حوار| رئيس قسم الآثار المصرية في اللوفر: «مصر أمة كبيرة وأكثر البلدان ذكرًا في الكتاب المقدس»

متحف اللوفر
متحف اللوفر

فينسان روندو الأمين العام لقسم الآثار المصرية القديمة في متحف اللوفر، هو عالم مصريات شهير له عدة مؤلفات عن الحضارة المصرية منها كتاب «آخر وجوه الآلهة المصرية» و«تبتنيس الثاني».

ويشارك اللوفر فى تنظيم معرض توت عنخ آمون فى باريس بإلقاء الضوء على قطعة أثرية فرعونية هى تمثال الإله آمون وهو يحمل ويرعى الملك الصغير توت عنخ آمون، وأكد روندو أن اللوفر يسخر كل إمكانياته الفنية والتقنية حتى يظهر معرض توت عنخ آمون المنتظر فى قاعة «لاجراند هال» فى أجمل وأبهى صورة.
 

لماذا تبهر مصر وحضارتها الفرنسيين؟

سبب انبهارنا بمصر هو سبب تاريخي، فنحن ورثنا الرومان والإغريق فى عشقهم لهذه الحضارة العظيمة. وبخلاف ذلك فمصر أمة كبيرة، وهى أكثر البلدان ذكراً فى الكتاب المقدس. لذا فإن العاملين التاريخى والدينى جعلا مصر أكثر من أى بلد آخر فى ذاكرة وثقافة الفرنسيين. ولا ننسى أن علم الآثار المصرية قد بدأ بشكل ملموس مع بداية القرن الـ 19 مع وصول نابليون إلى مصر، ومن وقتها بدأ ما يسمى بالـ«ايجيبتومينيا» أو الجنون بالفنون والموروث الفنى والحضارى المصري.

ومن هنا بدأ الفن يجد مكاناً تدريجيا فى النماذج الكلاسيكية للفنون فى الثقافة الفرنسية والأوروبية، وعندما فك شامبليون رموز اللغة الهيروغليفية عام 1822، أخذ الاهتمام بالتاريخ الفرعونى بعداً آخر، وتبعه افتتاح القسم المصرى فى متحف اللوفر عام 1827 وكان شامبليون أيضاً مديراً لهذا القسم. وتوالت اكتشافات الكنوز الفرعونية بعد ذلك. ويمكننا القول إن اكتشاف أسطورة الملك المذهب توت عنخ آمون قد أعادت إحياء هذا السحر وهذا الانبهاز بالكنوز الرائعة للفراعنة.


لماذا يرعى متحف اللوفر هذا المعرض؟


متحف اللوفر يحوى بين جنباته واحدة من أجمل مجموعات الآثار المصرية فى العالم، ومع ذلك لا يوجد شىء بالطبع يقارن بالثروات الفرعونية التى تحويها المتاحف فى مصر وعلى رأسها المتحف المصرى فى التحرير، وقريبا جداً المتحف المصرى الكبير بجوار الأهرامات، والذى سيكون المحطة الأخيرة لكنز توت عنخ آمون الذى يقوم بجولته العالمية الآن. وعندما طلب منا أن نرافق رحلة هذا الملك العظيم، كنا فى أشد الحماسة للمشاركة فى احتفالية استقباله فى باريس لأول مرة منذ 50 عاماً.

كما أننا نقدم للمعرض تمثال الإله آمون راعى الملك الذهبى وهو التمثال الموجود فى القسم المصرى فى متحف اللوفر. بخلاف ذلك نقوم بتنظيم معرض مواز فى ساحات المتحف الفرنسى يدور حول»وادى الملوك» فى الأقصر والاكتشافات الأثرية وأيضاً أعمال النهب التى لم تطل لحظنا السعيد كنوز توت عنخ آمون.


حدثنا أكثر عن تمثال الإله آمون المصنوع من حجر الديوريت والذى سيعرض بجانب كنز توت عنخ آمون.؟


المعلومات المعروفة عن توت عنخ آمون نادرة جداً ولولا اكتشاف مقبرته ربما لما عرفنا عنه أى شىء عنه. ومن التماثيل التى اكتشفت بعيداً عن الكنز وتشير إلى الملك الصغير هو تمثال من حجر الديوريت للإله آمون يحمل توت عنخ آمون ويرعاه، وعند اكتشافه بالقرب من معبد الكرنك عام 1857 كان وجه آمون مصوناً كما لو فى حالته الأصلية بينما كان رأس توت عنخ الصغير مقطوعاً لإخفاء هويته.

ويمكن القول إنه رغم محاولات الملوك اللاحقين طمس شخصية الملك الذهبى إلا أن آمون قد نجح فى حمايته ورعاية كنزه إلى أن وصل إلينا فى أمان.

ورغم أن حورمحب الملك الذى تلا توت عنخ آمون قد أمر بتكسير كل التماثيل والإشارات إلى الملك السابق له، إلا أنه على ما يبدو أن العامل المكلف بتكسير تمثال الملك آمون كان أمياً لذلك لم يمح الكتابات التى تشير إلى وجود توت عنخ آمون وبالتالى ترك لنا دليلاً نادراً ساعد على اكتشاف الكنز بعد ذلك. وبالتالى فهذا التمثال الرائع هو مكمل لكنز المقبرة العظيم.


ماذا تتوقع لهذا المعرض المنتظر؟


فى 1967 عندما تم عرض 50 قطعة فقط من الكنز بالقرب من الشانزليزيه، كان هناك إقبال جنونى من الفرنسيين. وبخلاف المعرض كان هناك حالة عامة من العشق ترجمت فى شكل أفلام درامية وتسجيلية وكتب ومجلدات، حتى محلات الهدايا كانت تبيع تماثيل صغيرة ولوحات تمثل الحضارة المصرية. المعرض الحالى يعرض 150 قطعة منها آثار تخرج للعرض لأول مرة من المتحف المصرى. الحدث لم يبدأ بعد وتم بيع 30 ألف تذكرة. أنا متوقع نجاحا ضخما جداً يترجم العشق الفرنسى للحضارة الفرعونية.