«شكري»: استمرار انتشار الأسلحة النووية يقوض حفظ السلم والأمن الدوليين

وزير الخارجية سامح شكري
وزير الخارجية سامح شكري

قال المستشار أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن وزير الخارجية سامح شكري شارك في الشق رفيع المستوى لمؤتمر نزع السلاح، وألقى خلالها بيان مصر أمام المؤتمر، وذلك في إطار الزيارة الحالية التي يقوم بها وزير الخارجية إلى جنيف.


وأوضح "حافظ"، أن "شكري" استهل كلمته بالتأكيد على استمرار مساندة مصر لرئاسة المؤتمر وجهودها البناءة الساعية لاعتماد برنامج عمل شامل ومتوازن لمؤتمر نزع السلاح، معربًا عن تطلع مصر لنجاح دورة 2019 في استعادة الدور الفعال للمؤتمر، واضطلاعه بدوره المحوري في التفاوض على المعاهدات والاتفاقيات الدولية في مجال نزع السلاح.


وأشار وزير الخارجية إلى حالة الجمود والتعثر التي يعاني منها مؤتمر نزع السلاح، والتي امتدت لأكثر من عقدين لم يتمكن خلالها من اعتماد برنامج عمل يتيح له القيام بالدور المنوط به، مطالبًا بضرورة مراجعة الأسباب التي أفضت لهذه النتيجة، ومُضاعفة الجهود لتدارك الأمر وتغيير الوضع القائم، حفاظًا على مصداقية المؤتمر، وحرصًا على قدرته على القيام بمسئولياته في تعزيز الأمن الدولي، واستعادة دوره التقليدي باعتباره المحفل التفاوضي الوحيد متعدد الأطراف في مجال نزع السلاح، مشددًا  في ذات السياق على إن استمرار حالة التأزم والجمود لا تضر فقط بدوره وبمصداقيته، بل وتكرس الانطباع بتجاهل النظرة الشاملة للمصالح الأمنية المشتركة التي تتجاوز المصالح الفردية للدول.


وأشار "شكري" إلى ضرورة تمسك جميع الدول بالتزامات معاهدة عدم الانتشار النووي نصاً وروحاً، معرباً عن قلق مصر الشديد من استمرار انتشار الأسلحة النووية في العالم، مما يقوض من متطلبات الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، ويزيد من مصادر التوتر وعدم الاستقرار في مختلف أرجاء العالم، لاسيما وأن عدم نجاح المجتمع الدولي في تحقيق عالمية المعاهدة حتى الآن أثر سلباً على جدواها، وأدى إلى استمرار عدد محدود من الدول في رفض الانضمام للمعاهدة، وتقاعس أطراف المعاهدة عن اتخاذ أي إجراءات للتعامل مع هذا الوضع، بل وصول الأمر إلى توفير الحماية للدول غير الأطراف لتستمر على مواقفها، بل وإلى انعكاس هذه التأثيرات السلبية على آليات ومخرجات مؤتمرات المراجعة، وكل ذلك يُعد عدم امتثال لأحكام المعاهدة يقتضي التعامل معه في الإطار القانوني المناسب.

ولفت المتحدث الرسمي، إلى أن "شكري" شدد على أن إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط يظل على رأس قائمة الخطوات اللازمة للحفاظ على أمن المنطقة وسلامة شعوبها، مؤكدًا أن مصر في طليعة الدول المُنادية بتحقيق هذا الهدف، والساعية بشكل ملموس لبلوغه، انطلاقًا من اقتناعها الكامل بأن الطريق إلى تحقيق السلام والأمن في الشرق الأوسط يجب أن يرتكز على مفهوم "الأمن الجماعي"، وليس مفهوم "الأمن الانتقائي"، وبما يُحقق مكاسب متبادلة لكافة الدول بالمنطقة. 

وأضاف "شكري"، أن مسألة إنشاء المنطقة الخالية في الشرق الأوسط احتلت تدريجيًا وعن استحقاق، مقدمة اهتمامات مؤتمرات مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي واجتماعاتها التحضيرية، وذلك في ضوء ارتباط التمديد اللانهائي للمعاهدة في مؤتمر المراجعة عام 1995 بالقرار الخاص بالشرق الأوسط، والذي يجب الالتزام والامتثال بأحكامه كونه يُعد جزءاً لا يتجزأ من صفقة التمديد اللانهائي للمعاهدة، لاسيما وأن التطورات ذات الصلة بهذه المسألة وكيفية التعامل معها أصبحت أحد مؤشرات نجاح أو إخفاق مؤتمرات مراجعة المعاهدة، فكان من المؤسف قيام عدد محدود من الدول بإحباط الجهود المضنية التي بذلت لدفع مسار إنشاء المنطقة الخالية خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي عام 2010، الذي طالب بعقد مؤتمر حول الشرق الأوسط عام 2012، ولم يُعقد بسبب التعمد في اتباع سياسات غير مواتية للتسويف والمماطلة، بل ووصل الأمر إلى عرقلة صدور وثيقة ختامية عن مؤتمر المراجعة عام 2015.

ونوه وزير الخارجية، بأن الاستمرار في المماطلة في تنفيذ هذا القرار من شأنه أن يعقد مجدداً منظومة مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي، لذلك طرحت المجموعة العربية مقرراً بالجمعية العامة للأمم المتحدة يكلف الأمين العام بالدعوة لعقد مؤتمر خلال عام 2019 لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وباقي أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، بُغية التوصل إلى معاهدة مُلزمة قانوناً في هذا الخصوص، والذي جاء اعتماده كرسالة من المجتمع الدولي بشأن تلك المسألة، وكخطوة تتطلع مصر إلى البناء عليها بدعوة جميع الدول إلى المساهمة بصورة بنّاءة في هذه العملية الصادقة والشاملة التي يُطلقها المؤتمر، لما في ذلك من تعزيز للسلم والأمن الدوليين، ولاسيما في ظل النص الصريح على مبدأ التوافق، وما يوفره من فرصة للتشاور بين كافة دول المنطقة، إذ أن أي نتيجة نهائية مرهونة بالإرادة السياسية اتساقاً مع مبدأ السيادة، وعدم وجود مبرر في الاعتراض أو الامتناع إلا إذا كان الهدف هو استمرار تكريس الوضع القائم وتوفير الحماية لدولة غير طرف بالمعاهدة.      

واختتم "شكري" كلمته، مؤكداً حرص مصر على استمرار المشاركة البناءة والنشطة في مؤتمر نزع السلاح وتتطلع لتقديم المزيد من الإسهامات خلال الاجتماعات المختلفة التي تشهدها أجندة نزع السلاح هذا العام، لاسيما في هذا الإطار الدورة الثالثة للجنة التحضيرية لمؤتمر عام 2020 لمراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي المقرر عقدها في نيويورك خلال أبريل - مايو القادم، وكذلك مؤتمر إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وباقي أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط المقرر عقده في مقر الأمم المتحدة في نوفمبر من العام الحالي 2019، خاصة وأن مستقبل آليات عمل الأمم المتحدة متعددة الأطراف في مجال نزع السلاح يتوقف على إيمان كافة الدول بمقاصد وأهداف نزع السلاح ودعمها لها.