قصص وعبر| المحامية.. وحفل التعذيب

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

شعرت الزوجة المحامية باليأس المميت، والغضب القاتل، اشتعل دمها نارا موقدة تلتهب وتحرق عروقها، وبغيظ حانق تصرخ مجهشة بالدموع، واندفعت نحو زوجها موجهة له التهديدات بالانتحار والقفز من شرفة المنزل بالطابق الخامس هربا من جحيم العيش معه وظلمه لها وشكه في سلوكها، وبعدما اعتاد تعذيبها والاعتداء عليها بالضرب المبرح بعصا المقشة لمدة ٤٩ يوما صمدت وتحاملت على نفسها لكن دون جدوى فقررت التخلص من حياتها ومن حفل التعذيب فهرولت مسرعة وألقت بنفسها من شرفة المنزل ولقيت مصرعها متأثرة بجراحها.
 
 تعود أحداث الواقعة عندما نشبت مشادة بين الزوجة وزوجها تركت على إثرها منزل الزوجية ، إلا أنه قرر مصالحتها وتوجه إلى منزل أسرتها وإعادتها مرة أخرى ولم تكن تعلم بأنها ستنهي حياتها نهاية قاسية وما إن عادت فوجئت به مستغلا ضخامة جسده وأخذ في توبيخها واحتجزها داخل الشقة لمدة ٧ أسابيع يعتدي عليها بالضرب المبرح مستخدما عصا يد المقشة لشكه في سلوكها وانتقاما منها، لم يرحم دموعها وضعفها تطلب منت السماح لها بالذهاب إلى منزل أسرتها أو تطليقها إلا أنه تحول إلى وحش كاسر يحمل بين ضلعيه حجر صوان، فاض بها الكيل تبيت ليلتها ودموعها لم تجف، منهكة القوى ترقب حضوره استعدادا لحفل التعذيب الذي اعتاد إقامته يوميا دون رحمة أو شفقة تمد يدها إليه تستجدي عطفه دامعة العين، تئن أنينا تنفطر له الأكباد ويذوب له الصخر، صارت تكره خطواته وصوته، أحسست بالحيرة تنهش رأسها جعلتها تعيش في عذاب وألم، وبصوت مرتجف ونظرات شاردة تخبره بأنها سوف تقبل على الانتحار إن لم يرحمها ويتركها لكنه لم يبال ويرد عليها ببرود شديد قائلا: "لن تتمكن من مغادرة تلك الشقة، أو يطلعلك أجنحة وتطيري من الشباك".
 
 وكانت كلمات السخرية  تخترق جسدها كطلقات الرصاص تستقر داخل رأسها، استغلت دخوله المطبخ وهرولت مسرعة تسابق قدماها الرياح وقفزت قفزة الموت لتهوى بجسدها من أعلى وترتطم بالأرض وتلقى مصرعها في الحال بعدما أصيب بتهشم في الجمجمة وكسور مضاعفة.
 اتهم والد الزوجة زوجها بقتلها إلا أنه نفى تماما قتلت لها وأنه كان يمنعها من الذهاب إلى أسرتها بسبب خلافات بينهما وشكه في سلوكها مما دفعها للانتحار، وأمرت النيابة بإخلاء سبيله.


 وجاءت عدالة السماء حيث أثناء فحص طارق جودة وكيل أول نيابة حوادث شمال الجيزة ملف قضية الزوجة للتصرف إلا أنه وبذكاء المحقق قرر فتح التحقيقات مرة أخرى بعد قيامه بمعاينة الشقة ووجود كسر بالنافذة لم يتم إصلاحه منذ ٤ أشهر من تاريخ الواقعة، وأثناء استجواب الزوج مرة أخرى لمضاهاة أقواله الأولى انتاب وكيل النائب العام الشك في تضارب أقوال الزوج، واستمع إلى أقوال أسرة المجني عليها وعدد من الجيران وأصدقاء الزوج الذين أشارت أقوالهم إلى تعذيبه لها.


 وجاء قرار وكيل النائب العام طارق جودة الذي باشر التحقيقات بإشراف المستشار محمد شرف رئيس نيابة حوادث شمال الجيزة بإحالة الزوج المتهم إلى محكمة الجنايات محبوسا بعد أن وجه له تهمة القتل المقترن باحتجاز وتعذيب زوجته بدنيا.