حملات المقاطعة.. هل تنجح في ترويض السوق؟

هل تنجح حملات المقاطعة في ضبط الأسواق
هل تنجح حملات المقاطعة في ضبط الأسواق

- في الدول المتقدمة.. الإعلام أكبر مساند والأغنياء يتضامنون مع الفقراء

- ارتفاع الأسعار ظاهرة سلبية تحكم السوق.. والأجهزة وحدها لا تستطيع المواجهة


لا توجد قاعدة ولا ثوابت لضمان استقرار الاسعار داخل السوق المصري.. المستهلك يجد دائما نفسه عرضة للاستغلال نتيجة لتحرك أسعار السلع بدون رابط أو سبب حقيقي.. في اقتصاديات الدول التي تطبق نظام الاقتصاد الحر تجد ان عملية العرض والطلب هي الحاكم الرئيسي في تحريك الأسعار.. ولكن هنا في مصر لا احد يعرف أسباب الاستغلال والجشع.. تجد السلعة الواحدة تباع بأكثر من سعر وهذا مقبول نظرا لاختلاف أماكن البيع ولكن من غير المقبول أن يكون هامش الربح علي سلعة محددة بين تاجر وآخر أضعاف أضعاف السعر الحقيقي.

لاعب رئيسي

لدينا تجربة جهاز حماية المستهلك والذي تم إنشاؤه خصيصا لحماية حقوق المواطنين وتطبيق حقهم الاصيل في سياسة الاستبدال والاسترجاع.. كنت عضو اللجنة العليا في جهاز حماية المستهلك لسنوات وحصلت علي الخبرات انا والذين كانوا يعملون في الجهاز قبل فترة ٢٠١١ من خلال دورات تدريبية حقيقية في امريكا والمكسيك وألمانيا وغيرها من الدول التي تؤمن بأهمية دور حماية المستهلك.. وقتها تعلمنا أن الجمعيات الأهلية هي لاعب رئيسي في السيطرة علي السوق من خلال حملات المقاطعة والتوعية والردع وتطبيق القانون.. كلها أدوات تضمن للمستهلك الحصول علي حقة لأن الشركات الكبري تخاف علي سمعتها وترفض التلاعب بحقوق المستهلكين.

تجربة الجهاز الحالية قد تكون ناجحة طبقا للأدوات المتاحة ولكنها في حاجة إلي دعم اكبر وامكانيات اكثر مع اتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من جمعيات حماية المستهلك الأهلية وان يسمح لها بتلقي الشكاوي والتعامل مع ظواهر انفلات الاسعار بجانب كشف الحقائق للمستهلكين بشفافية لضمان حصول كل مواطن علي حقة كاملا.. بجانب تنظيم حملات توعية وخاصة في المناطق الريفية او المناطق الفقيرة لانهم لا يعرفون كيف يحصلون علي حقوقهم التي كفلها لهم الدستور والقانون.

سلاح المقاطعة

تابعنا خلال الأشهر الماضية انطلاق حملات للمقاطعة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمفاجأة انها كانت ناجحة واستطاع المواطن من خلالها الحصول علي حقة وأجبار التجار علي خفض الاسعار.. حملة »خليها تعفن»‬ اثرت بصورة مباشرة علي اسعار الخضروات والفاكهة.. حملة »‬خليها تصدي» اصابت سوق السيارات بالشلل ومازالت الحملة مستمرة رغم تراجع اسعار السيارات الا ان الجديد هذه المرة ان من يقودون الحملة لديهم دراية بسوق السيارات وأسعارها في الخارج وهم يرون ان هامش الربح مازال مرتفعا واعتقد ان صمود المواطنين قد يجبر التجار والمستوردين علي خفض الاسعار من جديد.

المنافذ المتنقلة

حقوق المستهلك في أي دولة يجب أن تكون محفوظة بالقانون.. وتجربة الدولة المصرية في توفير منافذ متنقلة وثابتة لبيع السلع الأساسية بأسعار عادلة ساهم في تخفيض الاسعار بنسبة معقولة ولكن دعونا ننظر إلي الأجهزة الرقابية مثل مباحث التموين وحماية المستهلك والرقابة الصناعية وجهاز منع الاحتكار وغيرها وسنكتشف انها اجهزة تبذل جهدا كبيرا ولكنها تتعامل مع ظواهر وقتية وتحارب الغلاء طبقا لآليات السوق.. وقد تكون هذه الأجهزة ليس لها دور في تحديد الاسعار او هامش الربح في اقتصاديات الأسواق الحرة.. وهنا يجب ان نتوقف عند دور المستهلك نفسه لانه صاحب الكلمة العليا في السوق.

ثقافة جديدة

دعونا نعترف ان السوق المصري وتحديدا بعد إطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي بدأ يتعامل بثقافة جديدة في عملية الشراء وأصبحنا نشتري بالجرام وليس بالكيلو وهي ثقافة مؤثرة جدا وتطبق في كل دول العالم لانها تقلل الهالك او الفاقد في السلع وخاصة الخضروات والفاكهة بجانب انها تساعد علي تقليل الاسعار.

دعونا نتعامل مع حملات المقاطعة علي انها ثقافة جديدة يجب تطبيقها لمساعدة اجهزة الدولة في ضبط الاسعار.. ودعونا نشارك في حملات الجمعيات الاهلية المختصة بالحفاظ علي حقوق المواطنين لان دورها في الخارج مؤثر جدا.. قد تكون الظروف الاقتصادية أدت إلي تحريك بعض الاسعار ولكن ليس معقولا ان نحرك اسعار الطاقة مثلا بنسبة ١٥٪ وترتفع الاسعار بنسبة ١٠٠٪..هنا يجب ان يكون المستهلك هو اللاعب الرئيسي لأنة سيد السوق كما يطلق عليه في الخارج.

دور الإعلام

الاعلام المصري يلعب دور المساند المؤقت لانه يتعامل مع ظاهرة وبمجرد انخفاض الاسعار تختفي القضية..دور الاعلام مؤثر جدا في حماية المستهلك لأنه باختصار شديد هو الأداة الوحيدة القادرة علي كشف التلاعب.. الشركات الكبري تنفق ملايين الدولارات علي الحملات الدعائية للمنتجات.. ولكن لو شعر المستهلك ان هناك تلاعبا او سلعا تباع بجودة رديئة عليه ان يكشف امرها وهنا يجب علي الاعلام التدخل والمساندة ووقتها الشركة سوف تستجيب لانها تخشي ان يقاطعها المستهلك وتتعرض لخسائر فادحة.

الهدف

الهدف ليس تحقيق مكاسب للمستهلك وخسائر للصانع والتاجر ولكن الهدف هو العدل في البيع.. دعونا نتعامل مع المستهلك علي انه صاحب حق وصاحب دخل محدود ومطالب بسد احتياجاته من كافة السلع.. حق المستهلك في اي مكان بالعالم ان يحصل علي سلع عالية الجودة وباسعار عادلة.. الدولة وحدها لم ولن تستطيع ان تجبر الجميع علي التعامل بشفافية وهنا ياتي دور المستهلك ليكون عنصرا فعالا وحاكما لحركة السوق..
علي الاعلام ان يساند الحملات الحقيقية وليست حملات التشويه.. وأري أن المستهلك علي حق..وان دور الاجهزة الرقابية والتي تحتاج إلي دعم مع تطوير في الكوادر البشرية بجانب الجمعيات الاهلية قد يمكننا من ضبط السوق خصوصا وان شهر رمضان الكريم علي الأبواب وسنجد ارتفاعا غير مبرر في جميع اسعار السلع تحت شعار موسم رمضان.. وتحيا مصر

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي