حكايات| مع «قبلة حلوة».. ميت يفوز بسباق العمر للخيول

حكايات| مع «قبلة حلوة».. ميت يفوز بسباق العمر للخيول
حكايات| مع «قبلة حلوة».. ميت يفوز بسباق العمر للخيول

حياة المرء لا محالة تنتهي بالموت؛ لكن تحقيق الأماني يظل مرهونًا بمدى بقاءك على قيد الحياة أو إتيان الأجل، فالأحلام لا تنقاد إلا لمثابر مجتهد وضع نصب عينيه «حلمه» وشرع في محاربة كل التحديات والصعاب لبلوغ هدفه وما يطمح إلى تحقيقه والوصول إليه.

 

ليس هناك موعد محدد أو عدد معين من الفرص، لكن بطل هذه القصة يعلم جيدا أن الفوز وتحقيق الذات لا يخضع لكم مرة «فشل»، إذ كان على يقين يدفعه لبلوغ هدفه، حتى ولو كل العالم وصمه بالفشل. 

 

الأمريكي فرانك هايز، خير مثال على ذلك، فهو الفارس الوحيد في التاريخ الذي فاز بسباق بعد موته؛ بل وكان سباقه الوحيد الذي ذاق فيه طعم الانتصار على مدار حياته، فكم حلم بتلك اللحظة التي يفوز فيها بسباق خيل، بعد سنوات من التدريب والاجتهاد والكفاح والأماني، حتى تحقق الحلم لكنه ارتبط بصدمة.

 

البداية أو لك أن تقول النهاية جاءت مع صافرة تعلن انطلاق سباق للخيل في دورة بيلمونت بارك في نيويورك، وذلك في يوم صيفي دافئ من العام 1923 ميلادية؛ حيث امتطى المتسابق «فرانك هايز» جواده والذي كان يسمى «سويت كيس أو القبلة الحلوة» منطلقا مع إشارة بدء السباق، دون أن يدرك أنه انطلق نحو موته وفوزه الإثنين معا.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| قصة حقيقية.. فضائيون هبطوا الأرض لممارسة الجنس

 

ووسط نظرات الترقب من قبل المقامرين ومتعصبي سباقات الخيول وعائلات مدينة نيويورك، انطلق المتبارون والمتسابقون وبدأوا في اجتازوا الحواجز، وكل منهم يضع نصب عينيه أن يسجل رقمًا قياسيًا يدفعه إلى الفوز مع نقطة الوصل، وحده «فرانك هايز» الذي كان كل ما يسيطر عليه الفوز ليس لتحقيق رقم قياسي، بل ليقتل في نفسه الإحساس بالفشل، فهو الذي لم يفز بسباق قط، رغم أنه كرس حياته ووقته ومجهوده للتدريب من أجل تلك اللحظة.

 

 

كسر الحواجز

 

ومن على سرج جواده بدأ «فرانك هايز» تخطي الحاجز تلو الحاجز، متخطيا معهم حواجز إحساسه بالفشل وتراقص قلبه فرحا مع بزوغ فجر الأمل الذي جاء مسرعا مع خطى جواده، الذي بدأ في تخطي المتسابقين نحو خط النهاية، ولكن يبدو أن قلبه لم يحتمل الفرحة وتوقف عن النبض تماما وإن ظل متمسكا بسرج جواده وكأنه يتمسك بحلمه في الفوز رغم موته.

 

ومع انحناءة جسده على ظهر الجواد ظن المقامرين والمشاهدين أنه يهمس للجواد في أذنه؛ لكن الغريب في الأمر أن الجواد استطاع أن يجتاز باقي المتسابقين نحو خط النهاية، ليقتنص الفوز رغم فارسه الذي فارقت روحه الحياة.

 

وما أن وصل الفارس إلى خط النهاية معلنا عن فوزه، حتى سقط من على ظهر الجواد جثة هامدة، وانطلق الطبيب ليجري الكشف الطبي عليه، ليعلن أنه توفى نتيجة ذبحة قلبية خلال السباق.

 

 

الحظ خلده

 

«فرانك هايز»، استطاع الفوز واستطاع أن يحقق حلما طالما سعى له، فاز دون أن يدرك ذلك، فاز دون أن يستمتع حتى بمذاق نجاحه، لعل موته في تلك اللحظة يعتبره البعض سخرية من القدر، أو يعتبره البعض الآخر حظا عاثرا، ولكن المؤكد أنه حلم تحقق حتى بعد الموت، بل وتعدى ذلك ليخلد اسم صاحبه الميت كما لم يخلد حيا من قبل، لأنه استحق ألا يصبح فوزا منسيا.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| أقبح قصة حب سجلها التاريخ.. وفاءً لحبيبته عاشر جثتها 7 سنوات

 

عاشق الخيل الذي لم يذق طعم الانتصار في حياته قط، وقع في هوى الخيول وسباقاتها مع أول إدراكه للأشياء، إذ ولد عام 1888 ميلادية في عائلة أيرلندية أمريكية في نيويورك، كان يعرف أن حياته مقدرا لها النهاية مع الخيول، فقد عاش وسط مدينة بروكلين مع والدته وشقيقته، ولكنه نادرا ما كان يبقى في المنزل، فلقد كرس كل وقته وطاقته وحياته للخيل.

 

 

بدايات عاشق الخيل

 

عمل فرانك هايز في بداياته كمربي للخيول، وكان ينظر إلى المتسابقين بعين الطامح بأن يكون أحدهم، وكان الخيل كل شغفه وبدأ في تدريب نفسه على امتطائها، وبدأ في الدخول في العديد من مسابقات هواة الخيل غير الرسمية لإثقال خبرته انتظارا لاقتناص أقرب فرصة.


 
جاءته الفرص لأن يكون أحد المتسابقين مع أوائل أيام شهر يونيو من عام 1923 ميلادية، وهو تقريبا في عمر الـ 35، وذلك بعد أن تعرف على سيدة من أثرياء الولايات المتحدة تملك جوادا يسمى «القبلة الحلوة» ولم تجد فارسا يمتطيه، فصارحها بأنه يستطيع امتطاء الخيل والسباق بجوادها، رفضت السيدة في بادئ الأمر لأنها رأت أن وزنه لن يسمح للجواد بأن يكون ضمن الخمس مراكز الأولى بالسباق. 

 

صنع التاريخ

 

«هايز» وعدها بأنه سيقوم بحمية لتخفيف وزنه قبل بدء السباق، ومع رغبتها في مشاركة جوادها بسباق دورة بيلمونت بارك بمدينة نيويورك لم تجد السيدة بدا من موافقتها على طلب «هايز» آملة في أن يكون أحد المراكز الأوائل بالسباق، وبالفعل بدأ الفارس الأمريكي في حميته وانخفض وزنه من 142 رطلا إلى 130، واستطاع المشاركة والفوز بالسباق.

 

المتسابقون تذكروا لاحقا وهم في غرفة الفرسان في بلمونت، كم كان متحمسا لظهوره الأول كفارس، وحينما تجمعوا على خط واحد أخبرهم عن شعوره وما يعتريه من أحاسيس، قائلا: «اليوم هو يوم جيد لصنع التاريخ»، وقد كان بالفعل فقد خلد اسمه كأول وأخر متسابق يفوز بسباق وهو ميت.