في أول حوار له عقب توليه إدارة المرصد..

حوار| مدير مرصد الأزهر: لا نخشى الجماعات الإرهابية.. وهدفنا القضاء عليها

مدير مرصد الأزهر للغات الأجنبية مع محررة بوابة أخبار اليوم
مدير مرصد الأزهر للغات الأجنبية مع محررة بوابة أخبار اليوم

نجحت مشيخة الأزهر الشريف، في رصد ومتابعة ومجابهة الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة التي تتبناها الجماعات الإرهابية بشتى أنواعها وكذلك للوقوف على أحوال المسلمين في جميع أرجاء العالم والتركيز على نشر صحيح الإسلام وإبراز دوره في دعم قيمة الإنسان والإنسانية بإثني عشر لغة حية، من خلال «مرصد الأزهر لمكافحة التطرف».

ويواجه المرصد حربًا شرسة على الـ«سوشيال ميديا» لكشفه فضائح الجماعات المتطرفة وخلع الأقنعة الزائفة عن وجوههم من خلال بيانات وأدلة، من خلال مجموعات من الشباب الباحثين والباحثات الذين يجيدون العديد من اللغات الأجنبية إجادة تامة يعملون على رصد ما تبثه التنظيمات المتطرفة ومتابعة كل ما يُنشر عن الإسلام والمسلمين على مواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي ومراكز الدارسات والأبحاث المعنية بالتطرف والإرهاب، والقنوات التليفزيونية وإصدارات الصحف والمجلات، ويرد عليها من خلال لجان متخصصة، ليغلق على الإرهابيين والمتطرفين وأصحاب الآراء المتشددة جميع المنافذ التي يتسلل منها إلى عقول الشباب. 

وتشهد هذه الفترة عددا من التغييرات داخل مشيخة الأزهر، كان من بينها تعيين الدكتور طارق شعبان المدرس بقسم اللغة الإسبانية بكلية اللغات والترجمة، للعمل مديرًا لمرصد الأزهر للغات الأجنبية، بدلا من الدكتور محمد عبد الفضيل، وكان لـ«بوابة أخبار اليوم» أول حوار معه عقب توليه إدارة المرصد، جاء كالتالي:

 

- في البداية.. نريد أن نسلط الضوء على رؤية سيادتكم لخطة الفترة القادمة؟

الفترة القادمة لا تنفصل عن الفترة السابقة، ربما المفهوم السائد هو أن كل مدير جديد يأتي ليمحي كل قديم على أن يبدأ جديد، ولكن في الأزهر جميعنا يد واحدة، قبل أن أتولى إدارة المرصد كنا هيئة إشراف مع مدير المرصد السابق نعمل جميعا وفق إستراتيجية محددة ومعلنة وهي محاربة التطرف بكل أنواعه وأشكاله، ويعد مرصد الأزهر أحد الركائز المهمة الحديثة لمؤسسة الأزهر الشريف، واكتسب أهميته من خلال تواجده على أرض الواقع سواء داخل مصر أو خارجها، وخلال الفترة المقبلة خطتنا تكثيف الملفات والتطرق لعدد من الموضوعات الجديدة التي تساعد على مكافحة التطرف.

- ما هي أبرز الموضوعات التي تُناقش حاليًا لمكافحة التطرف؟

كما ذكرت لدينا العديد من الملفات، ومن بينها الاستفادة من الوافدين، فلدينا آلاف الطلاب في جامعة الأزهر من الوافدين يمكن الاستفادة منهم في مسألة القضاء على التطرف، من خلال عمل برنامج تدريبي خاص بهم، وخاصة إنهم من بلدان إفريقية تعاني من جود جماعات متطرفة مثل «بوكو حرام» و«جماعة الشباب».

- كيف يمكن تطبيق هذه البرامج على الطلاب الوافدين؟

هؤلاء الوافدين تستمر دراستهم من 4 إلى 5 سنوات، يمكن خلالها الذهاب إليهم في مقرات إقامتهم والتحدث معهم وفهم مشاكلهم والتأكيد معهم على دور الأزهر في الاهتمام بهذه المشكلات ومن بينها محاربة التطرف في بلدانهم والرد على الجماعات المتطرفة وتفنيد أفكارها وفضح أكاذيبها، وبالاستماع إلى آرائهم ومعرفة ما يدور في بلدانهم يمكننا تشكيل قاعدة بيانات عريضة، ليصبحوا فيما بعد سفراء الأزهر في بلادهم ينقلون إليها صورة الأزهر والإسلام الحقيقية، وبالتالي يصبح للأزهر عيون في كل البلاد التي يأتي منها الوافدون.

نحن بالفعل نقوم بالرصد من خلال مواقع الإنترنت، ونقوم بدراسات وأبحاث وتحليلات فيما يخص الجماعات المتطرفة، ولكن بالطبع رصدها بشكل واقعي من خلال الوافدين يجعل الرصد أكثر عمقًا ودقة.

- هل استخدام الوافدين كسفراء يفيد في تواجد الأزهر على الساحة الدولية؟

 بالفعل، نحن في حاجة لأن يكون لدينا سفراء في كل دول العالم، لأن من شأن ذلك أن يزيد تواجدنا على الساحة الدولية، ويقوي وضعنا خلال المؤتمرات والمحافل والندوات، لأنه ليس كافيًا حضورها لمتابعة ورصد ما يحدث ويدور في العالم، وهناك بعض المحافل الدولية يذكر فيها اسم الأزهر بما يسمعونه من وسائل الإعلام المضللة التي لا تمت لوسطية الأزهر بصلة وتتحدث عنه بشكل سلبي وتسعى لتوصيل صورة الأزهر بشكل عكسي، وبالتالي وجود صوت ممثل للأزهر في هذه المؤتمرات والمحافل أو في وسائل الإعلام يعطي صورة توضيحية.

- هل تؤثر وسائل الإعلام على الصورة المعطاة عن الأزهر؟

وسائل الإعلام تشكل الرأي العام، فعندما تتعامل وسائل الإعلام في الخارج مع شائعة مثل ما يخص مسألة «تعدد الزوجات» التي طرحها الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، يطرحونها مجزأة وهو ما توقعه شيخ الأزهر عندما قال «أرجو ألا يتم اقتطاع أو اجتزاء هذه النصوص إلى مكاسب»، وبالفعل استخدمته بعض التيارات في مصر لتشويه الصورة، ثم أعادت وسائل الإعلام في الخارج استخدامه بعد اقتطاعه لنفس الهدف، دون استقاء المعلومات من مصادرها الأصلية، وللأسف هذا يشير إلى خطر وسائل الإعلام وقدرتها على تشويه الصورة، فكل المؤتمرات والندوات وخطابات شيخ الأزهر التي تحظى باهتمام وإعجاب العالم، يمكن أن تمحى بخبر واحد زائف.

- يتشارك مرصد الأزهر فيما يقدمه مع بعض المؤسسات الأخرى فهل هناك تنسيق أم كل جهة تعمل بشكل منعزل؟

في المقام الأول نقوم بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية التي لها هدف يتماشى مع أهدافنا، إلا أننا ننفذ عددًا من الخطط الخاصة بنا، وعلى سبيل المثال الفترة المقبلة سننفذ برنامج « المرصد في محافظتك»، والذي يعني أن يكون لدينا مرصد في كل محافظة من خلال الذهاب إلى شباب الجامعات والمعاهد والمراكز، لأننا نتعامل من خلال الشبكة الدولية للمعلومات، وهذا بالطبع يحتاج إلى وقت للتنفيذ بالتنسيق والترتيب مع الجهات المعنية، ونستشير لجان تختص بوضع هذا البرنامج، على أن يكون هناك لقاء في الجامعة أو بإقامة ندوة تعريفية في أماكن تجمع الشباب.

لأنه عند زيارتنا للجامعات المصرية كان هناك تفاعلا مع الشباب ووجدنا أن بعضهم يحمل آراء وأفكار لو تركناها دون معالجة قد تؤدي إلى تطرف، وبالتالي نحتاج الاستماع إليهم ومناقشتهم ووضع حلول بعد فهم قناعات الشباب، من خلال خطة شاملة.

- لماذا يستخدم المرصد لغة الفصحى والتي لا يفهمها الجميع.. كيف ستواجهون التباس المعنى؟

هذه نقطة في غاية الأهمية، ربما المرصد كان في بعض المتابعات التي كان ينشرها يستخدم اللغة التي لا تتناسب مع جميع الفئات، وبالفعل يوجد بالمرصد وحدة إعلامية وظيفتها إيصال المعلومة بشكل مبسط إلا أن القائم عليها شخص واحد فقط، لذا نعمل حاليًا على توفير وحدة مستقلة يعمل بها العديد من الكوادر البشرية تهتم بتوصيل المعلومة للمتلقي عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة حسب طبيعة كل وسيلة بما يتناسب مع كافة الشرائح المجتمعية، بحيث يكون خطابنا وأسلوبنا مناسبًا للجميع، ولكي تصل المعلومة إلى المثقف والبسيط ولكل دول العالم من خلال الترجمة سواء للمنشورات أو مقاطع الفيديو.

- كيف يتم اختيار الموضوعات الموجهة للعالم الخارجي؟

نحن لا نتعامل مع القضايا بشكلها الجامد فلا نقل هذا هو الإسلام ولكن نظهره من خلال قضية من القضايا تهم فئات مختلفة، فمثلا في المجتمع الإسباني تتصدر قضية «الإسلاموفوبيا» بشكل كبير، ففي إحدى الجامعات صادفنا موقف لدكتورة جامعية قامت بطرد طالبة مسلمة بسبب ارتدائها الحجاب، وكان رد فعل زملائها هو التضامن معها، فنجد أن الأزمة تتلخص في عنصرين، الأول مميز وهي الدكتورة والثاني متعاطف ويتمثل في الطلبة، وكان سبب التعاطف هو معرفة شخصية زميلتهم المسلمة وفهم أسلوبها وأفكارها وتقبلها رغم الاختلاف في الدين والعقائد، فنجد أن هذه المساندة جاءت من سلوك المسلم.

- لماذا ينظر البعض في الدول الأجنبية إلى الإسلام بطريقة سلبية؟

سلوك المسلم في الخارج من أهم الأمور التي يجب التركيز عليها، فللأسف هناك بعض النماذج المسيئة للإسلام بتصرفاتها والتي نسعى لتصحيح طريقتها، ورأينا بعض التمييز في التعامل مع المسلمين، حتى أن بعض المناهج الأجنبية تصور المسلم على أنه الإرهابي والفاسد، وهو ما تركز عليه الجماعات الإرهابية مثل داعش، مدخل الجماعات المتطرفة يكون ظاهره الرحمة وباطنها العذاب، وهو ما يجب الالتفات إليه، لأنه أحيانا يتم استغلال الشباب تحت شعار «حي على الجهاد» باستخدام أفكار مغلوطة، ومن هنا علينا التوعية وفضح كافة الأساليب الشاذة المتطرفة التي تبثها هذه الجماعات.

 - كيف يتعامل المرصد مع كتائب التيارات الإرهابية ومنها الإخوان التي تتصيد أجزاء من بيانات المؤسسات الدينية لشن هجوم والإساءة إليه؟

نتعامل مع المؤسسات الكبرى، ونصل إليهم صوتنا بشكل رسمي، لنلعمهم أن مصدر الأزهر هي البوابة الكبرى والأولى والرئيسية والأهم لتوصيل المعلومات للجميع، وتوضيح أنه يمكن معرفة كل ما يخص مؤسسة الأزهر وشيخها وكلماته في المحافل الدولية بمختلف أنحاء العالم بحوالي 12 لغة من خلال موقعنا الرسمي، لأن الأزهر هي المؤسسة التاريخية التي ينظر إليها الجميع من كافة ربوع الأرض.

ومن المقرر أن تعمل الوحدة الإعلامية على التصدي لهذه الجماعات خصوصًا على مواقع التواصل الاجتماعي لانتشارها سريعًا، لأن دورنا ليس قاصرًا على إصدار بيانات وإنما أيضًا الوصول إلى أكبر شريحة، من خلال الوسائل المختلفة.

 - للمرة الأولى يعلن الأزهر أن الإخوان تسير على خطى داعش.. هل تم حساب رددود الأفعال قبل هذا الإعلان؟

نحن معنيون برصد كافة وسائل الإرهاب والأفكار المتطرفة بمختلف الأنحاء خاصًة على مواقع التواصل الاجتماعي، سواء كان مصدرها «داعش» أو «الإخوان» أو أي جماعات أخرى، وما نقدمه يكون بهدف التوعية وتصحيح المعلومات لذا لا يهمنا اسم الجماعة بقدر ما يبثوه من أفكار وكيفية مكافحة هذه الأفكار حتى لا تصل للشباب، وما يعنينا هو تصحيح المفاهيم لدى الشباب التي يتم استغلالها بإسم الدين لافتقارهم للكفاءة والوعي الكامل، وما يهمنا في المقام الأول «الفكرة المتطرفة»، لذا ندعو كافة دول العالم لنبذ العنف، وعدم استخدام السلاح، ونعالج هذه الأفكار بالطرق المختلفة، وخلال الأيام المقبلة سيكون هناك بث مباشر من المرصد للتفاعل مع الناس، وعندما يثبت وجوده سيتحول لعدة لغات.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا