وداعاً للروتين داخل المحليات..

«سقارة».. طريق التنمية المحلية لمحاربة الفساد وتأهيل قادة المستقبل

العاملون بالإدارات المحلية يتلقون التدريبات
العاملون بالإدارات المحلية يتلقون التدريبات

- المتدربون : خطوة للارتقاء بالخدمات المقدمة يجنى ثمارها المواطن

هنا قلعة مُحاربة «الفساد» بالإدارات المحلية، وصقل مهارات العاملين داخل دواوين المحافظات والأحياء.. هنا منبع بناء شخصية الإنسان في التعامل مع «إدارة الأزمات، وتصميم الشبكات، والعقود والمشتريات بالإدارات المحلية».. هنا بمنطقة «سقارة» بمحافظة الجيزة مركز التنمية المحلية للتدريب، شعارُه «وداعًا للروتين الحكومي وأهلًا بالكفاءات داخل المحليات»، عاد له شُعاع الأمل بعد سنوات ظل خلالها خارج نطاق الخدمة، وخاصة مع تولي اللواء محمود شعراوى حقبة وزارة التنمية المحلية، للمساهمة في إصلاح منظومة الإدارات المحلية على مستوى الجمهورية، من خلال تدريب العاملين بالمحليات على كافة الملفات الشائكة، لتقديم أفضل الخدمات للمواطن المصري.


«الأخبار» قضت يومًا كاملًا داخل مركز التنمية المحلية ورصدت بالكلمة والصورة رحلة تلقى العاملين بالإدارات المحلية الدورات تدريبية، فبمجرد الدخول من أبوابه الرئيسية لا صوت يعلو فوق صوت التعلُم والتدريب، الهدوء يسكُن أرجاء المركز وتشعر وكأنك داخل فندق متميز، ويضم مبانى متعددة، الأول يحوى قاعات ومدرجات للتدريب على أعلى مستوى ومركزا للغات، والثانى يضم مسجدا وغرف مُعايشة، وثالث به صالة جمانزيوم وألعاب الحديد، ومطاعم، بالإضافة إلى المساحات الخضراء الشاسعة وأفنية مُتعددة، وتبدأ رحلة التدريب من خلال ترشيح وزارة التنمية المحلية العاملين بالمحليات بعد اختبار سلوكى وحاسب آلى ومقابلة شخصية، ويأتى المُتدرب إلى المركز للإقامة الكاملة طيلت مدة التدريب التى تتراوح ما بين 3 أيام حتى 3 أسابيع، يتلقى خلالها العديد من المحاضرات على يد وزراء ومحافظين سابقين وأساتذة جامعيين، أهمها التعرف على قوانين «البناء الموحد، العقود والمشتريات، الإدارة المحلية، والموارد البشرية»، وأوجه الفساد وطرق مكافحته.. وغيره من المحاضرات، بالإضافة إلى تنظيم فرق للمُحاكاة تناقش تجارب المتدريبن العاملين بالمحليات والتوصل إلى حلول واقعية، وكذلك المُساهمة فى تقديم مشروعات جماعية وفردية أثناء الدورات تمهيدًا لتطبيقها بالمحافظات، وأخيرًا تنظيم جولات ميدانية لتلقى التدريب على أرض الواقع، ويخضع المتدرب لاختبارات وامتحانات عن المحتوى النظرى الذى تلقاه خلال مدة التدريب.


« الأخبار » تعايش المتدربين


وداخل إحدى قاعات التدريب، يجلس العشرات من المتدربين العاملين بالإدارات المحلية بمختلف المحافظات، الجميع ذهنُه مُعلق بالمحاضرات التى يتلقونها، ويشاركون المحاضر بكل حماس وفعالية فى كافة المقررات، وفور انتهاء المحاضرة التقى محرر«الأخبار» بعدد من المتدربين وتحدثوا عن أهمية الدورات فى صقل مهاراتهم العملية والتعرف على طرق حل المشاكل والعراقل التى تواجههم خلال أدائهم لعملهم.


فى البداية أكد وليد كامل رئيس الوحدة المحلية لقرية ببا بمحافظة بنى سويف، أن الدورات التدريبية للعاملين بالإدارات المحلية هى سابقة من نوعها للارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين فى كافة المجالات، مشيرًا إلى أن الدورة صقلت مهاراتنا العملية من خلال مناقشة ومحاكاة الواقع الذى نعيشه يوميًا، والاطلاع على الطرق المُثلى لنيل رضاء المواطنين، واقتلاع أوجه الفساد داخل أروقة الوحدات والإدارات المحلية.


أوضح رئيس الوحدة المحلية، أنه خلال الدورة التدريبية تم مناقشة القوانين المعمول بها داخل الإدارات المحلية منها «البناء الموحد» و«الخدمة المدنية» و«أملاك الدولة» وغيرها، وطرق تفعيلها وتطبيقها على أرض الواقع، بالإضافة إلى دراسة الثغرات التى يستخدمها المخالفون فى التحايل على القانون، وطرق الكشف عنها ومكافحتها، مضيفًا أن الدورة التدريبية بمركز سقارة شملت ضوابط التعامل مع المواطنين، وتسهيل إجراءات الحصول على الخدمة بصورة سرعة.


وأضاف إبراهيم على سالم، باحث قانونى بديوان عام وزارة التنمية المحلية - أحد قادة المستقبل- أن ملف تدريب العاملين بالإدارات المحلية، خطوة ناجحة من اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية وسيجنى ثمارها الشعب المصرى فى القريب العاجل، وذلك من خلال تطوير مستوى الخدمات المقدمة فى كافة المجالات، مشيرًا إلى أنه اكتسب مهارات متعددة من الدورة التدريبية التى تُفيده أثناء ممارسته لعمله على أرض الواقع ومنها كيفية تطبيق روح القانون فى العديد من المخلفات، والكشف عن أوجه وصور الفساد الخفى وغيرها من ملفات شائكة هامة أعانى منها فى الحياة العملية بصفة مستمرة.


وأضاف الباحث القانوني، أنه خلال فترة الـ 3 أسابيع للدورة التدريبية، لم تقتصر المحاضرات على الجانب النظرى فقط، بل تمت مناقشة بعض المشروعات الهامة وكانت أبرزها « تنمية وتطوير القرى المصرية، وتقدمت بفكرة مشروع عن « تطوير الإدارة العامة لشئون مجلس النواب بوزارة التنمية المحلية»، موضحًا أن الدورة صقلت مهاراتنا العملية وسيتم تنفيذ ما تم دراسته بالكامل على أرض الواقع مع نقل ما اكتسبناه لباقى الزملاء كل فى إدارته.


تغلغل الإهمال


وقالت د.أمل مصطفي، مدير إدارة المجالس واللجان بمحافظة الغربية، إن أجهزة الدولة التنفيذية تسعى إلى الارتقاء بمستوى الخدمات بالشارع المصرى، وذلك من خلال بناء شخصية الإنسان فى خطوة ناجحة رغم أنها تأخرت كثيرًا حتى تغلغل الإهمال وانعدام الضمير، والآن الوقت حان لبدء أكبر مواجهة لتطوير العمل وبتر جدوز الفساد داخل أروقة المجالس المحلية والقروية.


وأشارت إلى أنها تدربت خلال 6 أسابيع على قيادة المسقبل، وفن التعامل مع المواطنين أثناء أداء الخدمة، وكيفية إدارة الأزمات والجلسات، وكيفية التعامل مع ثغرات قانون البناء الموحد وكشف أساليب التحايل على روح القانون، موضحة أن الدورة كانت مفيدة جدًا لها ألمت بالكثير من الموضوعات كانت تجهلها تماما رغم عملها داخل الإدارات المحلية منذ أعوام متعددة، لغزو العمل الروتينى أروقة الإدارات المحليات دون تطوير آليات العمل رغم أنه عصب عملية التنمية المحلية بالمحافظات.


تقييم العاملين


وأكدت الزهراء محمد، نائب مدير مركز المعلومات بمحافظة شرم الشيخ، أن أهم معايير نجاح العمل داخل الإدارات المحلية هو تقييم العاملين شهريًا وسنويًا بناءً على أسس متنوعة بعيدًا عن المجاملات، وهو ما تمت دراسته، مشيرة إلى أنه خلال الدورة التدريبية تم تعميق الإحساس بالولاء المتبادل بين الموظف وجهة عملة وتنمية الانتماء والعودة لُحسن الخُلق وتقويم السلوكيات الخاطئة لزيادة الإنتاجية وتحسين أداء العمل والخدمات المقدمة للمواطن وزيادة جسور التواصل مع المواطن لإعادة الثقة التبادلية بين المواطن والحكومة والجهات التنفيذية.


وأوضحت الزهراء، أن الدورات التدريبية ركزت أيضا على عملية التنمية الاقتصادية والاستغلال الأمثل للمميزات النسبية للمحافظات «مقومات اقتصادية – مقومات طبيعية – قوة بشرية وحرفية» وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية فى المحافظات، وآليات تشجيع الابتكار والإبداع ورعاية الموهوبين واكتشافهم بما يعود بالنفع على كل قطاعات الدولة وتحسين مستوى الإنتاجية وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية.


منظومة التدريب


وأشارت شيماء حسني، عضو التنمية الاقتصادية بديوان عام محافظة الإسماعيلية، إلى أنها ناقشت خلال الدورة التدريبية فكرة مشروعها لتطوير منظومة التدريب وتحسين أداء الموارد البشرية بمركز التدريب الإقليمى بالمحافظة، وتم الموافقة عليه من قبل قيادات الوزارة تمهيدًا لبدء تنفيذه على أرض الواقع، مشيرًة إلى أن الدورة التدريبية أصقلتها بالعديد من المهارات، بعد 345 ساعة تدريب بإجمالى 40 محاضرة تعرفنا خلالها على العديد من القوانين الهامة والتخطيط الاستراتيجي، وزيارات ميدانية، وذلك بعد سنوات طويلة من العمل الروتينى داخل أروقة المحافظة، دون الاهتمام بتدريب العنصر البشرى، رغم أنه من أسباب التقدم فى كافة المجالات.


وطالبت حسنى بضرورة إخضاع كافة العاملين بالإدارات المحلية بالمحافظات لتلك الدورات التدريبية، لما لها من منافع سريعة المدى على المواطنين ومستوى الخدمات المقدمة بالشارع المصري، وكذلك التوسع فى تطبيق مبدأ الثواب والعقاب.