قصص وعبر| الفتاة.. ورقصة الموت

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

لم تسع الفرحة قلبها، وغمرتها سعادة لا توصف، راحت ترقص مع صديقاتها وخطيبها وسط فيض من السعادة، وإذا الدنيا من حولها نغم ساحر، ولم تكن تعلم بأنها ستكون الرقصة الأخيرة بل رقصة الموت في يوم خطوبتها.

تمنت الفتاة أن تمد في عمر الليل ولو ساعة أثناء حفل خطبتها، و كادت أن تلامس السحاب من شدة الفرح وسط أنغام الموسيقى الصاخبة، وضحكات المدعوين الذين ألتمعت أعينهم سرورا وفرحا أيضا، بينما تقف الأم ترمق ابنتها العروس وهي ترقص، وتتمايل بنظرات غيظ، وغضب يتطاير الشررمن عينيها تطلب منها أن تكف عن الرقص.

انصرف المدعوون، وأخذت الأم والعائلة يعاتبونها في لهجة غاضبة ووبخوها بأبشع الكلمات لعدم تنفيذها أوامرهم بأن تكف عن الرقص، لكونهم أسرة محافظة، ونشبت بينها وبينهم مشادة كلامية توجهت على إثرها إلى غرفة نومها، وتملكتها حالة من الشعور بالقهر حتى في يوم خطبتها، تراود مخيلتها كلماتهم التي اعتبرتها إهانة وتحقير لها.

انكمشت داخل غرفتها منكسرة حزينة، استبد بها اليأس، ترسل دموعها في  صمت ثم أجهشت في البكاء أسفا وحزنا، وفي لحظة ضعف مع الشيطان اتخذت القرار معتقدة أن في الموت طوق النجاة بالنسبة لها، وللهرب من سوة معاملة الأسرة لها، وقامت بخنق نفسها.

وفي اليوم التالي توجهت الأم لإيقاظها، وما أن قامت بفتح باب الغرفة، انطلقت الصرخات من بين ثنايا فمها مدوية، تلطم خدها وصدرها حيث جسد ابنتها يتدلى من أعلى سقف الغرفة، تعلو وجهها الزرقة الداكنة، ووقعت الأم مغشيا عليها فالمشهد أكبر من أن تتحمله.

تولت النيابة التحقيق بإشراف المستشار محمد القاضي المحامي العام لنيابات جنوب الشرقية، وصرحت بدفن جثة الفتاة بعد العرض على الطب الشرعي، وبورود التحريات التي أكدت بأنه لا وجد شبهة جنائية، وأن الفتاة لم تتمالك نفسها في يوم الاحتفال بخطبتها وقامت بالرقص مع صديقاتها، وخطيبها غير مبالية ومخالفة تعليمات أسرتها بعدم الرقص، وعندما وجهت لها الأسرة اللوم سارعت بغلق باب غرفتها، وانتحرت بشنق نفسها.