المترجم الرسمي.. مهمة ثقيلة يوضح خطورتها وشروطها كبير مترجمي الرئاسة

نزيه عميرة
نزيه عميرة

روى اللواء دكتور نزيه عميرة، كبير مترجمي رئاسة الجمهورية، مراحل حياته العلمية والعملية منذ تخرجه من قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن جامعة عين شمس والتحاقه بالقوات المسلحة حتى عمل كمترجم برئاسة الجمهورية، قائلا: «إنه اتخذ عدة خطوات حاسمة في مسيرته العملية؛ على رأسها اتخاذ مثل أعلى له من المترجمين وجعله نصب عينيه والعمل على رفع مستواه ليصل إلى الاحترافية».

 

وقال «عميرة»، خلال كلمته في فعاليات ندوة نظمتها لجنة العلاقات الثقافية الخارجية بقطاع الدراسات العليا والبحوث برئاسة أ.د.سلوى رشاد وكيل كلية الألسن بجامعة عين شمس لشئون القطاع بعنوان "المترجم الرسمي": «إن وصوله إلى الاحترافية كان من أسبابه القراءة المستمرة وسعة الإطلاع والخوض في ثقافة المجتمع الذي يترجم رسالته السياسية، كذلك استمرارية الاستماع إلى لكنات تلك الدول المتحدثة بالإنجليزية لضمان استقبال الرسالة وترجمتها إلى الجهة الأخرى بشكل شفاف».

 

وأضاف اللواء دكتور نزيه عميرة «أن ما أثير حول تحميل المترجمين مسئولية الخطأ الذي وقع في خطاب الأمم المتحدة الشهير؛ فإنه يبرئ ساحة المترجمين لأن النص كان مكتوبا بالإنجليزية فى الأساس، كما أن عملية الترجمة يحكمها عناصر أخرى تتمثل في مراجعة النص بمعرفة مستشارين دبلوماسيين في الأمم المتحدة؛ فهو في المقام الأول مأزق سياسي و له بعد سياسي والمترجم لا يتحمل أي ذنب فيه».

 

وأوضح أن عمل المترجم الرسمي قد يساهم بشكل أو بآخر في اتخاذ قرارات ومصير أمم، فيجب على المترجم أن يتحمل مسئوليته ويدرك مدى خطورة عمله والسعي بكل الطرق إلى اكتساب كافة المهارات والخبرات التى تمكنه من أداء دوره القومي على أكمل وجه باعتباره جزئًا من القرار السياسي.

 

وحدد كبير مترجمي رئاسة الجمهورية ثلاث مراحل يمر بها المترجم وهي أن يكون المترجم مرئيا في أول عمله؛ حيث يشعر بوجوده المتحدثين من خلال استفساراته عن بعض التراكيب اللغوية ليتمكن من توصيل رسالته بشكل أفضل، وفي المرحلة الثانية يصبح المترجم غير مرئي لا يشعر به المتحدثون، ثم ينتقل إلى المرحلة الثالثة والأخيرة ليصبح مترجمًا شفافًا.

 

ولفت إلى أن المرحلة الأخيرة هي المرحلة التي يري الطرفان أنهما يتبادلان رسائلهما عبر وسيط شفاف لا يريانه لكنهما يريان أنفسهما من خلاله؛ وهي أعلى مراحل الاحترافية في الترجمة التي يجب على المترجم أن يصل إليها من خلال سعة اطلاعه وتوسيع مداركه الثقافية وتمكنه من أدواته في الترجمة واستخدام المفردات والتراكيب اللغوية بشكل مُبدع.

 

ونوه الدكتور نزيه عميرة أن الأجيال الجديدة أكثر معرفة من سابقيها لتوافر التكنولوجيا الحديثة وارتفاع السقف المعرفي وتطور عقول الشباب المطلعة على كافة الأحداث والثقافات، فأصبحوا أكثر قدرة وتمكنا فى تولى المناصب، حيث إن الترجمة الرسمية تأتى بعد مشوار طويل يبدأ بالتدريب والعمل للدخول إلى مجالات الترجمة ليبرز اسمه وسمعته ويتم الاستعانة به في الجهات الرسمية.

 

ويعتمد مبدأ اختيار الجهات الرسمية للمترجمين على المتميز لاستخدامة فى الترجمة الرسمية، وبعد اشتراكه فيها يجب أن يتميز بالذكاء وسعة الاطلاع وقدرته على الحصول على أكبر معلومات متاحة فى مهمته، كذلك فإن صفة السرية والكتمان يعد ميثاق شرف المترجم مهما كان اطلاعه على المعلومة فلا يمكن أن تخرج من مقر عمله.

 

 

وافتتح د.عاطف بهجات رئيس لجنة العلاقات الثقافية الخارجية بالكلية الندوة مؤكدًا أن كلية الألسن بجامعة عين شمس منذ افتتاحها بأمر محمد على باشا على يد العالم الجليل رفاعة الطهطاوي أول مدير لمدرسة الألسن عام 1835، كانت تستهدف تثقيف الشعب المصري وإعداد كوادر متخصصة في الترجمة بهدف ترجمة ثقافات العالم من وإلى العربية.

 

وشدد الدكتور عاطف بهجات على أن اللجنة تقوم بدورها التثقيفي واستضافة القامات والرموز المصرين المتخصصين في مجالات الترجمة بهدف إثراء الحياة الثقافية لطلاب الكلية، كذلك إلقاء الضوء على مجهودات أبناء ألسن عين شمس الفعالة على مستوى القطر المصري والعربي.

 

كما شاركت د.علا عادل وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمترجم الرئاسي في فعاليات الندوة مشيرة إلى أهمية الانخراط في التدريبات وبداية استعداد المترجم للعمل في تلك المهنة منذ نعومة أظافرة داخل الكلية، ومداومته على الاشتراك في الدورات التدريبية وتطوير ثقافته بالمجتمع الذي يدرس لغته والتعرف على ثقافتهم وطباعهم.

 

وأكدت على أن هناك العديد من التراكيب اللغوية أو المفردات التى من الممكن أن تتسبب في مشاكل دولية لو لم يتم ترجمتها بشكل دقيق و سلس فى نفس الوقت ؛ و لن يتمكن المترجم من اكتساب تلك المهارة دون أن يدخل بكل حواسه فى قلب المجتمع الذى يدرس لغته.

 

الدكتورة علا عادل أشارت إلى أحد المواقف التى تعرضت إليها خلال ترجماتها الرسمية، حيث وصف مسئول ثقافي ألمانى سؤال المسئول الثقافي المصري بأنه "ثعلب" وهو ما كان يمكن أن يحدث سوء تفاهم بين الجانبين؛ ومن خلال معايشتها للمجتمع الألماني وسفرها للإقامة في ألمانيا أثناء إجازتها النصف سنوية عندما كانت طالبة بالكلية؛ فإنه مصطلح يقصد به الذكاء فى السؤال، فقامت بنقل الترجمة أنه يعرب عن مدى سعادته بالسؤال الذكي، وهنا تلعب خلفية المترجم وثقافته دورًا فعالًا في تجنب حدوث أزمات قد تنشب بين الطرفين بلا داعي.

 

وشهدت الندوة تفاعلا كبيرا من الحضور حيث تلقى كل من اللواء دكتور "نزيه"، والدكتورة علا عادل العديد من الاستفسارات التي طرحها أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة والطلاب وطلاب الدراسات العليا وأجابوا عليها. 

 

وفي الختام قدمت أ.د.سلوى رشاد، يرافقها أ.د.عاطف بهجات شهادة تقدير ودرع الكلية إلى اللواء دكتور نزيه عميرة تقديرًا لمشاركته الفعالة في إثراء الندوة ثقافيًا، حيث اختتمت فعاليات الأسبوع الثقافي بندوة فنية وثقافية بعنوان "فنون أبناء الألسن" استعرضت مهارات وفنون أبناء الألسن في الشعر والأدب والإنشاد الديني، وإدارتها د.أميمة عبدالرحمن.