس لعدد من دول القارة، وما هي أبرز المكاسب والفوائد التي تعود من علاقتنا مع دول تلك القارة.. وإلي نص الحوار..

 

كيف تري توجه القيادة السياسية المصرية نحو الانفتاح بشكل أوسع علي القارة الآسيوية من خلال زيارات الرئيس السيسي لعدد من الدول بها؟


- مصر توجهها عربي إسلامي افريقي ولديها علاقات مع أوروبا، لكن يجب ألا ننسي ان جزءا كبيرا من ارض مصر يقع في آسيا، فالبعد الآسيوي في العلاقات المصرية مهم جدا، والحقيقة انه بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم منذ عام 2014، كانت توجيهاته واضحة بتوجيه دفة السياسة الخارجية والتركيز والاهتمام شرقاً ازاء قارة آسيا، وقد ظهر ذلك من خلال زيارات الرئيس لعدد كبير من الدول الاسيوية، منها اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام وسنغافورة وأوزبكستان وكازاخستان، وهناك دول زارها الرئيس عدة مرات منها الصين، وحين ننظر إلي المواقع الجغرافية لهذه الدول، نجد أنه كان هناك تنوع في هذه الزيارات تغطي معظم انحاء القارة.


تلك الزيارات كانت مهمة جداً في اعادة التقارب المصري الآسيوي بصفة عامة، فالعلاقات المصرية الاسيوية قديمة وثابتة وراسخة، ولكن لم يكن فيها هذا التنوع والزخم الذي حدث بعد تولي الرئيس السيسي الحكم وتوجيهاته بالاتجاه شرقا ناحية آسيا.


مكاسب الزيارات


 ما المكاسب والعوائد التي تعود علي مصر من هذه الزيارات؟ وكيف نقوي العلاقات مع تلك الدول؟


- هذا السؤال هو دائماً ما نسأله لأنفسنا في سياستنا الخارجية. فلا شك ان هناك دولا آسيوية متقدمة ومتطورة بشكل كبير، ونحن نسعي للحصول والاستفادة من التكنولوجيا الخاصة بهم، وجلب استثماراتها، كذلك الاستفادة منها في تدريب الكوادر علي النواحي الفنية للنهوض بالقطاع الاقتصادي في بلدنا، فضلاً عن نقل خبراتهم في القطاعات الخدمية والكهرباء والبنية التحتية ومجالات مختلفة أخري. أيضا هناك دول اخري مثل الهند، فهي دولة كبيرة واقتصادها متنام، ولديها مشاكل متشابهة كالتي في مصر، وبالتالي نتعرف منهم علي كيفية تغلبهم علي هذه المشكلات، لكي نطبقها في بلدنا.


كما ان احد أسباب توجه مصر شرقاً، أن الدول الاسيوية دول ناشئة، فعلي سبيل المثال الصين والهند من المتوقع خلال عامين او ثلاثة علي الأكثر ان تصبحا الاقتصاد الاقوي عالميا خاصة الصين، وتتعديا اقتصاد الولايات المتحدة. ما يميز التعاون والتعامل مع مثل هذه الدول عن دول أخري هو أن المنح والمساعدات التي تقدمها لمصر للحصول علي التكنولوجيا المتقدمة او استثمارات لا تكون ذات شروط او قيود مرهقة لمصر، مقارنة بدول اخري تفرضها علينا، أيضا من ضمن اهداف التوجه شرقاً، محاولة فتح أسواق للمنتجات المصرية مناسبة لدي تلك الدول في إطار تنمية الاقتصاد المصري.


فعلي سبيل المثال، زيارة الرئيس السيسي لسنغافورة، أعطت تلك الزيارة في أغسطس 2015، كأول زيارة لرئيس مصري لسنغافورة، دفعة قوية للعلاقات بين الدولتين، خاصة في مجالات تطوير الموانئ، وتحلية المياه، وجذب الاستثمارات، ومعالجة مياه الصرف، وتم التوقيع علي مذكرة تفاهم مع شركة هافلوكس لإنشاء محطات تحلية وتوليد كهرباء في قناة السويس والغربية، ومذكرة تفاهم مع هيئة الموانئ السنغافورية لتطوير الموانئ المصرية.

 

ما اريد تأكيده أن زيارات الرئيس للدول الاسيوية الاخري كإندونيسيا، كوريا الجنوبية وفيتنام، كل منها كان لها اهداف ومكاسب عدة، في مقدمتها اعطاء دفعة قوية لتطوير العلاقات مع تلك الدول في ظل توجه السياسة الخارجية المصرية لاسيا، فضلا عن تشجيع وتحفيز التعاون والاستثمار وفي مختلف المجالات.


 ما أبرز الانشطة الدبلوماسية المصرية تجاه القارة الاسيوية؟ وكيف يتم توظيف القوي الناعمة كنوع من الدبلوماسية غير الرسمية من اجل تطوير وتعميق العلاقات المصرية معها؟


- زيارات الرئيس نتج عنها توقيع مذكرات تفاهم والعشرات من الاتفاقيات، والفكرة هنا أن الامر ليس فقط مجرد توقيع علي ورق، لكن السعي نحو تفعيل وتطبيق هذه الاتفاقيات، واتذكر في هذا الموضوع ان احدي الدول طلبت من الخارجية المصرية عقد اجتماع معين، وقد رأينا أن هناك اتفاقيات وقعت بيننا لم تطبق بعد، فطلبنا تأجيل عقد الاجتماع لاعطاء فرصة لتفعيل تلك الاتفاقيات.


كما أن هناك اليات اخري للتحرك تجاه دول آسيا بجانب زيارات الرئيس، تأتي علي رأسها تحركات وزيارات سامح شكري وزير الخارجية، فالعام الماضي عقد اللجنة الوزارية المشتركة مع الهند في نيودلهي، وكانت تلك الاجتماعات فرصة لبحث مجمل العلاقات بين البلدين.

 

بالاضافة إلي آليات اخري منها المشاروات السياسية وهي تكون علي مستوي مساعد وزير الخارجية، علي سبيل المثال كانت هناك مشاورات سياسية برئاستي مع دولة بنجلاديش العام الماضي، حيث كانت هذه المشاروات منقطعة من 8 سنوات، ولا أخفي عليك مدي سعادة البنغاليين لحرصنا علي بحث التعاون معهم في المجالات المختلفة. ومؤخرا عقدنا جلسة مشاورات سياسية مع باكستان وكانت ناجحة جداً.

 

وأحب ان اوضح ايضا ان اللقاءات الودية مع نظرائنا بالدول الاخري تطرأ خلالها أفكار جديدة وتكون جيدة جداً وقابلة للتنفيذ. كما هناك آليات اخري متمثلة في زيارات لوفود وزارية في مجالات مختلفة.


مشاركات مصرية


 تعد الدبلوماسية الناعمة إحدي الآليات غير الرسمية في تعزيز التقارب بين الشعوب، كيف توظفها وزارة الخارجية نحو تحقيق هذا؟


- تمثل الدبلوماسية الناعمة احدي الآليات التي تعمل بها الخارجية المصرية وتلعب دوراً كبيرا في التقريب بين مصر وشعوب الدول الاسيوية، فالثقافة والفن لهما دور فاعل كأبرز أوجه القوة الناعمة المصرية في القارة، حيث هناك مشاركات مصرية في مختلف المهرجانات والمعارض الفنية والمنتديات الثقافية في عدد من الدول الآسيوية سواء من خلال وزارة الثقافة او غيرها من الجهات الرسمية أو من خلال الجهات غير الرسمية بالتنسيق مع وزارة الخارجية، خاصة أن القارة الآسيوية تضم عددا من الدول ذات الحضارات الضاربة في القدم مثل الصين والهند واليابان والتي لديها قواسم عدة مع الحضارة المصرية العريقة.

 

كما أؤكد ان مؤسسة الأزهر الشريف تعلب دورا رائدا من خلال مبعوثيه إلي الدول الآسيوية، الذين يقومون بنشر صحيح الدين الإسلامي القائم علي الوسطية والاعتدال ونبذ العنف والتطرف، والحرص علي التعايش السلمي واحترام الآخر، كما لها تقدير كبير جداً في عدد كبير من الدول الاسلامية الاسيوية، وعند زيارة اي من الشخصيات الدينية المصرية التي تمثل هذه المؤسسة العريقة، وعلي رأسهم فضيلة الامام الأكبر شيخ الازهر أحمد الطيب او د. شوقي علام مفتي الجمهورية، لأي من تلك الدول، تمثل تلك الزيارة حدثا عظيما بالنسبة لهذه الدول.

 

والحقيقة انه دائما ما نتلقي ردود فعل إيجابية من الدول الآسيوية حول الدور الجوهري للأزهر في توعية مسلمي تلك الدول التي تشهد تنوعا دينيا ومذهبيا كبيرا. فهناك تنسيق دائم من خلال القطاع الثقافي بوزارة الخارجية ومؤسسة الازهر بشأن الزيارات.


سفارة مصرية


علي الرغم من تقارب العلاقات بين مصر والدول الاسيوية علي المستوي السياسي، فإن هناك ضعفا في السياحة الاسيوية إلي مصر، كما ان شعوب تلك الدول لا تعرف الكثير عن مصر، ما السبب؟ وما دور سفاراتنا في الخارج في هذا الصدد؟


-أريد ان أؤكد لك، ان كل سفارة مصرية في الخارج تبذل أقصي جهدها لتطوير العلاقات بين مصر وتلك الدول الاسيوية المضيفة في كل المجالات، والسفير المسئول ومساعدوه لديهم نظرة للدولة المضيفة، حول تحديد اوجه الاستفادة من امكانيات وقدرات ذلك البلد لتعود بالفائدة علي مصر، وكذلك العكس فالعلاقة تبادلية، وعلي ذكر التقريب بين الشعوب، كان هناك اتفاق مع الهند حول اقامة مهرجان للهند علي نهر النيل، ومثل هذه الفعاليات والانشطة تنقل الثقافة الهندية للمصريين، كما تقرب بين الشعوب، وبالتبعية نعمل في مصر الان علي إقامة مهرجان مصري علي نهر الجانجا هناك، ويشارك فيه فرق ثقافية ومحاضرون وعروض.

 

وعندما كنت سفيرا في الاردن نظمت السفارة المصرية هناك حدثاً مختلفاً من نوعه لتقديمة للشعب الاردني، وهو ليس بعيدا عن الثقافة والحضارة المصرية، كان الحدث عبارة عن عرض ازياء للفنان هاني البحيري لنقل آخر صيحات الموضة في مصر وقد لاقي هذا النشاط ترحيباً كبيرا لدي الاردنيين.


مثال اخر ينقل دور السفراء في الخارج لنقل صورة واقعية للاحوال في مصر، سفيرنا في سغافورة، يحرص من وقت لآخر علي نقل كل ما هو جديد يحدث في مصر في مختلف المجالات علي رأسها الاستثمار، في مقال كبير يتم نشره باحدي أكبر المجلات الصحفية هناك، وهذا يمثل فرصة للمستثمرين السنغافوريين للتعرف علي الظروف ومناخ الاستثمار في مصر.

 

كذلك سفارتنا في اليابان ففي بداية عملي كملحق دبلوماسي هناك في بداية التسعينيات كانت السفارة تقوم بدعوة مجموعة من الطلاب اليابانيين والقاء محاضرات لهم للتعريف عن الحضارة المصرية، ومازالت سفارتنا هناك تقوم بمثل هذه الانشطة حتي الان، خاصة ان الشعب الياباني مفتون بالحضارة الفرعونية المصرية.


اما عن ضعف السياحة الاسيوية الي مصر، فعندما نتحدث عن دولة مثل الصين التي يتعدي عدد سكانها المليار نسمة، نراعي خلال لقاءاتنا مع الجانب الصيني سواء كان ذلك علي مستوي وزير الخارجية ومساعدي وزير الخارجية، خاصة في ظل عمق العلاقات التي تجمعنا بهم، في التطرق إلي اهمية زيادة اعداد السائحين الصينيين لمصر. الشيء نفسه مع مسئولي الدول الاسيوية الاخري، منها مؤخرا لقائي مع نائب وزير خارجية فيتنام وتحدثت معه في هذا الشأن.


ولكن أيضا، احب أن أشير صراحة الي أن لدينا بعض القصور، وهذا القصور يتمثل في ضرورة أن يذهب المسئولون خاصة في هذا المجال إلي تلك الدول والتحرك يبدأ من هناك. السفارات المصرية هناك علي أتم استعداد لكن احيانا ليس لديها الأدوات الاعلانية الكافية للعمل بها.

 

هناك مثال خاص بتجربتي حين كنت سفيرا في الاردن، ففي مناسبة الاحتفال بالعيد القومي لمصر، وكنت ارغب في عرض فيلم تسجيلي للسياحة في مصر خلال احتفال السفارة المصرية بهذه المناسبة التي حضرها عدد كبير من الشخصيات والمسئولين الاجانب هناك، وطلبت من الجهات المعنية في القاهرة ارسال فيلم عن السياحة في مصر، وللأسف من وجهة نظري كانت جميع المواد التي أرسلت لا تصلح للعرض، بل تم ارسال مواد ليس من المفترض ان تعرض في الاساس.


الشراكة الاستراتيجية


 هل هذا يعني وجود حالة من عدم التنسيق بين وزارة الخارجية والقطاع المعني بمجال السياحة؟


- هذا ليس صحيحاً، بالفعل هناك تنسيق بين المؤسسات، لكن قد يكون هناك نقص او عجز في المعلومات أو المواد أو المعطيات التي تمتلك، أو عدم وجود نوع من التحديث للبيانات الخاصة بذلك.


 كيف تصف العلاقات المصرية الصينية، ووصولها إلي الشراكة الاسترتيجية الشاملة وهو أعلي مستوي للعلاقات يربط الصين بأية دولة أخري؟


العلاقات المصرية الصينية علاقات متميزة جدا، وصلت إلي مستوي الشراكة الاستراتيجية الشاملة، خاصة ان هناك دولا قليلة جدا تربط الصين بهذا النوع من العلاقة.

 

كما ان الصين تقدر مصر ودور الرئيس السيسي، وهذا ظهر واضحا خلال الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين، وحتي وان كانت زيارة الرئيس السيسي في اطار متعدد الأطراف، لكن الرئيس الصيني شي جين بينج مهتم بشكل كبير بلقاء الرئيس السيسي ويتبادل معه الآراء والموضوعات المختلفة. وحرصه علي دعوته خلال المؤتمرات الدولية التي تستضيفها الصين، مثل منتدي الفوكاك، وقمة البريكس في مدينة شيامن 2017 وقمة G20 عام 2016 بمدينة هانجشو.

 

فالعلاقات بين البلدين قوية ومتميزة ومتنوعة، ومتنامية الاطراف، خاصة في الاستثمارات والاقتصاد، فهناك شركة »‬تيدا» الصينية بقناة السويس، كما أن هناك عددا كبيرا من الاتفاقيات وقعها رئيسا البلدين خلال الزيارات الماضية.


مبادرة الحزام والطريق، تهدف إلي تحقيق التقارب بين الشعوب وبعضها والمنفعة المتبادلة، وقائمة علي ممرات للتجارة برية وبحرية، وبالنسبة لمصر تمثل قناة السويس أحد المكونات المهمة جدا للممر البحري للمبادرة. حيث تعتبر مصر »‬شريكا حضاريا وتاريخيا» للصين في تلك مبادرة، ولذا فإنه ينبغي النظر إلي مصر باعتبارها شريكا علي طريق الحرير ليس فقط بحكم الموقع واعتبار قناة السويس محوراً هاما علي طريق الحرير البحري، وإنما أيضا في ظل العلاقات التاريخية والحضارية والثقافية التي تربط البلدين.


استثمارات ضخمة 


 هل حجم الاستفادة التي تعود علي مصر بنفس قدر الاستفادة التي تعود علي الصين؟


- هناك استفادة كبيرة جدا، وهي تعود بالنفع بالتأكيد علي البلدين، حيث توجد مشروعات واستثمارات ضخمة تقوم بها شركات صينية علي ارض مصر، كذلك عشرات الاتفاقيات وقعها رئيسا البلدين خلال الزيارات المتبادلة، وبالفعل هناك طفرة في تحقيق عدد من الاتفاقيات بين الجانبين، منها عقود في مجالات توليد الكهرباء بقدرة تصل إلي 6 آلاف ميجاوات علي الأقل، وبناء العاصمة الإدارية الجديدة، وفي مجال الفضاء والأقمار الصناعية لإطلاق القمر الصناعي مصر سات-2، وتوفير تمويل ميسر للبنوك المصرية بحوالي 1،8 مليار دولار.


كما أن هناك تعاونا مصريا صينيا في افريقيا، وأري أننا نسير علي الطريق الصحيح، فهناك وزيرا التجارة والصناعة والتعاون الدولي يجتمعان مع نظرائهما الصينيين كل فترة، في اطار صيغة 2+2، يتم خلال هذه الاجتماعات تحديد عدد من المجالات التي يتم التعاون خلالها. وانطلاقا من مدي اهتمام مصر بعلاقاتها مع الصين فقد تم انشاء وحدة الصين، وهي تابعة لمجلس الوزراء والتي اقرها د. مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء الفترة الماضية.


 علي الرغم من زخم العلاقات والتعاون الاقتصادي، فإن السياحة الصينية مازالت ضعيفة، ما السبب؟


- أتفق معك بأن حجم السياحة الصينية في مصر لا يعكس حجم وامكانيات الشعب الصيني، ولكن اتوقع بل علي يقين انه مع الوقت سوف تنتعش حركة السياحة الصينية في مصر، وسوف نتلاءم كمصريين مع الصينيين.

 

هذا الأمر يتشابه مع بداية انتعاش السياحة الروسية في مصر، حيث كانت مدينة شرم الشيخ تقتصر علي السياح الايطاليين والدول الاوربية من قبل، ومع بزوغ حركة السياحة الروسية، بدأت اللافتات واسماء المحلات والمطاعم تكتب باللغة الروسية مع تزايد اعداد السياح الروس، نفس الأمر سوف يصير مع السياح الصينيين ولكن مع الوقت.

 

في نفس الوقت علينا كمصريين دور كبير في ذلك كما ذكرت من قبل، وذلك عن طريق الدعاية والترويج الجيد والسليم في المجتمع الصيني هناك، والسفارة المصرية في بكين تحاول ان تبذل كل جهدها في حدود الامكانيات المتاحة لديها، بالاضافة إلي حرص المسئولين المصريين علي التحدث مع المسئولين الصينيين في هذا الشأن ومطالبتهم بزيادة اعداد السياح الصينيين، وذلك خلال الاجتماعات واللقاءات التي تنعقد بين الجانبين علي مختلف المستويات، خاصة في ظل الأمن والاستقرار والطفرة الاقتصادية التي تحققت في مصر والتحسن في البنية التحتية، وكل هذا يلمسه المسئولون الصينيون والعاملون أنفسهم خلال تواجدهم في مصر.


وعلي مستوي دول القارة الاسيوية بشكل عام، حين نلاحظ ان دولة ما تضع تصنيفا معينا يعكس مدي حالة عدم الاستقرار او الامن في مصر علي غير الواقع، تقوم سفاراتنا في تلك الدول بالتحدث مع مسئولي الدولة المضيفة لنقل الواقع بشكل سليم، ايضا نقوم نحن كقطاع اسيوي بوزارة الخارجية بالتحدث مع سفراء تلك الدول الموجودين في مصر.


 زار الرئيس السيسي طوكيو في فبراير ٢٠١٦ لدفع العلاقات الثنائية بين الجانبين لأعلي مستوي لها في تاريخ البلدين، وكانت أول زيارة لرئيس مصري منذ 16 عاماً.. كيف تقيم نتائج تلك الزيارة؟ وما حجم التعاون بين البلدين؟


- العلاقات المصرية اليابانية تتسم دائماً بالود والصداقة، وعكست ذلك في الزيارات رفيعة المستوي المتبادلة وآخرها زيارة وزير الخارجية إلي اليابان بدعوة من وزير الخارجية الياباني في اكتوبر الماضي، عقد خلالها حوار استراتيجي بين البلدين، كما شارك في الاجتماع الوزاري للتيكاد، وهذا يدلل علي العلاقات المتميزة بين البلدين.


واليابان تعد من الدول الداعمة لعملية التنمية الاقتصادية في مصر، من خلال محفظة كبيرة من المنح والقروض الميسرة، وقد تم من خلالها تنفيذ العديد من المشروعات الحيوية في مختلف المجالات، مثل دار الأوبرا، مشروع المتحف المصري الكبير الذي يعد صرحا ثقافيا عالميا، كما تهتم اليابان معنا بقطاع التعليم كجزء من جهود التنمية البشرية الشاملة التي يسعي مصر لتحقيقها. فضلا عن وجود برامج تدريب ودورات ومنح دراسية متبادلة بين الجانبين.

 

وهناك مفاوضات جارية مع الجانب الياباني للحصول علي قرض ميسر لتنفيذ الخط الرابع لمترو الانفاق. فعلاقاتنا مع اليابان تاريخية وقديمة، من المتوقع ان يزوها الرئيس السيسي مرتين العام الجاري، للمشاركة في قمة التيكاد، وقمة العشرين.


دعوة للرئيس 


 ما الزيارات المتوقعة للرئيس السيسي للدول الاسيوية او زيارة رؤساء أو زعماء اسيويين لمصر خلال العام الجاري؟


- من المقرر ان يسافر الرئيس إلي بكين في شهر ابريل الجاري للمشاركة في قمة الحزام والطريق، بناء علي دعوة من الرئيس الصيني، كما من المقرر زيارة رئيس سنغافورة لمصر بناء علي دعوة من الرئيس السيسي، حيث مازلنا نعمل علي تنسيق هذه الزيارة.

 

ايضا هناك دعوة من الرئيس السيسي لرئيس وزراء الهند لزيارة مصر، كما هناك دعوة للرئيس السيسي لزيارة باكستان. وبشكل عام دعني أقل لك ان هناك حراكا في العلاقات المصرية الاسيوية خلال الفترة الماضية.


 في ظل الرئاسة المصرية للاتحاد الافريقي، ما ابرز اوجه التعاون المصري الاسيوي نحو تحقيق التنمية في افريقيا؟


- الصين كدولة اسيوية لديها مشروعات واستثمارات كبيرة في افريقيا، والرئيس السيسي شارك في القمة الثالثة لمنتدي الصين افريقيا الذي انعقد في بكين »‬قمة الفوكاك»، وقد أبدت مصر استعدادها للتعاون بخبراتها في القارة الافريقية مع الصين في مجال البنية التحتية المختلفة علي رأسها الطاقة والنقل وتكنولوجيا المعلومات، فهناك تعاون ثلاثي.

 

كما نسعي لتعزيز التعاون بين الجانبين، في تنفيذ مشروع طريق القاهرة- كيب تاون، كذلك مشروع الربط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، وهما مشروعان ذوا اهمية كبيرة، حيث يوفران وسيلة نفاذ لعدد من الدول الافريقية الحبيسة. بالاضافة إلي النظر في بناء مناطق اقتصادية خاصة مع مسار هذين المشروعين لتعظيم الاستفادة منهما.

 

وتولي مصر رئاسة الاتحاد الافريقي يؤهلها للعب دور كبير مع الجانب الصيني لدفع قاطرة التنمية في القارة السمراء، بما يعود بالنفع علي مصر والصين وافريقيا. كما ان مصر تثمن ما تم تحقيقه من نجاحات في المنطقة الاقتصادية الخاصة للصين في العين السخنة، واستعدادنا لتكون بوابة دخول منتجات الصين لأفريقيا في إطار يراعي نقل المعرفة Know How Transfer وإشراك المكون المحلي المصري في عملية التصنيع.


المجالات والمشروعات


 ماذا عن الدول الاسيوية الاقتصادية الكبري الاخري؟


- هناك دول اسيوية اخري تولي اهتماماً بالاستثمار في افريقيا منها علي سبيل المثال دولة الهند، فهناك تعاون مصري هندي افريقي، وكان هذا الملف احد الموضوعات الذي تحدث فيه سامح شكري خلال اللجنة الوزارية المصرية الهندية المشتركة التي عقدت العام الماضي في نيودلهي.

ومازالت هناك مباحثات مع الجانب الهندي حول ماهية المجالات او المشروعات التي يمكن تحقيقها في افريقيا، ايضا هناك تعاون مصري ياباني في افريقيا وهذا التعاون ليس حديثاً. الأمر نفسه مع فيتنام، حيث تدرس في الوقت الحالي امكانية احداث تعاون ثلاثي في افريقيا.


 ما أبرز مجالات التعاون الاقتصادي التي تعمل بصددها وزارة الخارجية في الوقت الحالي مع دول اسيوية، وتمثل نقلة جديدة من نوعها في مصر؟


- هناك اهتمام بتصنيع السيارة الكهربائية في مصر، وهذا النوع من الصناعات يمتاز به عدد من الدول الاسيوية الاقتصادية الكيبرة، وأشير هنا الي اننا بصدد التباحث مع هذه الدول في هذا الموضوع.


 تسعي دول آسيا الوسطي، من بينها طاجيكستان، تركمانستان، أذربيجان، إلي اقامة علاقات وتعاون ثنائي مع مصر، وهي دول حصلت علي استقلالها قبل ربع قرن، ما موقف السياسة الخارجية تجاه تلك الدول؟


- مصر تهتم بعلاقاتها مع جميع الدول بدون استثناء، وقد قام الرئيس السيسي بزيارة إلي اوزبكستان العام الماضي، وكازاخستان قبل عامين تقريبا.

وهناك دعوة من طاجيكستان، كذلك تركمانستان لزيارة السيسي لهما، هذه الدول بالفعل مهمة بإحداث تبادل وتعاون ثنائي مع مصر. إلا ان الامر لا يتعدي فكرة عدم جود توفيق حول مواقيت الزيارات، سواء علي مستوي رئيس الجمهورية او وزير الخارجية او مساعديه، او علي مستوي الوزراء الآخرين.

 

فكل المؤسسات المصرية سواء الخارجية او وزارة التعاون الدولي او التجارة والصناعة وغيرها تتحرك كفريق عمل وتنسيق دائم للتحرك في اتجاه واحد، فليس لدي السياسة الخارحية المصرية تفضيل دولة علي اخري.


البعثة المصرية


 خلال أيام قليلة سوف تتولي مهامك الجديدة في ايرلندا، رئيساً للبعثة المصرية، ما خططكم وتطلعاتكم نحو تطوير تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة في مجال التجارة والاستثمار؟


- العلاقات المصرية الأيرلندية قوية ومتميزة، لا تشوبها شائبة، وأري أن هناك العديد من مجالات التعاون يمكن تحقيقها واستثمارها بين البلدين، والحقيقة ان السفيرة سها جندي سفيرة مصر في ايرلندا والتي سوف اتولي رئاسة البعثة المصرية محلها، بذلت جهداً وحققت الكثير في الايجابيات في اطار العلاقات بين البلدين، وسوف أسعي بالتأكيد بمشيئة الله ان أبني علي ما حققته زميلتي او من سبقوها من زملائي السفراء الذين عملوا هناك.


عائق أيرلندا انها تقع بعيدا عن الخط الملاحي البحري التجاري في البحر المتوسط، وسوف أسعي من اجل التوصل إلي سبل بديلة لنقل المنتجات الزراعية المصرية والتي تتطلبها ايرلندا، ايضا الاستفادة من خبرتها في مجال »‬الآي تي»، ومجال التمريض بما يعود بالمنفعة علي مصر، بالإضافة إلي التركيز علي إحداث تقدم في العلاقات التجارية وجلب استثمارات ايرلندية إلي هنا، ولا ننسي ايضا تعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين، خاصة ان الايرلنديين متفقون إلي حد كبير مع القضايا المصيرية في المنطقة، علي رأسها القضية الفلسطينية.


أيضا احدي المشكلات عدم وجود خط طيران مباشر بين دبلن والقاهرة، وسوف ابذل كل الجهد لتحقيق انشاء هذا الخط الجوي الذي من شأنه ان يكون أمرا هاما جدا لمصر في جلب السياحة الايرلندية، وأيضا هام لأفريقيا.